شافيز صديقنا.. وداعا
يوارى الثرى اليوم صديق العرب والمسلمين رئيس دولة فنزويلا.. يوارى الرجل الهمام البطل وهو يبتسم للمستقبل، مستقبل المستضعفين والمناضلين بعد سنين طويلة من مجالدته للإمبريالية الأمريكية ودفاعه عن الشعوب المظلومة.. وإلى آخر لحظة في عمر البطل، كانت يده مرفوعة كهامته، يمنح المناضلين جرعات من التفاؤل، ضرورية في زمن تكاد الإدارة الأمريكية تخنق الأنفاس وتعصف بالقيم في عالم تكبله سياسات أنظمة ودول استكانت للمذلة ولإملاءات الأمريكان والغربيين.
في قاعة الجمعية العمومية للأمم المتحدة بنيويورك، وقف شافيز ليخطب بعد يوم من خطاب جورج دبليو بوش.. فاجأ الرجل الحضور بأنه أخذ يتحسس رائحة المكان بقرف شديد ثم قال إن في المكان رائحة بارود وجريمة ودم.. وطالب بمحاكمة بوش بما اقترف في العراق.. وبعدها بسنوات، شن الكيان الصهيوني حربه على غزة، فأسرع الزعيم الفنزويلي إلى طرد سفير إسرائيل.
صديقنا شافيز حليف الفقراء والمظلومين، نجح في إصلاحات كبيرة على صعيد تحسين شروط الحياة لملايين الفنزويليين. ونجح بأن جعل لبلاده سمعة دولية على خريطة العالم. كما أسهم بقوة في تغيير معالم أمريكا اللاتينية بمساندته العميقة لكل حركات التغيير فيها لتمكين أهل البلاد من التحكم في مصيرهم.
صديقنا شافيز، وقف مع العرب والمسلمين في تصديهم للعدوان الأمريكي على العراق، وتصديهم للعدوان الصهيوني على لبنان، وفي صمودهم في إيران وفلسطين.. وحرض الزعيم صديق العرب ضد مؤامرات أمريكا التي تهدف إلى تدمير الدول العربية إلى كيانات إثنية وإثارة الفتن بين مكوناتها.. فأدان العدوان الغربي على ليبيا والتدخل الأجنبي في سوريا.. ولم يتردد لحظة في الصدع بموقفه الحر جاعلا من قضايا العرب والمسلمين وشعوب أمريكا اللاتينية محور سياسته الخارجية.
أجل، إننا أحببناك يا أيها الصديق العزيز، كما أحببنا من قبل قادة من أمريكا اللاتينية لا يزال في وجداننا نور من روحهم الحرة الإنسانية. لا يزال شي جيفارا وأورتيغا وسواهم من الزعماء التاريخيين الذين وجدوا أنفسهم في حلف إنساني متين مع العرب والمسلمين في مواجهة الإمبريالية الأمركية والغربية.
أجل، إننا أحببناك، وكان بعضنا يقول بأنك رئيس عربي متميز بمواقفك وروحك الحرة إلى درجة أنك امتلكت من تقديرنا ما لم يمتلكه كثيرون من رؤساء العرب والمسلمين.. ونحن أيها الزعيم الراحل أمة تكرم أصدقاءها وتحفظ الجميل لأهله. والوفاء فينا أصيل وستظل ذكراك الطيبة في وعينا الجمعي محطة مشرقة لعلاقات لا بد من تجذيرها بين بلداننا العربية وبلدك الحبيب.
وفي الجزائر قلعة الثوار وموئل الأحرار مكانة خاصة لك ولأمثالك ممن هم تمترسوا في خندق الدفاع عن حركات التحرر وعن الإنسان وحقه في تقرير مصيره.. ولقد اخترت أنت التخندق في خندقنا وسيحفظ لك منا القلب والعقل كل ود، ونسأل الله أن يجنب بلدك مؤامرات الأمريكان لتظل فنزويلا حصنا من حصون الحرية والدفاع عن الكرامة الإنسانية.