-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

أوباما B والعرب المحترقة

سهيل الخالدي
  • 2225
  • 0
أوباما B والعرب المحترقة

عاد باراك حسين أوباما إلى البيت الأبيض الأمريكي، والعالم العربي والإسلامي على حالة أسوإ مما استلمه عليها من سلفه جورج بوش الإبن!

وماذا يعني ذلك؟

إنه يعني أن أوباما كان أشد نكالا وتنكيلا بالعرب والمسلمين، مما كان عليه سلفه، وأنه نجح في تنفيذ خطط الاستراتيجيين الامركيين الذين نصبوه رئيسا لأمريكا “وفق أساليب الديمقراطية الأمريكية” وهي خطة تفضي بأن يقوم الرئيس الذي يخلف بوش بتبيض صفحة أمريكا وتدارك أخطاء بوش، دون التخلي شعرة واحدة عن مصالح الامبراطورية الأمريكية، لذلك أختيرت شخصية لها ارتباطات بالمسلمين وبالأقليات وبالشباب، فكان أوباما الشاب الأسود المنحدر من أب مسلم، وأم تنتمي إلى الأقلية الإيرلندية البيضاء التي تحكم أمريكا منذ استقلالها، عن بريطانيا وتأسيسها كدولة مستوطنين مثلها مثل دولة المستوطنين البيض في استراليا وكما كان يحلم المستوطنون الفرنسيون بدولة لهم في الجزائر، فكان باراك حسين أوباما الذي رأى في بداية عهدته الأولى أن يخاطب المسلمين غير العرب من تركيا، وأن يخاطب العرب من القاهرة.

وانتهت عهدته ووطننا العربي يحترق، فتونس وليبيا ومصر واليمن وسورية والعراق دول في حالة احتراق، والنار تشتد تحت رماد دول الخليج والأردن وبدأ حمرها يبين في لبنان، وتحول ما يجري في العراق إلى حرب أهلية وأُدخل الفلسطينيون في الثلاجة

أما في العالم الإسلامي فقد برم السلطان التركي شنبيه وارتدى عباءة الخلافة وسعى لاختراق العرب والمسلمين بالحديث عن “العثمانيين الجدد” في مواجهة “الصفويين الجدد” في إيران. وانقسم العالم الإسلامي بين سنة وشيعة وضاع العرب بينها؟!

وأصبحت باكستان قاعدة أمريكية لمطاردة المسلمين ودخلت في حرب أهلية، كما تحولت الحرب على الإرهاب في أفغانستان إلى حرب أهلية.

وقام أوباما بقتل “بن لادن” في عملية تلفزيونية ولم تكن ردة فعل الشارع الإسلامي أو الشارع العربي بالمستوى الذي تريده أمريكا ولم ينفجر الموقف في الخمسين دولة كما كان متوقعا، مما أكد أن هذه الدول وشوارعها مازالت تحت السيطرة، فانتقلت أمريكا للعمل في افريقيا لطرد أوروبا وخصوصا فرنسا، فانفجرت أزمة في مالي.

إذن فقد أنهى أوباما عهدته الأولى باحكام السيطرة الأمريكية على العالمين العربي والإسلامي، وجاء بأنظمة موالية تماما لأمريكا.. ولكنها ترفع شعارات إسلامية أي أن العالم الإسلامي العدو المفترض لأمريكا بعد سقوط الشيوعية دخل في نفق لن يخرج منه قبل عقود، وتحالفه “المتوقع” مع أوروبا ضد أمريكا صار “مناما” عتيقا، فأوروبا هي التي تتحالف ضده مع أمريكا، خاصة وأن “أوباما” نجح في إدارة الوضع في إيران بحيث يعمق المشاكل بين المسلمين من جهة وبين العرب وجيرانهم من جهة أخرى، وبحيث تظل إيران قضية تحت السيطرة، تحرك باتجاه أوروبا أو باتجاه العرب أو باتجاه الصين وحتى باتجاه اسرائيل، وفق هوى ومصلحة البيت الأبيض.

وكل ذلك تم بأقل الكلف في الرجال والمال فقد سحب أوباما الكثر من الجنود الأمريكيين بعد أن صار العرب والمسلمون يقتلون بعضهم بعضا نيابة عن الجنود الأمريكيين، وهذا ما أرضى الشارع الأمريكي، كما أن ذلك تم بأموال الدول العربية التي دفعتها سرا (اقتطاعات من أموال النفط في بنك تشينزمانهاتن) وعلنا عبر صفقات تسليح ومشروعات باهظة الكلفة ولا حاجة لهذه الدول بها.

