100 مليار سنتيم من أموال الشركة الوطنية للتنقيب في مهب الريح
لم يصدق ممثلا الشركة الوطنية للتنقيب المتهمين في قضية “خليفة بنك”، وجودهما أمام العدالة، خصوصا الرئيس المدير العام عسيلة علي، الذي بدأ الرد على أسئلة القاضي بتأثر شديد واعتبر نفسه مسبوقا كونه وقف أمام العدالة بصفة المتهم، قبل أن يؤكد أن قرار إيداع أموال الشركة في بنك خليفة كان بقرار من سابقه صاحبي داود، وهو ما أكده المتهم الثاني عماروشان عمار الذي بدا هو الثاني غير مصدق للتهمة التي وجهت له وهي نفسها الموجهة لمسؤوله السابق وهي الرشوة واستغلال النفوذ وتلقي فوائد وامتيازات، في الوقت الذي أكد الممثل الثالث للشركة “صاحبي داود” الرئيس المدير العام، أن عملية الإيداع تمت بناء على اتفاقية تم إبرامها بين الطرفين.
وقال عماروشان عمار “متهم غير موقوف“، أنه التحق بمكتب المالية والمحاسبة لرئيس الديوان بالمديرية الشركة الوطنية للتنقيب 5 جويلية 2000، حيث أودعت المؤسسة في تلك الفترة أموالها في بنك الخليفة وبلغت1 مليار دينار، واعتبر أنه لا علاقة له بإيداع هذه الأموال، وأنه لم يعمل بخصوص الملف، وبصعوبة كبيرة في الرد على أسئلة القاضي، كونه لا يتقن اللغة العربية، نفى المتهم ما جاء في محضر سماعه بخصوص إيداع أموال الشركة، وقال إنه يذكر وبالتفصيل ما سئل عنه لدى سماعه من قبل الضبطية القضائية وكذا قاضي التحقيق وصبت كلها في علاقته بالمدعوة عميروشان ليندة، وذكر بخصوص حصوله على امتيازات أنه حدث وأن وصلته بطاقة نقل لخليفة للطيران في ظرف وأنه قام بتمزيقها في أوانها، ولم يستعملها مطلقا “خوفا من أن تكون كمينا“، ونفى أن يكون قد توسط لابنته كهينة للعمل بوكالة عين الله.
من جانبه، قال المتهم علي عسيلة، الذي شغل منصب مدير عام لشركة التنقيب خلال الفترة بين 2002 و2005، أن الأموال بلغت 60 مليون دينار كقيمة أولية تم إيداعها من أجل الحصول على قرض لاقتناء تجهيزات وآليات، لأن البنك لا يمنح قروضا إلا بعد الإيداع قبل إيداع مبلغ 218 مليون دينار .
القاضي: من وقع الاتفاقية؟
علي عسيلة: داود صاحبي، ثم أنا جددت الاتفاقية لأن سلفي صاحبي داود كان قد وقعها قبلي.
القاضي: أين كنتم تودعون أموال الشركة من قبل؟
علي عسيلة: في بنك الجزائر الخارجي.
القاضي: متى كانت أول مرة تودعون فيها الأموال ببنك خليفة؟
علي عسيلة: أعتقد في 2002
القاضي: الم تستشيروا الوزارة الوصية
علي عسيلة: الوزارة قالت إنه إن كانت في الإيداع فوائد يمكنكم الإيداع، والبنك معتمد ويعمل تحت وصاية بنك الجزائر، يعني أنه مضمون ونحن كنا بحاجة إلى 70 مليارا لشراء تجهيزات
القاضي: ألم تستردوا الأموال؟
علي عسيلة: لم نسمع بوجود مشاكل، راسلنا البنك، لا أدري إن تم استرجاعها أنا غادرت في 2005، أعلم أننا ربحنا القضية في العدالة ونسبة الفوائد حددت بين 7 إلى 10 إلى 11 في المائة حسب المدة التي تبقى فيها بالبنك.
