الرأي

12 ديسمبر لإحياء الـ17 منه

عمار يزلي
  • 987
  • 4
ح.م

الآن وقد حُدِّد موعدٌ جديد لانتخابات رئاسية بعد تلك المؤجلة ليوم 4 جويلية، لم يعد الـ12 ديسمبر مجرد موعد، بل منعطفا مصيريا، تُبنى عليه آمالٌ وطموحات كبرى لكلا الطرفين: السلطة الفعلية والشعب من جهة، والمعارضة بأصنافها: المشارِكة والمُكارشة والرافضة والاستئصالية. الكل صار يعتبر الآن أن السنة المقبلة لن تكون كغيرها من السنوات، وليس كغيرها من الأشهر الماضية منذ حراك 22 فبراير. وسيأتي 22 فبراير 2020 ونكون قد بدأنا في التغيير الذي سيستمر خمس سنوات على الأقل قبل تغيير كل جهاز وآليات النظام القديم.

الرئيس المنتخَب، سيكون عليه وزرُ التغيير مع قوى التغيير الخيِّرة والفاعلة: القوى الوطنية والإسلامية والعلمانية العاقلة. أما ما تبقَّى من بقايا العصابة وامتداداتها في الدولة العميقة وأحزاب المخابر والغرف السوداء التي وُلدت من رحم بيض عصابة البليدة، فسيكون عليهم أن يعيدوا صياغة مخططاتهم تِباعا والتي رُسمت لهم من خلف البحر، وهم ينفِّذونها الآن بأمانةٍ واحترافية غبيَّة: لقد اتضح الآن حجم التلاعب بالعقول وببسطاء الناس الذي استعملوا الدين ثم الديمقراطية كواجهة لضرب الديمقراطية والدين أصلا.

الشعب في غالبيته سيذهب إلى الانتخابات، التي مهما قيل عنها وسيقول عنها الرَّافضة والانفصاليون وذوو الأجندات المريبة والسفهاءُ من الناس، وسيصوِّت بأكثر مما نتوقع، بلا تزوير ولا حشوٍ للصناديق كما فُعل بالانتخابات من قبل منذ الاستقلال. هذا ما كانت تخشاه الأقلية الإيديولوجية، التي ولأسبابٍ مريبة، وجدت في كثير من الإسلاميين المتضررين منهم في التسعينيات حليفا استراتيجيا ضد نظام الحكم والمؤسسة العسكرية التي باتت في الواقع القوَّة المعارضة الوحيدة للنظام، فيما صارت المعارضة هي السلطة القديمة التي تريد أن تبقى وتعود. وضعٌ معكوس يقدِّمه لنا العاكسون للمرآة على أن الجيش معادي للشعب، وهم العدوُّ فاحذروهم.

لأول مرة يقف الجيش مع غالبية الشعب لا مع الأقلية، بعد أن باتت قياداتُه خريجة مدرسة الثورة والوطنية من “ENITA” وشرشال وأشبال الثورة وأشبال الأمة، يقف حاميا له وحاملا لخياراته في رؤية جزائر يختار شعبُها رئيسهم عبر الصندوق وليس عبر العُلب المظلمة. لأول مرة، سيختار الشعبُ رئيسا له، مهما كانت ظروف الانتخابات التي ستعمل القوى الرافضة، على تعكير صفو هذا الموعد والتشويش عليه وعلى الهيئة المُشرفة التي كانت تطالب بها عبر مرحلةٍ انتقالية هي من تعيِّن وتحدِّد كما كان دأبُهم دوما: صناعة الرؤساء لن يكون بعد 12 ديسمبر من صنع الغرف السوداء التي يحلم أتباعُ توفيق وفرنسا والدولة “العقيمة” بالعودة إليها عبر أبواق رفض “أولاش الانتخابات” وشعاراتهم الانفصالية والمتبجِّحة بالديمقراطية والدولة المدنية وهم أبعد من الدولة المدنية، بل أبعد من الدولة الشعبية. هم مثل كولون فرنسا الذين كانوا يطالبون فرنسا الأمّ بحمايتهم من الغاشي الجزائري الأنديجان في نظام حكم مدني وليس عسكريا.. نفس الأغنية تماما نسمعها اليوم من أفواه كان الأسلافُ الميامين يعملون على ترسيخها في شكل مجتمعين في مجتمع واحد: مجتمع صغير مفيد وأقلية ترى في نفسها أنها هي المفكرة العالمة المتعلمة الفاهمة والأقوى والأجدر، وغاشي يجب أن لا يُفتح لهم الصندوق للتعبير لأنهم لا يعرفون مصالحهم.. فهم مجرد أطفال جهلة أميون، غاشي.. حتى لا نقول “بهائم” بحاجة إلى راعي وكلب حراسة.

يوم 12، سننتخب ويوم 13 سنعرف الرئيس الشعبي ويوم 17، سنُحيي ذكرى مجازر فرنسا في باريس.. بضربة مروحةٍ جديدة.. إنه التاريخ.. الرمز.

مقالات ذات صلة