-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

7 آلاف عميل منتظر في غزة!

حسين لقرع
  • 1024
  • 0
7 آلاف عميل منتظر في غزة!

ما كشفت عنه وزارة داخلية غزة عن اعتقال عدد من عناصر أمن تابعين لرئيس مخابرات السلطة الفلسطينية، اللواء ماجد فرج، بالقطاع قبل يومين، لم يكن مفاجئا؛ فقد كشفت وسائل إعلام عبرية منذ نحو شهر أنّ وزير دفاع الكيان يوآف غالانت عرض على الحكومة خطة تقضي بإدخال نحو 7 آلاف عنصر أمن فلسطيني إلى غزة للإشراف على توزيع المساعدات الإنسانية، إلا أنّ رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو فضّل الاستعانة بعشائر غزة التي تقبل التعاون مع الاحتلال حتى لا يمنح أيّ دور للسلطة الفلسطينية في القطاع، لكن فشل تجربة العشائر التي أثبتت التفافها حول المقاومة، دفع نتنياهو، فيما يبدو، إلى قبول خطة غالانت والاستعانة بماجد فرج الذي طالما أشاد قادة الكيان بـ”تعاونه الوثيق” معهم ضدّ المقاومة المتنامية في الضفة الغربية.

ومع أنّ كشف أمر هذه المجموعة الأمنية بسرعة واعتقال عدد من أفرادها، يؤكّد مدى يقظة “حماس” واستمرار سيطرتها على غزة، إلا أن ما حدث يعدّ، من جهة أخرى، مؤشّرا مقلقا، لأنّ إمكانية إدخال 7 آلاف عنصر أمن فلسطيني، على دفعات، من رام الله إلى غزة عبر رفح والمعابر الصهيونية، يعني إشغال “حماس” عن مقاومة الاحتلال وإغراقها في معركة أخرى مع هذه القوة، وتكرار تجربة المعارك الضارية التي وقعت بين الأمن الفلسطيني و”حماس” في سنة 2007، وأدّت إلى سيطرة الحركة على القطاع، وطرد السلطة منه، وحدوث الانقسام الذي لا يزال متواصلا إلى اليوم.

وهذا يعني أنّ القطاع مقبل على فتنة جديدة بين “حماس” والسلطة الفلسطينية التي ستستقوي بجيش الاحتلال مباشرة هذه المرّة خلافا لما حدث في سنة 2007، ما يعمّق الانقسام والشرخ الفلسطيني، ويجعل المصالحة مستحيلة، لكنّ الأخطر من ذلك أنّه سيزيد سكان غزة معاناة وضعفا وتشرذما في وقت يعانون فيه الأمرّين من حرب الإبادة التي يشنّها عليهم الاحتلال منذ نصف سنة، وما حدث خلالها من تدمير لكل مظاهر الحياة ومجازر وأعمال تطهير عرقي وتهجير داخلي وتجويع ممنهج للفلسطينيين، لإجبارهم على ترك غزة للمستوطنين والهجرة إلى سيناء.

كنّا نأمل أن لا تعود السلطة الفلسطينية إلى القطاع إلا بعد نهاية الحرب الحالية، وفي إطار اتفاق مصالحة مع “حماس”، تتخلّى بموجبه -على الأقل- عن عار “التنسيق الأمني” مع الاحتلال ضدّ المقاومة، لكنّ يبدو أن السلطة قد حسمت خيارها وفضّلت العودة على ظهور الدبابات الصهيونية، وتحت غطاء الإشراف على توزيع المساعدات الإنسانية، وبالتعاون مع مصر التي سمحت لأوّل دفعة أمنية فلسطينية بمرافقة قافلة الهلال الأحمر المصري، وبذلك، توجّه السلطة طعنة غادرة جديدة للفلسطينيين في ظهورهم وهم في عزّ حرب الإبادة والتهجير والتجويع.

الغريب أنّ قبول السلطة التعاون مع الاحتلال في غزة، بعد أن رفضت العشائر أداء هذا الدور الخياني، قد جاء برغم الرّفض القاطع الذي أبداه نتنياهو وأعضاء حكومته جميعا قيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود 4 جوان 1967 ولو كانت منزوعة السلاح، وقد أصدرت الحكومة الصهيونية قرارا بذلك، فلماذا تقبل السلطة الفلسطينية إرسال عناصر أمنها إلى غزة، مع ما يعنيه ذلك من إمكانية الدخول في مواجهات مسلحة مع “حماس”، وهي تعلم أنّها تقدّم خدمة مجانية للاحتلال ولن تحصل أبدا على دولة مستقلّة عبر التفاوض والمراهنة على الضغوط الدولية على الكيان؟

عندما يدخل الاحتلال 7 آلاف رجل أمن فلسطيني، وعلى مراحل، إلى غزة في عزّ الحرب لمشاركته إنهاء حكم “حماس” وتولّي ماجد فرج حكمها تحت إشراف الاحتلال، ثمّ يقنع ثلاث دول عربية أن ترسل إليها أيضا قوات مسلحة بعد نهاية الحرب للقضاء على فلولها، فهذا يعني أنّ هناك مؤامرة صهيونية – أمريكية – فلسطينية – عربية على المقاومة، وأنّ هناك قرارا اتخذته هذه الأطراف بالمشاركة الجماعية في تصفيتها.

نحن متأكّدون أنّ ما فشل الاحتلال في تحقيقه طيلة نصف سنة من حرب الإبادة الجهنمية، لن يستطيع أحد تحقيقه مكانه، وأنّ الاستعانة بقوّات من هنا وهناك لن يكون إلا ورطة حقيقية لمرسليها ووصمات عار على جبينهم جميعا سيخلّدها التاريخ، والنصر للمقاومة حتما مهما كانت التضحيات وحجم المؤامرات الداخلية والإقليمية والدولية، لكنّ إشغال المقاومة بمثل هذه المواجهات الداخلية المفتعلة سيضعفها ويؤخّر نصرها، تماما مثلما أخّرت المواجهات المسلحة مع جماعة “بلّونيس” وغيرها من الحركات المناوئة للثورة الجزائرية انتصارها على الاستعمار الفرنسي قرابة 8 سنوات.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!