القاضي: يعني مبلغ مليار دينار و280 مليون دينار هل تم استرجاعها؟
علي عسيلة: استرجعنا 58 مليار سنتيم والباقي لا أدري..
القاضي: بطاقة النقل المجانية من أحضرها لك؟
المتهم: لما كنت داخلا إلى المكتب قدم شاب وأعطاني ظرفا عندها دخلت مكتب عماروشان، وفتحت الظرف فوجدت فيه بطاقة نقل خاصة بخليفة للطيران، ووجدت أن هناك رحلة إلى الجنوب مساء وسعدت بالبطاقة لأننا كنا نقضي يوما إلى يومين في حاسي مسعود لانتظار الطائرة، وبما أن خليفة كانت لها رحلات قلت بأنها جاءت في وقتها.
القاضي: قلت بأنك استخدمت البطاقة عدة مرات في تنقلك من حاسي مسعود إلى الجزائر واستعملتها مرة واحدة في رحلة نحو دبي، رفقة زوجتك وأبنائك؟
المتهم: والله عندما حصلت على البطاقة، لم يخطر ببالي أبدا خليفة بنك، لأنه كانت لدينا اتفاقيات مع خليفة للطيران لنقل العمال، كانت لدينا رحلات شارتر يومية ومجانا وننقل الناس مجانا والامتياز الوحيد كان أن خليفة تعود مساء. لم نفكر أبدا في أن الأمر ذو علاقة ببنك خليفة، تكلمونني عن الرشوة من رشاني إلى يومنا هذا؟ لا افهم من رشاني؟ يحاول القاضي تهدئته وإفهامه تفاصيل التهمة، بطاقة الامتيازات كانت لدى الأغلبية دون إيداع الأموال، أما بخصوص رحلة دبي لدي ثلاث أبناء بنتين وولد، ابنتي الكبرى كانت ستجتاز البكالوريا، ولتحفيزها قلت أننا سنسافر إلى دبي، لذلك طلبت منها انتظار نجاح أختها وأخيها في العام الموالي وحقيقة حصلت ابنتي الثانية على البكالوريا والابن على المتوسط، فقررت السفر وطلبت من المساعد الحجز لي نحو دبي بالخطوط الجوية الجزائرية، فأبلغوه أنه لا توجد مقاعد، وسألني إن أردت الحجز بخليفة للطيران، فقلت نعم فذهب إلى خليفة للطيران، وهنا سألوه ما إن كانت لديه بطاقة فقال نعم، وتم حجز الذهاب مع خليفة والعودة مع الجوية الجزائرية، – يتأثر ويتحول حديثه إلى صراخ – في حياتي لم تدخل منزلي قارورة ماء حرام، أنا أحارب الفساد، والله العظيم ليس لدي أي علاقة بالحرام، كنت أنتظر تعليق ميدالية شرف على العمل الذي قدمته للبلاد فوجدت نفسي أمام العدالة.
القاضي: كم دفعت نظير تذكرة السفر؟
علي عسيلة: أعلم بأنني دفعت المال ولكن لم أفرق ما إن كان الأمر يتعلق بالجوية الجزائرية أو خليفة للطيران.
القاضي: الاتفاقية مع خليفة للطيران كانت خاصة بنقل العمال؟
المتهم: كان لدينا عقد مع الجوية الجزائرية، ولكنها رفضت نقلنا إلى عين صالح، لأن العمال رفضوا المبيت في فندق دون 5 نجوم، فتنقلنا إلى خليفة للطيران حيث تم التكفل بنا
وبإنهاء القاضي أسئلته، وعلى غرار العادة لم يكن للطرف المدني أي أسئلة، قبل أن تمنح الكلمة للنائب العام: ألم يزركم موظفون في حاسي مسعود؟
عسيلة علي: في حياتي لم أر واحدا منهم
النائب العام: لماذا تركتم أموالكم في وكالة الشراڤة ولم تحولوها إلى حاسي مسعود؟
المتهم: والله لست أدري أنا عندما التحقت وجدتها في الشراڤة فتركتها هناك.
