مؤتمر المانحين بالقاهرة
إنه حدث كبير عندما يلتقي أكثر من 30 وزيرا من ثلاثين دولة وأكثر من 50 وفدا في القاهرة لاتخاذ القرار والإجراء لإعادة إعمار غزة.. ويكتسي أهمية بالغة عندما تعلن الإدارة الأمريكية بضرورة التسهيلات لإنجاح المؤتمر وإنجاح عملية الإعمار.
ويحاول البعض أن يضفي أهميات سياسية عن سر اختيار مكان الانعقاد والظروف المحيطة به من جهة استعداد دول أوربية للاعتراف بالدولة الفلسطينية أو إنجاز خطوات سياسية على المستوى الدولي لصالح القضية الفلسطينية.
وبالتأكيد لابد من استشعار أهمية المؤتمر على المستوى الإنساني حيث يعيش مئات آلاف الفلسطينيين في غزة في حالة مزرية بعد أن بلغ عدد البيوت المهدمة أكثر من 80 ألف بيت.. فأصبح وفق ذلك من غير المعقول انتظار تعاقب الفصول على المهجرين من بيوتهم..
لكن هل هي عملية معزولة عما يجري بالمنطقة.. حيث ينبغي طرح أسئلة مهمة أولها: ما علاقة ما يجري بالمؤتمر بتجييش أمريكا لأكثر من ثمانين دولة في حربها على الإرهاب وداعش؟ ما علاقة ذلك بالمصير الذي ينتظر المنطقة ودولها؟ ما علاقة الإعمار بتطور عملية الاستيطان وبالعدوان المحتمل في أي مرحلة من قبل إسرائيل على غزة؟
هل يكون مؤتمر الإعمار مؤتمرا للسلام وإنهاء الصراع بمعنى أن تكون هناك ضمانات بعدم تكرار الكيان الصهيوني للعدوان وهل هناك موافقات فلسطينية على هذه الصيغ؟ أم أنه لا شيء من هذا قد حصل؟
بالتأكيد، لن يغيب عن بال المؤتمرين بالقاهرة، لاسيما الإدارة الأمريكية أنها ستكون مضحكة فيما لو تم الإعمار بدون تعهدات من إسرائيل بعد القيام مرة أخرى بتدمير ما تم إعماره.. ستكون فضيحة بلاشك لو حصل شيء من هذا القبيل..
وكيف يمكن لإسرائيل أن تتوقف عن الاعتداءات إذا أصر الفلسطينيون أو بعضهم على المقاومة في غزة واستمروا في بناء قوتهم العسكرية كما نسمع من حين إلى آخر.. هل ستسمح إسرائيل بأن تستمر المقاومة في غزة أم أن هناك تقديرا إسرائيليا كما قال يعلون يفيد: “بأن خمس عشرة سنة ستمضي قبل أن تفكر حماس في فعل شيء ما”.. وهذا التقدير يعني أن خمس عشرة سنة ستمضي بهدوء على الحدود الجنوبية.
ثم السؤال الآخر الذي ينبغي أن يبرز: هل تستطيع وليس فقط أن تحاول السلطة الفلسطينية ضبط الأمور في غزة من حيث التجنيد العسكري الذي نسمع عنه ومن حيث تعدد الخطاب السياسي.. هل تصبح غزة برأس أمني واحد وبرأس سياسي واحد أم أنها ستبقى حالة من الفوضى والتنازع السلمي أو العنفي؟
هل يستمر الإعمار أم يتعثر؟ إلى أي حد يمكن توفير فرصة للإعمار.. وهل يكون الإعمار بديلا عن كل المكاسب السياسية التي يريد الفلسطينيون إنجازها، لا سيما إعلان قيام دولتهم على حدود1967 الأمر هنا له علاقة بما يجري في المنطقة فلعلهم يريدون خدعة العرب والفلسطينيين وإكمال مهمتهم في احتلال المنطقة ومن ثم الالتفات إلى الملف الفلسطيني لتكريس إسرائيل كما تريد في المنطقة.. تولانا الله برحمته.