-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
"الشروق" تستطلع الآراء بزيامة بعد أن عزلها الطريق

1500 عامل وإطار ومئات الجامعيين في حيرة

صالح. ع
  • 1290
  • 0
1500 عامل وإطار ومئات الجامعيين في حيرة
ح.م

الوصول إلى مدينة زيامة منصورية، المنطقة الساحلية الساحرة، الفاصلة ما بين ولايتي جيجل وبجاية، صار أمرا عسيرا، إن لم نقل مستحيلا، فبعد كارثة الحرائق التي أتت على أجمل غابات الوطن في زيامة منصورية، خلال الصائفة الماضية، جاء انهيار الطريق الوطني رقم 43 الذي يحتوي على أجمل “الكورنيشات”، بشكل شبه كلي ليعزل المدينة الهادئة، التي كانت دوما محطة ضرورية للمسافر من غرب ووسط البلاد إلى جيجل والعكس، خاصة أن زيامة منصورية تمتللك شواطئ في منتهى السحر، وكهوف عجيبة مصنفة عالميا.
“الشروق” وصلت بعناء إلى منطقة انهيار الطريق، والذي قد يكلف ترميمه فترة طويلة، وطبعا الملايير، ولاحظت الحسرة الشديدة التي يشعر بها أهل المنطقة من عمال وطلبة وتجار، وحتى من الذين يعيشون من السياحة في مدينة زيامة منصورية بعد أن كانوا يتهيأون لاستقبال السياح.
تقول فاطمة الزهراء، وهي ممرضة في مستشفى بولاية بجاية، بأنها في عطلة منذ الخميس الماضي، حيث بدأت الأسبوع بخبر انهيار الطريق، وخروجه عن الخدمة، ولم تجد حلا لمشكلتها منذ يوم الحادث، وبالرغم من تطمينات إدارة المستشفى لها، إلا أنها تريد العودة إلى عملها، لأن كل الحلول الترقيعية المقترحة أمامها، لم تستوعبها، فقد كانت فاطمة الزهراء، تتنقل إلى عملها في حدود السابعة والنصف صباحا مستقلة الحافلة الرابطة ما بين زيامة منصورية وبجاية، لتكون في مقر عملها على الساعة الثامنة والربع، لكنها الآن صارت مطالبة بصرف ما لا يقل عن خمس ساعات في الطريق، ما بين الذهاب والإياب، عبر طريق اجتنابي يقحمها في قلب ولاية سطيف عبر الطريق الوطني 77 وفي قلب ولاية ميلة عبر الطريق الوطني 27، قبل أن تجد نفسها في بجاية، وهو أمر مستحيل تنفيذه، من سيدة ربة بيت صار مطلوب منها أن تغادر بيتها على الخامسة صباحا وتعود إليه حوالي الثامنة مساء.
وحتى الطريق الاجتنابي الذي بوشر في انجازه منذ الإثنين، فهو مخصص للسيارات الخفيفة فقط ولا يمكنه استيعاب الحافلات المقتصدة في أسعارها.
أما الطالب الجامعي شاهين المتمدرس في كلية الطب ببجاية، فيرى الأمور أكثر تعقيدا عندما يقول: “الآن صار مجبرا على مصلحة الخدمات الجامعية التابعة لجامعة بجاية، أن تمنحنا غرفة جامعية، لأنه من المستحيل على طالب طب أن يسافر خمس ساعات يوميا ذهابا وإيابا، للدراسة ولم يكن يسافر أكثر من ساعة وربع في أبعد تقدير، ناهيك عن التعب في طريق اجتنابي ليس معبّدا بشكل لائق، ولا مريحا للسائق ولا لمرافقه، كما أن السيارات تتفاداه، وأقل ما نطلبه الآن هو غرفة جامعية بشكل استثنائي حتى نكمل موسمنا الجامعي بهدوء”.
وتحصي مدينة زيامة منصورية حسب مصادر محلية ما لا يقل عن 1500 عامل وإطار وموظف، يشتغلون في ولاية بجاية، كانوا يتنقلون بشكل عادي وسلس، قبل أن يُصدموا بانهيار الطريق واستحالة ترقيعه في شهور قليلة، بعد أن هوى من الأعلى إلى الأسفل.
المشكلة الكبرى التي أخذت أبعادا تجارية واجتماعية، هي أن المدينة التي هي في الأصل تابعة لولاية جيجل، ترتبط في تعاملاتها اليومية بشكل كبير مع ولاية بجاية، فالحليب والزيت ومختلف المواد الغذائية الأساسية، يتم استقدامها من ولاية بجاية وهو ما أربك التجار الذين وجدوا أنفسهم يسارعون، لأجل إيجاد حلول سريعة جدا حتى لا يبقوا من دون عمل، وحتى يوفروا المواد الأساسية لساكنة زيامة منصورية.
مهندس معماري من مدينة زيامة منصورية، قال للشروق، بأن تاريخ هذا الطريق الرائع الذي كان يُقدم في بطاقات بريدية جميلة منذ قرابة القرن، بغاباته وجباله، ظل مخصصا للسيارات السياحية الخفيفة فقط، وهو طريق سياحي في الأصل يمكن فيه مشاهدة القردة ومختلف الحيوانات من ثعالب وذئاب والطيور وزرقة البحر واخضرار الجبال، ولكنه تحول في السنوات الأخيرة، إلى طريق تمر عبره شاحنات الوزن الثقيل، وهو ما زلزل أسسه إلى أن انهار كلية.
غادرنا مدينة زيامة منصورية، وأهلها ينتظرون وينظرون إلى عدد من الخبراء الذين تم الاستنجاد بهم لأجل دراسة دقيقة وشاملة قد تعيد الطريق الذي هو بالنسبة إليهم شريان حياتهم… إلى الحياة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!