-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

دفاعا عن الإرهاب.. 1/2

التهامي مجوري
  • 1681
  • 2
دفاعا عن الإرهاب.. 1/2

الإرهاب مصطلح سياسي، وضعه الغرب وصفا لكل من استباح جميع الوسائل في معارضة الغرب وطروحاته، دفاعا عن حقه في الحياة، وفي العيش الكريم، بعيدا عن تأثيرات الغرب ومصالحه، سواء في المرحلة الاستعمارية أو المرحلة التي بعدها، ومنهم من أطلق هذا المصطلح على كل من استعمل العنف في فرض أفكاره ومعتقداته.

 وإذا جاز إقرار هذا المصطلح فيمن اختار العنف سبيلا في نضاله، باعتبار أن الحفاظ على الحريات من أثمن ما يمتلك الإنسان، فلا يمكن إقراره في حق من كان فعله ردا على استفزاز من خصم حقود، والتاريخ حافل بمثل هذا المنطق وذاك، فنقتصر في هذه الوقفة على من كان فعله ردا، ونرجئ الكلام عن الطرف الآخر لمناسبة لاحقة إن شاء الله.

والدفاع عنه ليس دفاعا عن باطل معلوم البطلان، أو فساد بيّْن الفسااد، وإنما هو دفاع عن مناطق رمادية، ليست بالسوداء ولا  بالبيضاء، وإنما هي رمادية تحمل في طياتها، الكثير من الحق والباطل المراد إخفاؤه وإظهاره، والكثير من الحقائق والأباطيل، التي يراد إخفاؤها وإظهارها أيضا؛ لأن الصراع القائم بين الغرب وخصومه، من جميع أهل الثقافات الشرقية عموما وعلى رأسهم المسلمين، يعتمد فيه الغرب على التعمية قدر الإمكان، واستبعاد الوضوح بقدر ما يسعد الانسان بالفهم، وقد صور ذلك مالك بن نبي رحمه الله في كلامه عن الصراع الفكري وآلياته، عبارة هامة مفادها أن الاستعمار، لا يريد في المسرحيات التي يديرها، أن تكون الإضاءة في خشبة المسرح، وإنما يريدها موجهة إلى المتفرجين، اما الخشبة فينبغي أن تبقى مظلمة. وما يساعده على ذلك، امتلاك العلم والقوة والإعلام، أما أهل تلك الثقافات المغلوبة، فلا حيلة لهم إلا الانقياد أو الانتقام، بسبب الجهل والضعف والفقر..، من غير التفات لما يترتب عن هذا الموقف أو ذاك من مآسي، فكانت المهازل التي هزت العالم، رغم أنها لا تملك من الشرعية والمعقولية، إلا بالقدر الذي يحقق المصلحة الغربية المحضة، بجميع أبعادها ومقتضياتها.   

فأيام الثورة الجزائرية كان المجاهدون الجزائريون في عرف الاستعمار وإعلامه إرهابيون..

المقاومة أيام غزو اليهود لبيروت في ثمانينيات القرن الماضي إرهابيون..

المجاهدون داخل فلسطين من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار كلهم إرهابيون..

الجماعات المسلحة في كل مكان في أمريكا اللاتينية وفي أفغانستان وفي الصومال وفي الغرب.. كلهم إرهابيون..

والقاسم المشترك بين هذه الفئات كلها، هو أنهم مسلمون، أو حركات تحرر، أو مجموعات دينية وثقافية وفئات شعبية، لم يعترف لها بحقها في الحياة في مجموعة بشرية ما، تبحث عن استقلالها واستكمال تحررها، أو انتقاما من محتقر لقيمة من قيم يؤمنون بها.

وهذا الخط في طبيعة الصراع الذي بين الغرب وخصومه مقرر في جميع مراحل الصراع بين الغرب وخصومه في العالم، ولكن المستغرب الآن، هو هذه الحملة المسعورة التي يشارك فيها الجميع، بمن في ذلك المتضررين من الغرب وقيمه المستبدة القاهرة.

ورغم أن هذا الذي يسميه الغرب إرهابا وتبعه باقي العالم، تحوم حوله مائة سؤال وسؤال..

من وراء هذه الوقائع المنسوبة للإرهابيين؟ وما علاقة هذه العمليات بالتحولات التي يشهدها العالم؟ ما هوية القائمين على هذه الأفعال؟ الذين يفترض فيهم حدا أدنى من الشهرة، لو كان لهم مشروعا، ما هي الأهداف من هذه الأعمال وما حجم مكاسب القائمين عليها؟

كل هذه التساؤلات وغيرها، لا تسعف المرء على الاستقرار على رأي، فيما يقع من الأحداث الموسومة بالإرهاب.

