أنقذوا المظلومة التغبوية!
التعامل في قطاع “التغبية” بين الوزارة الوصية والنقابات، لم يعد مرحّبا به، ولم يعد طريقا آمنا للأساتذة والأولياء والتلاميذ، بل إن هذا التعاطي لغـّم “المظلومة التغبوية” وفجّرها أحيانا في وجه هؤلاء مجتمعين، من باب أن كلّ طرف يدّعي ويقول: “فولي طيّاب”!
إن منطق “التغنانت” وكذا عقلية “معزة ولو طارت“، جرّد القطاع من التربية واختزله في التعليم، وليس غريبا تبعا لذلك، أن “يضرب” التلميذ أستاذه، أو “يتحرّش” المفتش بالمعلم أو مدير المدرسة، أو “تتناطح” الوزارة مع نقابات، أو يُستخدم الأساتذة كـ“دروع بشرية” ويتحوّل التلاميذ إلى رهائن!
من الطبيعي أن تفشل الوصاية في “تقليم أظافر” النقابات، وتعجز عن قصقصة ريشهم، مثلما من البديهي بالمقابل أن تعجز هذه النقابات في “تلجيم” وتدجين الوزارة، طالما أن الطرفين يتعاركان بالتلاميذ ويختبئان خلفهم، فإذا جاءت “الضربة” تأتي في “راسهم“!
منطق حوار الطرشان وغطس الرؤوس في الرمال كالأنعام، والمواجهة بالنفاق والشقاق وضرب الرفاق، هو الذي أسّس لسياسة “تخطي راسي” وكرّس مبدأ الانتقام والثأر داخل قطاع من المفروض أنه فوق كلّ الاعتبارات!
لو فتح المحققون تحرّيات معمّقة وجدية وحيادية ومستقلة لتمّ الإعلان عن “فضيحة بجلاجل” تهزّ هذا القطاع الحيوي والحسّاس والشعبي غير القابل للتفويض أو التقويض أو الترويض!
لم تعلن النقابات يوما إضرابات وطنية أم محلية احتجاجا على الإصلاحات السابقة واللاحقة، ولا على المستوى الدراسي أو العتبة أو نتائج الامتحانات والشهادات الرسمية ومن بينها البكالوريا، كما لم تحتجّ على “تجاوزات” أساتذة و“انحرافات” تلاميذ وسقطات مديرين ومسيّرين، ولم تحتجّ على مأساة النقل المدرسي ولا رداءة المطاعم المدرسية ولا على منحة التمدرس ولا على ثقل المحفظة ولا على مضمون البرامج وأخطاء الكتب ولا على الاكتظاظ في الأقسام!
بالمقابل، لم تخصّص الوصاية مجالا واسعا مثلما تخصصه اليوم لأزمتها وحربها مع النقابات، للغوص في كلّ الذي سبق ذكره من أمهات الملفات التربوية والتعليمية، ولم تُبرمج سلسلة حوارات مفتوحة لكلّ ذلك، مثلما لم تستدع أو تدعو “الشريك الاجتماعي” للنظر في مستوى التلاميذ أو تقييم نتائج التحصيل العلمي بمختلف الأطوار والامتحانات!
هذا سبب من الأسباب الحقيقية والمباشرة لبقاء القطاع رهينة شدّ ومدّ وجزر وكسر وعصر وزبر، واختزاله في علاقة “عداء” وكرّ وفرّ بين قيادات نقابية ووزراء يتداولون على حقيبة تحمل أوراق المصيبة!