-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

شعوبنا أكبر من حسابات الحكام

صالح عوض
  • 1990
  • 4
شعوبنا أكبر من حسابات الحكام

في نهاية السبعينات انتقلت من بيروت إلى دمشق بعد أن كنت خرجت قبل عدة أشهر من””كركون الشيخ حسن” بدمشق، وهو مكان للحجز قاس ومثير للرعب والخوف لدى المواطنين بتهمة لم أكن أستوعبها -إسلامي أو فدائي- وقد نلت عليها من التعذيب البدني أقل بكثير مما يتلقى الشباب السوريون الذين التقيت بهم في الكركون..وبعد أن اجتزنا بوابة المصنع النقطة الحدودية مع سوريا وكان المطر ينهمر بغزارة استجاب سائق سيارتنا، وهي تابعة لحركة فتح لطلب شخص سوري يرتدي بذلة عسكرية يريد التوجه إلى دمشق في عطلة له..كانت الحرب العنيفة الضارية لم تنته تداعياتها بعد بين حركة فتح والنظام السوري..بعد أن ركب الرجل معنا سأل الإخوة من أين فأجابه السائق: من فتح..فقال الرجل نحن إخوة ليس لنا علاقة بالسياسة السوريون والفلسطينيون إخوة ليس لنا علاقة بألاعيب السياسة وأخذ يقص علينا علاقته بفلسطين وثورتها وعلاقته مع أبوعمار الذي أهداه قبل شهرين معطفه الشخصي حين رآه متأثرا بالبرد الشديد..ولما عاد بمعطف أبوعمار للبيت أقسم على زوجته أن لا أحد يلبس هذا المعطف بعد موته وأن يظل هذا محفوظا تتوارثه الأجيال لأنه من قائد الثورة الفلسطينية..من يومها أصبح الفصل في وعيي بين الشعوب والحكام..أن الشعوب كلها أهلي وأحبتي وأما الحكام فحسب أعمالهم.

ما يجري أحيانا في ردود الفعل الشعبية على الألعاب الرياضة أو في ميادين المواجهات مع العدو في فلسطين ولبنان والعراق وسواها، يؤكد لنا أنها أمة واحدة من طنجة إلى جاكرتا هي أمتنا بكل قومياتها ومذاهبها، وهي تواجه مصيرا واحدا ومستقبلا واحدا، كما أنها تستند إلى مرجعيات واحدة ومقدسات واحدة بل ومنهج واحد، كما أن الأمة تواجه مخططا واحدا وعدوا واحدا، الأمر الذي تفهمه الأمة تماما وتعبر عنه.

من حين لأخر يطيب للحكام أن يلعبوا على وتيرة تصادم مع الأقربين من الأخوة والجيران ويسخرون لذلك إعلاميين ووسائل إعلام تنفخ في نوازع الفتنة والجاهلية ولا نريد أن نتهم النوايا أو أن نشير إلى أصابع تحرك البعض في الخفاء أو العلن..ويكون الدفع والشحن المعنوي في إثارة التنافس والنعرات الإقليمية أو المذهبية أو القومية التي تغذيها ثقافات منحطة هدفها عدم توفير المناخات الصحية لتنامي التوجهات الجادة في تمتين الأواصر بين أبناء الأمة لتحسين شروط المواجهة الحضارية ضد المشروع الاستعماري.

لفت انتباهي موقف الجمهور الرياضي المغربي وهو يحتفي بمقابلة رياضية يلعبها الفريق الجزائري وقد أبرز المغاربة موقفهم برفعهم للعلم الجزائري وهتافهم له، صحيح لم تكن هذه المرة الأولى لكن مجيئها في ظروف سياسية بين البلدين شهدت لحظات شد يعبر عن أن الشعوب لها حسابات أخرى..

وهنا نريد أن يكون واضحا أنه ينبغي أن لايتم العبث بنسيج الأخوة بين شعوب أمتنا وعدم المساس بهذا المقدس مهما كانت الخلافات بين حسابات الحكام التي ليس بالضرورة تكون صائبة..وفي هذا المستوى من الحديث يتحمل الإعلاميون مسؤولية كبيرة حتى لايكونوا أبواق فتنة وإفساد للنسيج الرائع في الأمة، قال رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم: إياكم والحالقة لا أقول التي تحلق الشعر بل التي تحلق الدين إنها إفساد ذات البين..يتولانا الله برحمته.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
4
  • جزائري

    نحن أمة واحدة لقد قالها الهواري بومدين وكرسها العلامة مولود قاسم نايت بلقاسم نريد علاقات طيبة بين الشعوب أما الحكام فهم عابروا سبيل

  • ابن الحجاز

    صالح عوض من المجاهدين بلسانهم في سبيل تحرير العالم الإسلامي من الهيمنة الصهيوأمريكية. لقد سكنت إيران أمخاخكم يا زبانية آل سلول . بكفي إيران فخرا وعزا أنها تحتضن قواعد المجاهدين الفلسطينيين ويكفي السعودية ذلا وعارا وخيانة أنها تحتضن قواعد الصهاينة والصليبيين.

  • محمود جاب الله

    شعوبنا -أيضا - أكبر من بشار وخامنئي ونصر اللات

  • الياس

    وخير دليل على كلام وقوفك الدائم والابدي مع الجزار بشار وملالي ايران ضد الشعوب العربية المستضعفة