النائب العام: هل قمتم بتعويض التذاكر؟
المتهم: تواصلت مع المصفي بخصوص التعويض.
يتدخل القاضي: ولكن لماذا حولتم أموال الشركة من بنك عمومي يمنح فوائد لا بأس بها إلى بنك خاص؟
عسيلة علي: نحن أودعنا من أجل الحصول على قرض لأن خليفة بنك لا يمنح القروض إلا بعد إيداع الأموال بها، وفوائد البنك الجزائري الخارجي 8,5 وبنك خليفة11 بالمائة، لا يمكنني أن أكون أكثر ملكية من الملك بالنسبة لنسبة الفائدة بين الودائع والقروض
– يعقب القاضي بأنه كان من المفروض طرح السؤال على بنك الجزائر وليس على المتهمين بخصوص نسبة الفوائد –
محامي المتهم: الاتفاقية لنقل العمال هل كانت بدون مقابل أم بمقابل؟
علي عسيلة: كانت هناك اتفاقية وكنا ندفع المال عن طريق اتفاقيات.
المحامي: هل توقيع الاتفاقية كان بناء على دراسة مصلحة مختصة بالمؤسسة أم أن التوقيع كان تمثيليا ؟
علي عسيلة: نعم بناء على اجتمع لمجلس الإدارة
وبإنهاء الاستماع لممثلي الشركة، استدعى رئيس الجلسة، عنتر منور، الرئيس المدير العام الذي ألقى المتهمان الأولان التهم على عاتقه، المتهم صاحبي داود رئيس مدير عام للمؤسسة الوطنية للتنقيب بحاسي مسعود، الذي قال إن خليفة كان بمثابة النجم الساطع العام 2002.
القاضي: المتهم صاحبي داود كنت تشغل منصب رئيس مدير عام للمؤسسة الوطنية للتنقيب بحاسي مسعود بين 1998 و2002 عندما مارست مهامك كمدير عام ماهي البنوك التي كنتم تتعاملون معها …؟
صاحبي: كنا نتعامل مع “سيتي بنك” والبنك الخارجي
القاضي: كيف أودعتم أموالكم في بنك الخليفة..؟
صاحبي : عندما زارتنا لجنة خاصة يترأسها السيد أمالو، حيث تحدثوا معنا بخصوص رغبتهم في التعامل البنكي معهم، وكذا نسبة الفوائد وغيرها..
القاضي: كم نسبة الفوائد في بنك الخليفة…؟
صاحبي: تقدر بـ 11 بالمائة.
القاضي: ونسبة الفائدة بالبنك الخارجي وسيتي بنك
صاحبي: في البنك الخارجي 6 بالمائة وسيتي بنك من 2 إلى 3 بالمائة.
القاضي: كم بلغة القيمة الإجمالية للأموال المودعة..؟
صاحبي : أودعنا 600 مليون دينار في 2002 وبعدها 400 مليون دينار اي المبلغ الإجمالي يقدر بـ مليار دينار.
القاضي: نسبة الفوائد المختلفة بين بنك الخليفة والبنوك الأخرى هل الأمر عادي بالنسبة لكم..؟
صاحبي: نحن كنا نعلم أن البنك معتمد ومنتشر عبر أرجاء الوطن وبالتالي فإن نسبة الفوائد المقدرة بـ 5.75 بالمائة جد مغرية.
القاضي: وماذا عن الاتفاقية التي أمضتها الشركة مع الخليفة للطيران ..؟
صاحبي : نعم سيدي القاضي، وهي تدخل في إطار تعزيز العلاقات فقط.
القاضي: في مسألة إيداع الأموال هل أنتم من اتخذتم القرار..؟
صاحبي: نعم على أساس اتفاقية بطيبعة الحال سيدي القاضي.
القاضي: هل أبلغتم الوزارة الوصية أو سوناطراك آنذاك؟
صاحبي: لا سيدي القاضي لأنه ليس إجباري.
