الجزائر

7 سنوات حبسا ومصادرة جميع ممتلكات محمد لوكال

نوارة باشوش
  • 3898
  • 0
أرشيف
الوزير السابق محمد لوكال

أدان القطب الجزائي الإقتصادي والمالي بسيدي أمحمد، الخميس، الوزير السابق للمالية محمد لوكال بـ 7 سنوات حبسا نافذا وغرامة مالية قدرها مليون دينار جزائري مع مصادرة جميع الأموال والعقارات المحجوزة والمجمدة.

فيما برأت المحكمة كل من “ب. زين الدين” المدير المركزي المكلف بالتقارير والإحصائيات بالبنك، والمتهم “ص. محمد” من جميع التهم الموجه.

ويوم 23 ديسمبر 2022، التمس وكيل الجمهورية لدى القطب الجزائي الاقتصادي والمالي بسيدي أمحمد، الخميس توقيع عقوبة 10 سنوات حبسنا نافذا في حق الوزير الأسبق للمالية، محمد لوكال. و5 سنوات في حق كل من “ب. زين الدين” المدير المركزي المكلف بالتقارير والإحصائيات بالبنك، والمتهم “ص. محمد” وغرامة مالية قدرها 1 مليون دينار في حق كل متهم، مع مصادرة جميع العقارات والمنقولات والأرصدة الموجودة داخل الحسابات البنكية الخاصة بالمتهم لوكال ومصادرة الشقة المتواجدة بفرنسا التي تم شراؤها في 2010 بـ380 ألف أورو، فيما واجه القاضي المتهمين بالتجاوزات التي تخللت الاتفاقيات المبرمة بين البنك الخارجي الجزائري ومكتب الدراسات الأجنبي “DELOITTE” بطريقة “التراضي” و”التفضيل” بذريعة الاستعجال.

وخلال مرافعته، أزال ممثل الحق العام الستار عن الطريقة “التفضيلية” التي انتهجها المتهم لوكال محمد ومن معه، في اختيار مكتب الدراسات الأجنبي “ديلوات” على حساب مكاتب أخرى قدمت مختلف العروض، مشددا على أن الاتفاقيات وكذا اللجنة المشكلة من طرف المدير العام للبنك الخارجي الجزائري لوكال لمرافقة المكتب الأجنبي كانت “صورية” لا غير.

لوكال: سعيت لوضع  “BEA” على خط مستقيم معترف بها وهذا هو جزائي

وقال وكيل الجمهورية: “سيدي الرئيس، المتهمون في ملف الحال، محالون من طرف قاضي التحقيق أمام المحاكمة الحالية عن جنح إساءة استغلال الوظيفة، التبديد العمدي والاستعمال على النحو غير الشرعي لممتلكات وأموال عمومية ومنح امتيازات غير مبررة للغير بمناسبة إبرام عقد صفقة مع مؤسسة عمومية، عن وقائع تتعلق بالاتفاقيات المبرمة بين البنك الخارجي الجزائري ومكتب الدراسات الأجنبي “ديلوات”، وهذا بناء على مراسلة من البنك المركزي إلى البنك الخارجي بخصوص إعادة التدقيق في الحسابات، والمتهم لوكال أكد لنا ذلك أيضا”.

لكن تقول النيابة: “لاحظنا من خلال التفحص والتدقيق في تاريخ المراسلة نوعا من التماطل، بالرغم من اللجوء إلى “التراضي” مع هذا المكتب الأجنبي بذريعة “الاستعجال” على أساس أن هذا المكتب معروف لدى البنك المركزي وتعامل معه منذ 1990 وأنه زبون يتمتع بالكفاءة والاحترافية وله باع طويل في مجال الدراسات، ليتم تفضيله على باقي المتعاملين”.

