جواهر
نفسانيون ينصحون بـ"رباعية الدفع" للنجاح في الامتحان

80 بالمائة من القلق عند مترشحي البكالوريا سببه الأمهات

جواهر الشروق
  • 11772
  • 1
ح.م

تضبط الأمهات عقارب ساعاتهن على موعد البكالوريا ويحرصن على تحضير أبنائهن وتهيئتهم لهذا الموعد بإتباع “طقوس” وعادات من أجل توفير جو مناسب لأبنائهم المقبلين على هذا الامتحان المصيري.

 ومن دون أن يشعرن يفرضن خناقا قاتلا ومدمرا، حيث ينقلن قلقهن وتوترهن إلى أبنائهن من خلال حرصهن الشديد والتضييق على كثير من الحريات التي كانوا يتمتعون بها.

“جواهر الشروق” قامت بجولة لتستشعر هذه الأجواء فكانت وجهتنا الأولى بعض المساجد التي وجدنا الأمهات يترددن عليها بكثرة من أجل طلب رقية الماء لأبنائهن، وهو جانب روحي عقائدي تتمسك به أغلب العائلات الجزائرية بالإضافة إلى كثير من الأدعية التي تيسر الأمور وتفرجها..

أمهات يتحولن إلى صيدليات بارعات

باتت الأمهات صيدليات بارعات أدهشننا ونحن نستمع للوصفات وأسماء بعض الأدوية التي ينصحن بها غيرهن لتقديمها في مثل هذه الحالات ليؤكدن بذلك مقولة “إسأل المجرب وماتسألش الطبيب”، وهو ماجعل أغلب الصيدليات تشهد هذه الأيام إقبالا غير مسبوق من أجل اقتناء بعض المقويات الخاصة بالذاكرة وبعض المهدئات والفيتامينات، وحتى بعض الخلطات العشبية التي تغلى وتقدم للأبناء الذين تحولوا إلى حقل تجارب لمختلف الوصفات، فهذه الخلطة تقوي الذاكرة وهذه تحارب القلق والأخرى تمنح الطاقة للجسم وهلم جرا وما على التلميذ المسكين سوى الاستكانة والسمع والطاعة.

باختصار يمكننا القول أن الأم تحوّلت إلى “مدرب” متمرس يعكف على ترويض وتأهيل “هدافها” التلميذ لأجل تسجيل هدف البكالوريا المؤهل للدور الجامعي.  

المقويات ليست علاجا سحريا

وبخصوص الإقبال الكبير على بعض المقويات الخاصة بالذاكرة والفيتامينات أكدت مريم حمادة المختصة في علم النفس والعلاج العائلي أن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد قناعة نفسية وتلك المنتوجات ليست علاجات سحرية، بل هي مجرد تفاصيل إضافية قد تريح الشخص إن هو اقتنع بضرورتها وفعاليتها والحل الحقيقي يكمن في التحضير النفسي الجيد وتقليل ضغط المحيطين بالمترشح للبكالوريا.

وللخرافات نصيب

تحتفظ بعض الأمهات بالحبل السري لمواليدهن بعيدا عن الأعين كي تمنحه الواحدة منهن لابنها أو ابنتها في الأوقات المصيرية كامتحان البكالوريا لاعتقادهن بأنه يطرد النحس ويجلب الحظ السعيد، وهذا جهل منهن وتجهيل لأبنائهن ولا تصنيف له إلا في دائرة البدع والخرافات، على حد قول سميرة التي تقول بأن والدتها أرفقتها يوم امتحان البكالوريا بحبلها السري كي تنجح وهو ما جعلها تصاب بإحباط كبير بعد إعلان النتائج ورسوبها، وهذا العام هي عازمة على التوكل على الله بعد أن راجعت جيدا دروسها لأنها فهمت أخيرا أن ما يجلب النجاح هو التوفيق والمذاكرة وليس غير ذلك.

80 بالمائة من قلق المترشحين للبكالوريا سببه الأمهات

من جهتها مريم حمادة أكدت في حديثها مع جواهر الشروق أن الأمهات هن السبب في أكثر من 80 بالمائة من القلق والتوتر الذي يصيب التلاميذ في هذه الفترة ونصحتهن بضبط النفس والتحلي بالروية والهدوء حفاظا على مصلحة أبنائهن.