إن الوقائع التي مرت على العالم لم يستقر فيها الأمر على رأي واحد محدد. فقصة 11 سبتمبر 2001، تبنتها القاعدة وصدر كتاب في حينه يحكي القصة من بدايتها، ونشر الكتاب في أحد المواقع الألكترونية، ولكن بعد يومين اختفى، وانا شخصيا قرأت قسما منه ولكن في اليوم لموالي بحثت عنه لتحميله لم أجده، ثم دخل المحققون الإعلاميون على الخط فشككوا في “سلامة المؤامرة”؛ لأنهم انتبهوا إلى أن البرجين ضربا من الفوق، ولكنهما انهارا تماما كأنهما ضربا من تحت، كما نشرت معلومات يومها عن غياب أربع آلاف يهودي عن العمل في البرجينن وهذا يفتح بابا لضلوع اليهود في العملية، وبعد ان قرر الأمريكان غزو العراق وأفغانستان ومحاربة الإرهاب بتواطؤ دولي، ازداد الأمر وضوحا أن قصة البرجين فيها أكثر من “إن”، وفي الأخير تبين أن الإدارة الأمريكية كانت على علم بالموضوع، قبل وقوعه بشهرين، حسب رواية ضابطة من المخابرات المركزية الأمريكية، وكشفت الكثير من الأمور، ابتداء من التصوير الدقيق للوقائع وتحميل شركة تأمين يابانية تعويضات المتضررين من المأساة، حيث أن هذه الشركة تعاقدت مع البرجين قبيل الواقعة… والحكايات كثيرة.

وإذا كان غزو العراق وأفغانستان واضح في أهداف الأمريكان، فإن محاربة الإرهاب غير مفهومة،ـ إلا في صيغة واحدة، وهي محاربة القاعدة التي صرح قائدها أسامة بلادن أن حركته تستهدف أمريكا، والقاعدة أيضا تحوم حولها الكثير من الشبهات، وذلك ليس في التشكيك في شخصية بن لادن، أو عمالته وعمالة عناصره، وإنما في هذه الوقائع المنفصلة عن كل مناسب ومعقول.

إن أسامة بلادن رجل أعمال سعودي التحق بالجهاد الأفغاني أيام الحرب الأفغانية السوفييتية، وتأثر كثيرا بالشيخ عبد الله عزام رحمهما الله، وكانت النية بينهما مبيتة على أن يحموا المجاهدين العرب من الدخول في الخلافات الأفغانية، فأنشأوا دارا للضيافة في باكستان يستقبلون فيها العرب القادمين للجهاد، وكانت في النهاية هي الدار الكبيرة التي تجمعت فيها القوى الفاعلة من المجاهدين العرب..، وكان المشاع بينهم أن تحرير أفغانستان لا يعقبه فعل ذو قيمة إلا تحرير فلسطين، لا سيما أن الشيخ عبد الله عزام الفلسطيني، لم يكن يرى أن هناك مشكلة أخرى في العالم بحجم قضية فلسطين، ولكن الذي ظهر بعد ذلك هو نشأة التوجهات التكفيرية التي بدأت تنشغل بقضاياها أخرى أقل أهمية، فأصبح كل قادم من بلد يرى أن إقامة شعيرة الجهاد في بلاده هي الأولى، فتسربت الأفكار التكفيرية إلى أذهان الشباب فكفروا الأنظمة ثم كفروا الساكتين على الأنظمة ثم انتقلوا إلى تكفير العاملين في هذه الساحات الوطنية، وأخيرا تكفير كل من لا يشاركهم أو يقرهم على ما يقولون ويفعلون، وقد كان الشيخ عبد الله عزام أحد ضحايا هذا التوجه، ففاضت روحه عربون وفاء لقضية الأمة المركزية، وبقي أسامة بلادن الداعم الأساس لعزام، فالتف حوله شباب الأفغان العرب وربما كان أكثر وعيا منهم فوجههم إلى مقاومة الغطرسة الأمريكية في إطار تنظيم أطلق عليه إسم القاعدة، بدل التفكير في مقاتلة الأنظمة القائمة، على ما فيها من سوء.. فأصبح في عرف الإدارة الأمريكية أن أسامة بن لادن الذي كان مجاهدا في الحرب الأغانية السوفييتية، مع تظيمه القاعدة هو الإرهاب، ومحاربته أولوية دولية، ولكن هذه الأولوية ليست في مجرد مواجهته؛ لأن ذلك صعب، حيث أن هذا التنظيم يعتممد في استراتيجيته حرب العصابات، وإنما بالإختراق وتوجيه مشاريعه وتحريف مسار التنظيم واستدراج القابلين للإستدراج –ترهيبا وترغيبا-، والتحرش بكل دولة أو جهة تتعاطف معه أو تؤويه أو تناصره، ولعل مطاردة السودان والتضييق عليها كان من أسبابه أنه أراد التملص من الهيمنة ومكن لأسامة بن لادن من الاستثمار في البلاد، وكذلك سحب الدولة السعودية الجنسية السعودية من أسامة بن لادن.

يتبع

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • رضوان

    لقد وضعت النقاط على الحروف با أستاذ بارك الله فيك.

  • رضوان

    لقد وضعت النقاط على الحروف با أستاذ بارك الله فيك.