وعاد وكيل الجمهورية إلى مضمون دفتر الشروط الخاص بهذه الاتفاقيات وقال: “سيدي الرئيس، عندما تقدم مكتب “ديلوات” بعرضه تم رفضه من طرف اللجنة، على شاكلة العروض المقدمة من طرف المكاتب الأخرى، باعتبار أن دفتر الشروط يقول إن المهمة يجب ألا تتعدى آجال 60 يوما، إلا أنه بين ليلة وضحاها فاز المتعامل “ديلوات” بالصفقة، بالرغم من أن المدة التي طلبها هي 210 يوم، أي 7 أشهر كاملة، ليأتي لنا المتهم لوكال محمد بذريعة “الاستعجال” وحتى يتحصل المتعامل الفرنسي على المهمة بـ”التراضي البسيط”.

وأردفت النيابة: “عندما حاولنا مناقشة مسألة التفاوض حول المبلغ الإجمالي للصفقة، لم نتلق أي جواب سواء في الملف أو من خلال ما دار في الجلسة، وحتى بالنسبة للاتفاقية الأولى المتعلقة بالتحقيق المالي الممضاة من طرف المدير المركزي المتهم بوزيت زين الدين، هذا الأخير كان على دراية تامة بأن الاتفاقية سترسو على مكتب “ديلوات”، لأنه عضو في اللجنة وساهم في إعداد دفتر الشروط.. ويا ليت لو كانت المبادرة من المؤسسة البنكية؟.. لكن للأسف في هذا المقام يمكن أن نقول إن المتهم بوزيد تلقى تعليمات”.

ممثل الحق ينظر إلى المتهمين، ثم يخاطب رئيس الجلسة: “سيدي الرئيس، ما سجلناه في هذا الملف وما دار في الجلسة هو تضارب التصريحات، لكن الثابت أن ما توصل إليه قاضي التحقيق وشهادة الشاهد تثبت لنا أن الخبرة التي قام بها مكتب “ديلوات” كانت عادية ويمكن أن يقوم بها أي مكتب عادي، وأبعد من ذلك، فإن التحقيقات أثبتت أن الجنة التي شكلها محمد لوكال لمرافقة مكتب “ديلوات” هي لجان “صورية”، وعليه، فإن أركان الجرائم ثابتة بالأدلة والقرائن في حق المتهمين”.

صححت مسار المؤسسة البنكية لتصبح “مفخرة” الجزائر

أكد وزير المالية الأسبق محمد لوكال، أن الهدف من الاتفاقيات المبرمة بين البنك الخارجي الجزائري ومكتب الدراسات الأجنبي “ديلوات” هو تصحيح مسار المؤسسة البنكية التي يشرف عليها ووضعها على خط مستقيم معترف بها، بعد أن تم تسجيل أزيد من 14 مليون عملية معلقة لعدة سنوات، مشددا على أن كل المعاملات التي قام بها كانت في إطارها القانوني مما جعل اليوم الـ “BEA” مفخرة للجزائر.

القاضي: أنت متابع بجنح إساءة استغلال الوظيفة، التبديد العمدي والاستعمال على نحو غير شرعي لممتلكات وأموال عمومية ومنح امتيازات غير مبررة للغير بمناسبة إبرام عقد صفقة مع مؤسسة عمومية، هل تنكر أم تعترف؟

لوكال: لا سيدي الرئيس، أنكر جميع التهم الموجهة إلي جملة وتفصيلا، لأن كل المعاملات التي قمت بها كانت في إطار قانوني محض.

القاضي: أنت تعلم أن وقائع ملف الحال تتعلق بثلاث اتفاقيات تم إبرامها بين البنك الخارجي الجزائري “BEA” مع مكتب الدراسات الأجنبي “ديلواتDELOITTE ، ماذا تقول في هذا الشأن؟

لوكال: أنا أكرر ما قلته لكم سيدي الرئيس.. العمليات تمت في إطارها القانوني وأذكركم بأنه في أواخر سنة 2004، تلقينا تعليمات صارمة من البنك المركزي، موجهة لـ6 بنوك عمومية، مضمونها إنجاز خبرات مالية ومؤسساتية من أجل ضبط حسابات البنوك ودفعها نحو عصرنة المحاسبة لهذه الأخيرة مع اللجوء إلى مكاتب دولية، والعملية كانت مستعجلة لاختيار المكتب، واللجنة التنفيذية هي التي قررت في فيفري 2005، اللجوء إلى مكتب “ديلوات” للقيام بهذه المهمة، وأنا في تلك الفترة لم أكن المدير العام للبنك، بل كنت أشغل منصب النيابة، وتم تنصيبي رسميا كرئيس مدير عام للبنك الخارجي الجزائري في 8 ماي 2005.