التلميذ المقبل على البكالوريا، تقول حمادة مريم، مدرك جدا للضغط الذي يحيطه ومقدر لرغبة والديه في النجاح، لكن هذا الأمر يفقده التركيز ويجعل الخوف يتسلل إلى نفسه ما يسبب له جمودا في تفكيره وفي كل المقرر الدراسي الذي راجعه وحفظه.

وتضيف محدثتنا وردت إليّ الكثير من الحالات لتلاميذ ممتازين كانوا يتحصلون على معدلات 17 و16 خلال العام الدراسي، إلا أنهم كانوا يقدمون أوراق إجابة بيضاء في الامتحان وبعد جلسات علاجية تبين أنهم بمجرد الاطلاع على الأسئلة يستحضرون كل خوف وقلق أمهاتهم مايجعلهم يفقدون التركيز.

ونصحت محدثتنا الأمهات بترك الطفل على راحته وعدم تقييدة و”تكسير رأسه” بالمراجعة والدراسة طوال اليوم بل يمكنهن مساعدته في تنظيم وقته بشكل يريحه، فالبكالوريا لا تحضر في الأيام الأخيرة وإنما تبدأ من بداية السنة.

وأكدت حمادة أنها تستقبل حالات عديدة في عيادتها لتلاميذ مقبلين على البكالوريا من أجل ضبط جداول عمل وتنظيم يومهم وكيفية تحديد الأوليات في الإجابات والتعامل مع ورقة الامتحان وغيرها من التفاصيل العلمية المتعلقة بالتحضير النفسي.

“رباعية” الدفع للنجاح في البكالوريا

التخلص من البرمجة السلبية واستبدالها بطاقة ايجابية يتطلب عملا جمّا على الجانب النفسي للممتحن والأم على وجه الخصوص وذلك من خلال اغتنام الفرص المناسبة للاستيعاب وعلميا-تقول المختصة النفسية- فإن التوقيت المناسب للمراجعة والحفظ يكون بين الساعة

الخامسة مساء والسابعة مساء وتبقى بعض الحالات الأخرى حسب وتيرة الشخص وقدراته، لكن أبدا لا ينصح بالسهر الكثير إلى أوقات متأخرة.

رباعية نموذجية قدّمتها المختصة النفسية لكل من يريد النجاح والتخلص من القلق والتوتر الذي يعد السبب الأول في أي رسوب وأوجزتها في تقسيم اليوم بين الدراسة والراحة والرياضة والنوم.

فالكثير من الأولياء والتلاميذ أنفسهم يحرمون من كامل هواياتهم ويتفرغون للمراجعة بشكل مرهق، ما يحول حياتهم إلى روتين قاتل يحدث لهم تراكمات مدمرة.

وركزت المختصة النفسية على ضرورة وأهمية النوم بين 8 إلى 10 ساعات فالإرهاق الذي يسببه قلّة النوم يؤدي إلى التعب وفقدان التركيز.

البنات أكثر توترا وأقدرهن على التخلص منه

تلاميذ قلقون مكتئبون أجسادهم نحيلة ووجوههم شاحبة ووعيونهم جاحظة يتعصبون ويكتئبون لأبسط ملاحظة.. هذا حال أغلب المقبلين على البكالوريا

وفي هذا السياق أكدت المختصة النفسية من خلال تجربتها والواقع المعيش أن البنات المترشحات للبكالوريا أكثر قلقا من الذكور فهن أكثر حرصا على تحقيق رغبة أهلهم في نجاحهن كما أنهن بذلك أكثر عرضة للقلق والتوتر من غيرهم وبالمقابل هن أكثر قدرة من الذكور على التخلص من الطاقة السلبية فالبنت لا تستسلم أبدا ولا تيأس على عكس الذكور الذين قد ييأسون إذا ما لم يتمكنوا من مواكبة تلك الضغوط.

ويبقى الإصرار والعزيمة والمداومة على الدراسة أهم أسباب النجاح بعيدا عن القلق والتوتر.

مقالات ذات صلة