صورة لن يتحملها المخزن:”الملك محمد السادس يمنح الكأس لحليش” ؟
لماذا قبلت المغرب احتضان مونديال الأندية، الذي كان بإمكان نادي فيتا كلوب الكونغولي المشاركة فيه لو تخطى وفاق سطيف، وفي المقابل رفضت احتضان كأس أمم إفريقيا 2015؟
سؤال لم يطرحه الأفارقة المعنيون بـ“الكان” وبقية بلاد العالم وحدهم، وإنما حتى المغاربة الذين يعلمون بأن حالات “إيبولا” تم تسجيلها في الكونغو الديموقراطية ومع ذلك لم تشر الجامعة المغربية لكرة القدم إطلاقا إلى إمكانية الاعتذار عن استقبال مونديال الأندية الذي لا يملك فيه وفاق سطيف أي حظ للتتويج وحتى لبلوغ النهائي بسبب وجود فريق اسمه ريال مدريد، مع الإشارة إلى أن اليابان والصين والإمارات العربية المتحدة وحتى قطر مستعدة في أي لحظة لاستقبال مونديال الأندية من دون طرح مشكلة الاستقبال، وستكون سعيدة بذلك، حتى لو دفعت من خزينتها إلى المغرب؟
هل وزارة الصحة المغربية لها كلمة في المغرب وبإمكانها تغيير مسار التظاهرات؟ سؤال محرج آخر، جعل مجرد طرح خوف المغاربة من انتشار وباء إيبولا غير قابل للتصديق، لأن العالم هزته الكثير من الأمراض والأوبئة التي عششت في أوروبا وأمريكا وآسيا مثل السيدا وسارس، ولم نسمع أبدا عن احتياطات قامت بها المغرب تجاه هذه الأمراض المعدية، في بلد سياحي بالدرجة الأولى يدخله الملايين من السياح من كل بقاع العالم ينقلون الأمراض المميتة ومن بينها السيدا عبر السياحة الجنسية المخفية، ناهيك عن تعاطي المخدرات بكل أنواعها إذ صار المغرب الشقيق للأسف، عاصمة استيراد وتصدير وإنتاج وتعاطي للسموم، من دون أن تقرع وزارة الصحة المغربية ناقوس الخطر، كما فعلت مع إيبولا التي يمكن مراقبتها عبر المنفذ الوحيد للاعبين والأنصار. والمغرب يعلم بأن 99 بالمائة من اللاعبين الأفارقة الذين سيزورون المغرب في كأس أمم إفريقيا في جانفي القادم ينشطون في أوروبا، ولا يعيشون في بلدانهم الإفريقية، كما أن الدول التي طرق بابها الفيروس القاتل، وعلى رأسها سيراليون غير معنية بـ“الكان“، وكان بإمكان المغاربة منع دخول المناصرين أو مراقبة دخولهم ومطالبة أي مشكوك في مرضه بالمغادرة دون مشكلة.
كل هذه الأسئلة لم تجب عنها المغرب بطريقة مقنعة، بدليل أن أصواتا مغربية صارت تنتقد جهرا رفض المغرب استضافة بطولة قارية، تحقق من خلالها عودة الكرة المغربية التي اختفت بعد أربع مشاركات مونديالية مثيرة وجديرة بالاحترام، وقفزة اقتصادية وسياحية، وهو ما ربط الاعتذار والرفض باختلاط الكرة بالسياسة، الذي أصبح حقيقة في البلاد المتخلفة خاصة في جميع بلاد شمال إفريقيا من دون استثناء.
كل التقارير الكروية ترشح “الخضر“
التقارير الكروية الواردة من إفريقيا وأوروبا تؤكد أن المرشح الأول للتتويج بكأس أمم إفريقيا 2015 لو لُعبت في المغرب هو المنتخب الجزائري، الذي واصل منذ بلوغه الدور الثاني من كأس العالم بالبرازيل على نفس الطريق التصاعدي، ولاعبوه أيضا مرشحون للتتويج بالكثير من الألقاب الفردية. كما أن سياسة رئيس الاتحادية، محمد روراوة، والأموال التي ضختها الدولة لصالح المنتخب الجزائري جعلت إقناع أي لاعب من أصول جزائرية، سهل المنال، بينما تعاني المغرب من حالة الشك، بعد تضييع منتخبها بنجومه العالميين كل المواعيد الكبرى، وتعاني المغرب أيضا من شغب نجومها حيث رفض النجم الكبير عادل تاعرابت تقمص ألوان أسود الأطلس، بينما نسف نجم برشلونة القادم منير الحدادي بطريقة غريبة، كل آمال المغاربة في اللعب لمنتخب بلادهم، فظهر ضعف الجامعة المغربية لكرة القدم التي خسرت كل معاركها، ورأت أن الشك الذي زلزلها لن يُمكنها من انتزاع لقب حلمت به الجماهير وطبعا الدولة المغربية، ولأن المنتخب الجزائري لن يسافر لوحده إلى المغرب، حيث كان مقررا تنقل العشرات من الطائرات الناقلة للمناصرين، من كل المطارات الجزائرية، فإن منظر المناصرين الجزائريين وهم يحتفلون بانتصارات محتملة لمنتخب بلادهم في قلب المدن المغربية يبدو مزعجا إذا قابلته خيبة مغربية، والمنظر الذي سيزعج أكثر وربما يُحزن بعض المغاربة، هو مشهد الدور النهائي عندما يكون أحد طرفيه المنتخب الجزائري، وسيكون مثيرا لو سلّم ملك الغرب الكأس لقائد المنتخب الجزائري، وسط أفراح وليال ملاح في قلب الملعب بالألوان الجزائرية وخروج الجزائريين في سهرة شتوية باردة إلى الشارع الساخن.