وتابع لوكال: “إذن سيدي الرئيس.. القرار تم اتخاذه في فيفري 2005 وأبلغوا به مكتب الدراسات الأجنبي “ديلوات” لتحضير نفسه، كما أن هذا المكتب كان يعرف جيدا البنك الخارجي الجزائري، لأنه في سنة 1990 قام بنفس العملية على البنوك العمومية، فضلا عن ذلك، فإن “ديلوات” عندما قدم لنا “وضعية” البنك في 2004 لم تكن مختلفة عن الوضعية التي كان عليها هذا الأخير في 1994، إذ كانت هناك 14 مليون عملية “معلّقة”، كما أن البنوك بين الفترة الممتدة من 1994 إلى غاية 2004 خسرت 430 مليون دينار دون أن تحقق نتائج ملموسة، وهذا موثق من طرف مجلس الإدارة.

لوكال: السبب يرجع إلى اختيار مكاتب محلية للقيام بعمليات إنجاز خبرات مالية ومؤسساتية من أجل ضبط الحسابات، وهناك بالضبط 15 مكتبا محليا، وكل مكتب يخدم بمفرده، ولا يوجد أي تنسيق بينها، لأن العمليات قديمة جدا يعود بعضها إلى 40 سنة، وكان من الضروري أن يكون هناك مكتب للتنسيق وتطهير هذه العمليات، وفي الحقيقة سيدي الرئيس “ما نجموش نكلوا بهذه الطريقة”، وعلى هذا الأساس قررنا اللجوء إلى مكتب “ديلوات” الذي يملك خبرة في هذا المجال لمدة تزيد عن 50 سنة.

لوكال يواصل تصريحاته: “سيدي الرئيس، حققنا مصداقية البنك الخارجي الجزائري، ونجحنا في تطهيره منذ سنة 2006 إلى يومنا هذا بمرافقة هذا المكتب الذي له باع طويل في التسيير المالي والمؤسساتي، وأصبحنا نتمتع بـ”الشفافية التامة”، لنصبح بنكا عالميا معترفا به لنتمكن عام 2008 من كسب 1200 مراسل في العالم وكنا نراسلهم بكل أريحية لننتزع مكانة عالية لنصبح اليوم “مفخرة” للجزائر وأول بنك في المغرب العربي و”شعلة نور” تشرف المؤسسات البنكية والمالية في العالم.

لوكال: سيدي الرئيس، البنك كان واضحا في تعليمته، وهي اللجوء إلى مكاتب تتمتع بالكفاءة والاحترافية في المجال المالي والمؤسساتي، وهناك 4 مكاتب في العالم سجلت حضورها القوي في الميدان، كما أن مكتب “ديلوات” قام بنفس العملية على مستوى البنك عام 1994.

لوكال: العملية معقدة وتتطلب وقتا وطلبنا تمديد الآجال.

لوكال: نعم سيدي الرئيس، كنت مديرا بالنيابة.

لوكال: نعم، كنت مع جميع المسؤولين المعنيين في اللجنة لدراسة القرار.

لوكال: لا أتذكر بالتحديد، ولكن الاجتماع عموما كان من أجل وضع الإجراءات حيز التنفيذ.

لوكال: اللجنة هي التي قررت ولست أنا شخصيا.

لوكال: سيدي الرئيس “مانيش ثابت مليح”، ولكن الإجراء تم قبل أن أتولى منصب المدير العام للبنك.

