لصّ السطوح!
الانتخابات الرئاسية انطلقت رسميا في المهجر بالنسبة للجالية الجزائرية، ومن الملاحظات الأولية التي تمّ الإعلان عنها، أن أغلب مراكز التصويت عرفت غياب ممثلي أربعة مترشحين، حيث لم ينجح سوى المترشحين بوتفليقة وبن فليس، في تجنيد وحشد “مراقبين” لصناديق الاقتراع.
هل هكذا يشكّك المترشحون ويتخوّفون ويُرعبون “بقايا” الناخبين من هاجس “التزوير”، والتلاعب بإرادة الشعب، وهم واقعيا وميدانيا عاجزون عن تجنيد مراقبين من وسط مناضليهم والمتعاطفين معهم؟ ثم هل المترشح الذي يفشل في تعبئة حفنة من المراقبين يحرسون له أصواته، بوسعه أن يُقنع المواطنين بالتصويت لصالحه يوم الانتخابات؟
العاجز عن “دفع أجور” مراقبي الصناديق لتبديد شبهة التزوير، لا يُمكنه في أغلب الحالات أن يُقنع الأغلبية المسحوقة بإمكانية حدوث تزوير يوم الانتخابات، وإلاّ ما دام هذا المترشح أو ذاك عاجزا عن “العسّ” و”الدّس”، فلا يملك الحقّ في أن يشكـّك ويدكـّك طالما أنه غير قادر على أن “يعوم وسيعسّ حوايجو!”
ليس الناخب “الزوالي” وغير المتحزب، وغير السياسي والمسيّس، هو المُطالب بحراسة أصواته، وإنـّما الأحزاب والمترشحون هم المطالبون بحراسة أصوات الناخبين، وإلاّ فإنهم مدعوون إلى الاستقالة من الفعل الانتخابي، لأنهم ببساطة فاشلون في الإبداع واستدراج الناس بالإقناع!
البؤس والقحط السياسي هو الذي يدفع أحزابا ومترشحين إلى رفع سقف مطالب يقفون هم فاشلين في تنفيذها، فهل الذي لا يقدر على حراسة بيته يخرج للناس مستعرضا عضلاته، داعيا أبناء الحيّ والجيران إلى حراسة الشارع من “لصّ السطوح؟”
إن منطق العجوز التي أمسكت لصّا فوق سطح البيت، بهدل مترشحين وأحزابا وسياسيين ومسح بهم الأرض، لأنهم يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يقولون، و”العسّاس” الذي يبحث عن “عسّاسين” ليعسوا له “رزقه”، هذا لا يستحقّ أن يحمل في جيبه شارة الحارس الأمين!
إلى غاية أمس، فإن الأمر يتعلق بالانتخابات الرئاسية على مستوى المهجر، في انتظار الخميس القادم، ليكتمل المشهد وتتضح الصورة كاملة، ويكشف الميزان قدرة كلّ مترشح لمنصب رئيس الجمهورية، على تعبئة مراقبين يحرسون أصوات المناضلين والمبايعين والمؤمنين به وببرنامجه!
على المترشحين الذين فشلوا في حراسة الصناديق، أن “يحشموا” ولا يخرجوا إلى الواجهة مخاطبين الجزائريين ومتوسّلين إياهم ومتسوّلين عندهم، لكسب تعاطفهم وتضامنهم، بعدما لم ينجحوا في “سرقة” ثقتهم وأصواتهم “الحلال” خلال الانتخابات، فهل يُلام الناخب أم المترشح الذي لم يقدر على حماية مسانده، فكيف به لا يخونه ويستجيب لتطلعاته؟
مهمة الناخب تنتهي بخروجه من مكتب التصويت، فالذي لا يقدر على ضمان صوت هذا الناخب عليه أن لا يُوجع دماغ هؤلاء وأولئك بأنشودة النزاهة والشفافية.. فعسّ أو انعس!