المؤسسات العمومية استهلكت 100 ألف مليار ولم تفد الخزينة بأي فلس
عقد الوزير الأول عبد المالك سلال، عشية الخميس جلسة لتقييم ومحاسبة المؤسسات العمومية والقائمين على تسييرها، وقف خلالها عند تفاصيل عيوب ونقائص هذه المؤسسات التي وجه لها وابلا من الانتقادات، استخلص كل من سمعها أن المؤسسات العمومية تعيش “عالة” على الخزينة العمومية، بدليل أنها استهلكت ما مقداره 1000 مليار دينار لتطهير الوضعيات المالية للمؤسسات العمومية دون أن تسجل الخزينة أي مداخيل تحسب لهذه المؤسسات، التي أمر القائمين عليها بمخططات استعجالية والمبادرة الشخصية لتحرير المؤسسات من قبضة مركزية القرار والبيروقراطية.
وحسب مصادر حضرت لقاء الوزير الأول بمسؤولي المؤسسات الاقتصادية العمومية، حضره وزراء في الحكومة، فإن هذه الجلسة كانت بمثابة جلسة للحساب والمصارحة وتقييم النقائص، ومحاولة لإحياء هذه المؤسسات، وبعث الروح فيها، ولم يخف سلال امتعاضه من لا فعالية المؤسسات العمومية رغم مخططات “الإنقاذ” المتكررة التي كلفت الحكومة 1000 مليار دينار منها 900 مليار دينار وجهت لتخليص المؤسسات من الديون، فيما ذهبت 60 مليارا لدعم ميزانيات التسيير و29 مليار دينار للتكفل بالرسوم البنكية غير المسددة.
وقدم جودي أرقاما بررت عدم الرضى الذي أبانه سلال تجاه أداء المؤسسات العمومية، التي أكد جودي أنها استفادت من إلتزام بنكي بـ2138 مليار دج كانت الحكومة ترجو منه أرباحا، إلا خزينة الدولة لم تحصل سنة 2011 سوى 4.1 مليار دينار مقابل 30 مليارا قدمتها البنوك. وحمل جودي مسيري المؤسسات العمومية مسؤولية هذا الفشل الذي لا علاقة له بالدولة على حد تعبيره.
وأمام الأرقام المخيبة التي كشفها سلال، نبه هذا الأخير الى أن القطاع الصناعي في الجزائر، إذا فوت على نفسه فرصة الأزمة الاقتصادية العالمية فلن تقوم له قائمة، وأعطى الوزير الأول ضوءا أخضر لتحرير المبادرة، وطالب مسؤولي شركات تسيير مساهمات الدولة المشرفة على المؤسسات العمومية باستغلال الإمكانيات المتاحة لتحقيق انعاش القطاع الصناعي، مشيرا إلى أن الحل يكمن في لامركزية القرار، وتجاوز كل أشكال البيروقراطية وإقامة شراكات مع القطاع الخاص، واستقطاب الشركات الأجنبية التي تعاني صعوبات بسبب الأزمة في اوروبا.
وتعهد سلال برفع أي معيقات تكون محل مراسلات تصله، بتعليمات يوقعها ويتحمل مسؤولية أي قرار يتخذه، مستعجلا اتخاذ إجراءات لإسعاف القطاع الصناعي، وأعاب سلال على المجمع الصناعي للإسمنت الجزائر، العجز المسجل في هذا المجال، والذي يناهز المليوني طن سنويا والصناعة الصيدلانية التي لا يغطي مجمع “صيدال” سوى 5 بالمائة من الطلب الداخلي مقابل 35 بالمائة يغطيها المتعاملون الخواص و60 بالمائة من الاستيراد.
وإن لم يغفل سلال في اجتماعه الذي بدأ بعد الظهيرة وانتهى في حدود الساعة السادسة مساء الخميس التركيز على رهان الحكومة المتمثل في توفير مناصب شغل، أكد وزير المالية ان المؤسسات العمومية الاقتصادية ستستفيد اكثر اذا كانت اكثر تنافسية من حيث المبادرات ودخول الأسواق، وتخلت عن الاعتماد الكلي على الدولة، مشيرا إلى ان المؤسسة العمومية مطالبة بالتحرر من منطق الدولة التي لا تبحث عن الربحية.
تعليمات سلال وجدت مطالب تترصدها من قبل الوزراء، ففي الوقت الذي طالب فيه وزير السكن عبد المجيد تبون بإعادة تنظيم شركة تسيير المساهمات، أكد وزير الموارد المائية حسين نسيب ووزير الأشغال العمومية عمر غول على ضرورة تحسين ميزانية الشركات التابعة لهما، وتطوير مخططات الأعباء لتخفيف ديونها، وأشار غول إلى ضرورة رفع الضغط عن المسيرين وحمايتهم من اجل تحرير المبادرات في اشارة واضحة إلى تفعيل الأحكام القانونية المتعلقة بعدم تجريم فعل التسيير الذي جرّ عددا من المسؤولين إلى أروقة المحاكم وهو الطلب الذي قابله سلال بالتزام شخصي منه بتحمل مسؤولية أي خيار يتعلق بتحربر المبادرة.