50 ألف مستثمر فلاحي مهدد بالمتابعة القضائية
قبل أربعة أشهر من نهاية آجال العمل به، وجد القانون الجديد الخاص باستغلال الأراضي الفلاحية صعوبات كبيرة في إعادة إدماج مئات الآلاف من الهكتارات التي يصنف أغلبها “أراضي عرش” في الإطار القانوني الجديد الذي أقرته الدولة منتصف العام الماضي، وإلزام أصحابها، في آجال زمنية تنتهي شهر فيفري القادم، بتقديم ملفات كاملة تسمح بإعادة تحرير عقود استغلال جديدة وفق “حق الامتياز” تربط الدولة بالمستفيدين من تلك الأراضي، تبعا لدفتر شروط يوجب خاصة استغلال الأرض فعليا ودفع رسوم مالية بسيطة نظير ذلك.
-
وتكشف أرقام معتمدة إلى غاية الأسبوع الماضي، اطلعت عليها “الشروق” لدى ديوان الأراضي الفلاحية، أن القانون نجح فعلا في إقناع نحو 162 ألف ممن يشغلون تلك المستثمرات الفلاحية المملوكة للدولة، بإيداع ملفات تطلب تكييف عقد استغلالها مع التدابير القانونية الجديدة، صنف الديوان الوطني للأراضي الفلاحية 115 ألف منها (70 بالمائة من الملفات المودعة) على أنها ملفات “مقبولة”، أصبح 62 ألف ملف منها (38 بالمائة ) جاهزا فعلا للإمضاء النهائي.
-
وعرفت التدابير القانونية الجديدة تجاوبا ملحوظا في أغلب ولايات الشمال والهضاب العليا، وبلغت نسبة إيداع الملفات من قبل أصحاب المستثمرات الفلاحية 100 بالمائة في ولاية عين الدفلى، و 92 بالمائة في سطيف و89 بالمائة في عين تموشنت، لكن النسب تنزل في ولايات منطقتي السهوب والجنوب إلى مستويات سفلية، فلم تتجاوز31 بالمائة في الجلفة و30 بالمائة في ورڤلة و44 بالمائة في خنشلة و28 بالمائة فقط في بسكرة، وهي ولايات تتربع أراضي العرش التي تدار منذ عقود بشكل جماعي من أفراد العرش أو القبيلة الواحدة، على أغلبية أراضيها الفلاحية.
-
ويعتقد مدير الديوان الوطني للأراضي الفلاحية، علي معطى الله، أن العملية عرفت نجاحا مقبولا، لكنه يقر أن نحو 50 ألف مستثمر فلاحي لا زالوا لم يودعوا ملفاتهم و45 ألف آخر لم يستكملوها، لأسباب عديدة أهمها خلافات عائلية على وراثة حق الاستغلال بعد وفاة صاحبه، وأيضا عدم اكتمال عملية النقل القانوني لحق الاستغلال لأشخاص آخرين اشتروه من أصحابه الأصليين، ويضيف معطى الله أنه صدر مرسوم ينص على تشكيل لجان يرأسها الولاة للبث في هذه الملفات الخلافية.
-
ويتوقع أن تسوّى هذه المشاكل ويتقدم مزيد من المتخلفين لإيداع ملفاتهم “لكن بعد نهاية الأجل المحدد، شهر فيفري، ستبدأ مقاضاة المتخلفين أمام العدالة واسترجاع كل الأراضي الفلاحية لإعادة توزيعها على منهم مستعد لاستغلالها وفق شروط القانون الجديد” غير أن وتيرة إيداع ومعالجة الملفات حاليا تسمح بتوقع تخلف 20 بالمائة من المعنيين، على الأقل، عن التكيف مع القانون الجديد، ما يشكل نحو نصف مليون هكتار من الأراضي الفلاحية، ويسمح القانون الجديد لديوان الأراضي الفلاحية بالاسترجاع الفوري للأراضي الفلاحية حتى قبل فصل العدالة، غير أنه سيكون من الصعب على الدولة تطبيق القانون على أراضي العرش في كثير من الولايات السهبية والجنوبية، نظرا لطبيعتها الحساسة.