أكيد أن الصورة صعب تحملها، ولو كانت بالمقلوب أيضا لصعُب على المناصرين الجزائريين تحملها، لأنه من عادة دول شمال إفريقيا أن تنتزع الكأس التي تحتضن فعاليتها، فقد فازت الجزائر بكأس واحدة عندما نظمت الدورة وفازت تونس بكأس نظمتها، وآخر تنظيم لمصر في عامي 1986 و 2006 بصم الكأس باسم مصر، ولأن العلاقة بين الجزائر والمغرب عرفت في الفترة الأخيرة بعض الهزات ليس على المستوى الشعبي وإنما السياسي، فإن المغاربة فضلوا التضحية بالعرس حتى ولو لحق بقرارهم عقوبات قاسية على نجوم الكرة المغربية ومنها احتمال منعهم من المشاركة في تصفيات كأس العالم 2018 وهو قرار سينسف أحلام جيل من اللاعبين النجوم مثل عميد بايرن ميونيخ المهدي بن عطية، من الذين يحلمون بالمشاركة في كأس العالم، وجميعهم يستحقون هذا الشرف.
الجزائر والمغرب أكبر قوة كروية في العالمين العربي والإفريقي
يوجد في إفريقيا وفي العالم العربي، بلدان اثنان فقط بإمكانهما منافسة الأوروبيين والبرازيليين في لعبة كرة القدم، بالمواهب وبهوس الجماهير باللعبة، وهما الجزائر والمغرب، ولن يتنكر لهذه القاعدة والحقيقة سوى جاحد أو جاهل للعبة كرة القدم ولتاريخها، إذ لم يبرز مع ريال مدريد وبرشلونة سوى لاعبين من أصول مغاربية وهما زين الدين زيدان ومنير الحدادي، كما أن بن مبارك ورشيد مخلوفي هما من أساطير الكرة العالمية، ولم يحقق من العرب الفوز بالكؤوس الأوربية إلا ماجر الذي قاد بورتو إلى التتويج بكأس الأندية البطلة مسجلا هدفا خرافيا بالعقب في النهائي، ولحقه المغربي نعيم الذي قاد سرقسطة الإسباني إلى التتويج بكأس الأندية الحائزة على الكؤوس أمام أرسنال بهدف خرافي من وسط الميدان في النهائي، ولن ينسى العالم فنيات الجيل القديم وما قدمه بلومي ودحلب وعصاد في مونديال 1982 وما قدمه أيضا تيمومي وزاكي وبودربالة في مونديال 1986، ومن الجيل الجديد حاجي من جهة وبراهيمي من جهة أخرى، وكل العرب يعلمون أن الجزائريين والمغاربة وحدهم من يقدرون على التألق في أوروبا مهما بلغت قيمة دورياتها، وحتى الأفارقة يعلمون بأن تألق الطوغولي أديبايور أو الكامروني إيتو مجرّد استثناءات، وقوة الجزائريين والمغاربة سواء كانوا محليين أم مغتربين لا يمكن مقارنتها مع أي منتخب إفريقي بما في ذلك نيجيريا وغانا وكوت ديفوار.
لكن المشكلة الحالية بالنسبة إلى المغاربة أن إجراء الكان في ملاعب راقية مثل ملعبي مراكش والرباط، وفي مناخ أوروبي في جانفي، وأمام الآلاف من المناصرين الجزائريين، وفي فورمة قوية للاعبي الخضر المدعمين بخبرة المونديال الذي يكاد يشبه مرحلة إعدادية للكان، قد يعني تتويج الخضر لأول مرة بكأس أمم إفريقيا خارج الجزائر، مما يجعل الفرحة في ذروتها بالنسبة إلى الجزائريين قبل وأثناء وبعد تقديم الملك محمد السادس–مكرهٌ أخوك– الكأس لرفيق حليش أو مجيد بوقرة؟