مخاوف من تحوّل التقارب المغربي الفرنسي إلى “مؤامرة” على القضية الصحراوية
زاد التقارب المغربي الفرنسي مؤخرا، من مخاوف جبهة البوليزاريو، من عودة فرنسا إلى عادتها القديمة في دعم نظام المخزن على حساب مطالب الشعب الصحراوي المشروعة في تقرير مصيره.
وربط متابعون بين عودة الدفء للعلاقات المغربية الفرنسية التي عانت من الجمود طيلة نحو سنة، وبين اقتراب موعد انعقاد مجلس الأمن الدولي، الذي وضع في أجندته مناقشة القضية الصحراوية، التي تعتبر من أعقد القضايا التي واجهتها الأمم المتحدة وأطولها عمرا.
ومعلوم أن فرنسا كانت سببا في تعطيل العديد من القرارات الدولية الداعمة لحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره على مستوى الأمم المتحدة، بسبب انحيازها لوجهة النظر المغربية، ولعل الجميع لا زال يتذكر كيف وقفت باريس ضد مقترح توسيع مهمة المينورسو في الصحراء الغربية، لتشمل مراقبة حقوق الإنسان.
وكانت العلاقات المغربية الفرنسية قد بدأت تتلبد بالغيوم منذ فيفري 2014، بسبب استدعاء قاضي تحقيق فرنسي، مسؤول المخابرات المغربية عبد اللطيف حموشي، الذي كان برفقة وزير الداخلية المغربي في باريس، للاستماع إليه في قضية تعذيب راح ضحيتها مواطن فرنسي من أصل مغربي.
غير أن الزيارة التي قادت وزير العدل المغربي مصطفى الرميد لفرنسا في نهاية الشهر المنصرم، وتوقيعه رفقة نظيرته الفرنسية، كريستيان توبيرا، على اتفاق للتعاون القضائي، ثم زيارة العاهل محمد السادس لباريس، أنهى حالة الجفاء التي طبعت العلاقات الثنائية.
ومن هذا المنطلق جاءت المخاوف الصحراوية من أن تكون عودة المغرب لتطبيع علاقاتها مع باريس، لأن هذه العودة تزامنت واقتراب موعد انعقاد مجلس الأمن الدولي، وهو ما عزز الشكوك من أن يكون هذا التقارب على حساب معاناة الشعب الصحراوي.
ويرى متابعون ومن بينهم أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر، أحمد عظيمي، أن الأمم المتحدة تبدو هذه المرة عازمة على إحداث اختراق في جدار الأزمة الصحراوية، وقال: “الاتجاه السائد في أروقة الهيئة الأممية هذه المرة، يصب في مصلحة الشعب الصحراوي، وهو ما زاد من مخاوف المغرب من أن تخسر المعركة دبلوماسيا“.
وتابع عظيمي في اتصال مع “الشروق” أمس: “لا أتصور أن التقارب الحاصل بين الجزائر وفرنسا على عديد الأصعدة، سيسمح لفرنسا بالعودة إلى ممارساتها السابقة، وخاصة عندما كان اليمين هو الماسك بزمام السلطة في باريس“، مستشهدا بما حصل في سبعينات القرن الماضي عندما شاركت طائرات حربية فرنسية إلى جانب سلاح الجو الملكي المغربي في حرب الصحراء.
وتابع الضابط السابق: “إذا حدث وانحازت فرنسا هذه المرة للطرح المغربي بخصوص حل الأزمة الصحراوية، فيمكن اعتبار ذلك ضربة قاسية للسلطات الجزائرية، التي قدمت الكثير من التنازلات من أجل إعادة تطبيع علاقاتها مع السلطات الفرنسية“.