القاضي:ألم تفكروا في الخطورة التي يمكن أن تنجر من إيداع أموال الشركة في بنك الخليفة؟
صاحبي: كان الخليفة بمثابة نجم ساطع في سماء الجزائر سنة 2002.
القاضي: كيف كنتم ترون تلك الفائدة المغرية التي كان يمنحها بنك الخليفة؟
صاحبي: لا كنت أسعى إلى فائدة الشركة التي كانت تربح 9 ملايير سنويا.
القاضي: هل استرجعتم الأموال المودعة..؟
صاحبي: بلا سعينا ولكن…
القاضي:2002 تحصلت على بطاقة مجانية للسفر على متن خليفة إيرويز.
ويتدخل النائب العام ليطرح عليه السؤال التالي لما أخذت قرار إيداع الأموال في بنك الخليفة والقانون التجاري يمنعك من فعل ذلك..؟
صاحبي: لا أبدا أنا أتمتع بجميع الصلاحيات لاتخاذ قرار الإيداع.
النائب العام: يعني أنك اتخذت القرار من تلقاء نفسك ولم تفكر في المخاطر التي ستنجر عن ذلك بالرغم من التحذيرات التي تلقيتها آنذاك..؟
صاحبي :نحن لم يتم تحذيرنا لا من مسؤول ولا من أي شخص بخصوص عدم إيداع الأموال في بنك الخليفة.
النائب العام: وماذا عن البطاقة المجانية التي تحصلت عليها..؟
صاحبي: هي بطاقة الزبون فقط سيدي النائب العام.
النائب العام: اتفاقية الإيداع ليست مكتوبة بل شفهية حسب ما صرحت به سابقا أمام قاضي التحقيق..؟
صاحبي: بلا كانت مكتوبة.
النائب العام: حتى نختم 100 مليار ذهبت مهب الريح..؟
صاحبي: لا أعرف سيدي النائب العام المصفي هو من يجيب.
أصداء من المحاكمة:
– تعرض النائب العام لنزلة برد جعلت صوته ينخفض، ورغم ذلك لم يتوقف عن طرح الأسئلة
– استعان المتهمون غير الموقوفين بـ“قصاصات“ ورقية فيها المعطيات المتعلقة بتفاصيل الإيداع والتواريخ، بالنظر إلى “قدم“ القضية وتفاصيل عمليات الإيداع التي مر عليها أكثر من 14 سنة على اعتبار أن أغلب الإيداعات تمت في العام 2000 و2001
– غاب المتهم المعني بالقبض الجسدي الموثق “رحال عمار“ للمرة الثانية على التوالي، عن جلسة المحاكمة، بعد غيابه الخميس المنصرم.
– علي مزيان، محامي بنك خليفة في التصفية، طرح ثلاثة أسئلة على المتهم الأمين الوطني لصندوق التقاعد، لا تتعلق أساسا بالصندوق، قبل أن يتفطن بعد إنهائها بأنه ليس المتهم المقصود، ليعلق القاضي بأن المحامي قد يكون يعاني من إرهاق بسبب عدم النوم.
– أخلط النائب العام بين المتهم عماروشان عمار وعلي عسيلة، عندما سأل عماروشان عن بطاقة النقل المجانية التي تنقل بها إلى دبي، ما جعل المتهم يتفاجأ بالسؤال قبل أن يصحح له القاضي بأن الأمر يتعلق بالمتهم عسيلة، ويرد عماروشان “ما رحتش أنا نروح لتيزي وزو“، ما جعل القاعة تنفجر ضحكا.
– قرر القاضي عنتر منور، رفع الجلسة في حدود الساعة الخامسة على عكس باقي الأيام، وقال بأنه سيواصل يوميا سماع ثمانية متهمين بالموازاة مع استدعاء الشهود.
– واصل مؤمن خليفة التركيز في الاستماع لأقوال المتهمين مرات، والغط في النوم مرات أخرى والحديث إلى المتهمين مرات أخرى.