لوكال: قرر أم لم يقرر.. هناك إجراءات قد تم اتخاذها من قبل الرئيس المدير العام السابق للبنك الخارجي الجزائري.

لوكال: سيدي الرئيس، لا أستطيع أن أدقق في كل الأمور. لقد مر أكثر من 16 سنة.

لوكال: لا، لست أنا من أعددته، بل هي اللجنة التي قامت بذلك.

لوكال: كنا قد تجاوزنا الآجال المحددة.

لوكال: لا أدري.

لوكال: لا أتذكر.

لوكال: نعم سيدي الرئيس، وجدنا مناقصة واحدة تتعلق بمكتب “ديلوات” وبناء على الاستعجال قررنا التوجه إلى هذا الأخير.

لوكال: سيدي، هذه العمليات، تقوم بها اللجنة، ولست أنا من يقوم بها؟

وفي هذا الأثناء، يتدخل دفاع الوزير السابق للمالية محمد لوكال ويحتج على عدم حصوله على هذه الوثائق لتفحصها، إلا أن القاضي رد قائلا: “جميع الوثائق موجودة في الملف”.

لوكال يتقرب من القاضي: هل ممكن أن أطلع على المحضر، وبعد ذلك ردّ عليه قائلا: “في هذا الاجتماع طلبنا من بنك الجزائر تمديد الآجال، لأن ما يوجد في البنك الخارجي الجزائري، لا يوجد في البنوك الأخرى، كما قلت لكم 14 مليون عملية كانت “معلقة”.

القاضي: دفتر الشروط يقول إن المدة المحددة هي شهرين و”ديلوات” طلب 7 أشهر كاملة، كيف تمت الموافقة؟

لوكال: ربما تم التفاوض.

وكيل الجمهورية في هذا الأثناء، يتدخل ويسأل المتهم: “تم إبرام الاتفاقية الأولى بالتراضي على أساس الاستعجال، لماذا تم إبرام الاتفاقية الثانية والثالثة بالتراضي البسيط أيضا مع نفس الشريك.. هل هناك استعجال أيضا، أي مجرد ذر الرماد في العيون فقط؟”

لوكال: كما سبق وأن قلت لكم مكتب “ديلوات” قام سابقا بتقديم توصيات لنا، وهو الذي يقوم في هذه العقود بمرافقة البنك لتنفيذ التوصيات، إلى غاية تحقيق المطلوب، فالاتفاقية الثانية تتمحور حول المرافقة المنهجية والعملياتية لمسك الحسابات التي تمكن من تجسيد الأهداف المسطرة من قبل البنك الخارجي الجزائري، المتعلقة بغلق الحسابات لنشاط السنة المالية 2006، مع إنهاء الأشغال المتعلقة بالتوحيد المحاسبي الخاصة بغلق حسابات السنة المالية 2005 وتقليص أكبر عدد ممكن للملاحظات المسجلة من قبل محافظ الحسابات في الآجال المحددة بتاريخ 28 مارس 2006.

أما في ما يتعلق بالاتفاقية الثالثة، يقول لوكال: فهي تتمثل في تحديد الشروط التي تمكن مكتب الخبرة “ديلوات” من مرافقة البنك الخارجي الجزائري في مسار غلق الحسابات الخاصة بنشاط السنة المالية 2007.

ومن جانبهما، أنكر كل من المتهمين “ب. زين الدين” المدير المركزي المكلف بالتقارير والإحصائيات بالبنك، ومدير المحاسبة “ص. محمد”، التهم الموجهة إليهما جملة وتفصيلا، وأجمعا على أن قرار الإمضاء على عقد الاتفاقية تم اتخاذه من طرف اللجنة التنفيذية وكل الإجراءات التي تمت في إبرام الاتفاقيات الثلاث بين البنك الخارجي الجزائري ومكتب الدراسات الأجنبي “ديلوات”، كانت في إطار قانوني محض ووفقا للإجراءات المعمول به.

مقالات ذات صلة