والسؤال الآن ماذا سيفعل أوباما بالعرب في عهدته الثانية؟

لا أعتقد أن أمامه أجندة مزعجة في العالم العربي بالذات، فالعرب في نهاية عام 2012 منشغلون بكل القضايا الصغيرة ولا يتحدثون عن مصالح وطنية ومحلية ولا عن مصالح قومية مشتركة، فسيدعهم الرجل يتقاتلون لحسابه من حسابهم، فالحكام الجدد أسوأ من الحكام القداماء والأيام القادمة أسوأ عليهم من الأيام الحالية.. ومظاهرة واحدة للهنود أو الباكستانيين في دول الخليج العربي أو أي نشاط للشيعة فيها ستجعل حكامها يندفعون في تنفيذ الاستراتيجية الأمريكية لزيادة الحريق في أي منطقة يخمد بها.. وقد ترضى بعض الشعوب العربية بفتح باب ثلاجة الموضوع الفلسطيني ثم إغلاقه.. فالدولة الفلسطينية التي تريدها أمريكا لم يحن الوقت بعد لها.. لكن لابأس من استعمال الموضوع لأغراض التسخين والتبريد حسب حرارة الحريق، أما المهمة الثانية من مهام الامبراطورية التي جاء أوباما لإنجازها في عهدته الأولى فهي العلاقة مع أوروبا، وكما “أبلى” الرجل بلاء حسنا في تصحيح أخطاء بوش في العالم العربي والإسلامي وأفقد أمريكا بتحويله هذا العالم إلى قطيع ذئاب متحاربة، فإنه “نجح” في “إدخال الكوابيس إلى العقل الأوروبي.. ولم يعد هذا العقل يقدر على التحدث عن منافسة أمريكا.. فجنوب أوروبا الذي كان يحلم باستعادة المغرب العربي كحديقة خلفية هاهي دولة تعش مآزق اقتصادية سواء في إسبانيا أو إيطاليا.. أما فرنسا التي لاتزال تحلم بأن تنقذها الجزائر من مشاكلها السياسية والاقتصادية فهاهي تعيش في مشكلات لا حد لها.

1- تخشى اليوم أكثر من أي وقت مضى أن تنقلب سياستها القديمة “فرنسة الجزائر” إلى الغد “جزأرة فرنسا” فالإسلام في فرنسا يتقدم، والأجيال الجزائرية المهاجرة تبدو أكثر تأثيرا، والأجيال الجديدة في داخل الجزائر لم تعد تهتم بطروحات الفرانكوفون، بل أن هذا الفرانكوفون المسيطر على دواليب الإدارة الجزائرية يجد نفسه تحت رقابة شديدة غير مسبوقة في العالم، فهذه الأجيال صارت تتدخل في السياسة اليومية والإدارة اليومية بطريقة لم تعهدها دولة في هذا العالم، فإذا أخطأ رئيس بلدية أو شركة ما فإن هذا الشباب يخرج إلى الشارع ويدمر.. إنها حالة تقول أن على الفرانكوفون الرحيل! وحتى الآن لم تنفع أكاذيب الفرانكوفون وتخويفاته من ما يسمى الربيع العربي، وقد عجزت فرسا حتى الآن بالضغط على الجزائر للانخراط في حرب مالي وجر المنطقة لتحارب أمريكا بدلا عن فرنسا..

2- لم تعد مشكلة اليونان مع الأتراك سواء في بحر إيجه أو جزيرة قبرص تهم المواطن اليوناني.. لقد انتهت اليونان كدولة مستقرة في جنوب شرق القارة، كما لم تعد إيطاليا قادرة على “سف” الخزينة الليبية .. فمفتاح هذه الخزينة صار في البيت الأبيض.

3- لم تعد ألمانيا ثاني اقتصاد عالمي.. بل صار هذا المركز بعيدا جدا عن القارة.. إنه هناك في الصين، ولم يعد في العالم ما يكفي التسويق البضائع الألمانية وحتى الفرنسية ناهيك عن الأوروبية.. فإفريقيا وآسيا تمتلأ أسواقها بالبضائع الصينية.. إن أوروبا بدأت تدخل “شارع الفقراء” وحين يتحدث أوباما عن أن أمريكا ستتخلص من الاعتماد على النفط الأجنبي – وهو يسيطر على النفط العربي – يعني ذلك أنه هو الذي سيبيع النفط إلى أوروبا في مرحلة قادمة حتى ولو كان نفطا عربيا.

4- لم تستفد أوروبا من انهيار الاتحاد السوفياتي، بل إنها ورثت مشكلات دولة الفقيرة أو ما كان يعرف بالدول الاشتراكية الأوروبية، وهاهي روسيا تبرز من جديد كدولة كبرى وارثة للاتحاد السوفياتي دون عبء هذه الدول ودون عقدة الايديولوجيا، أي أننا أمام روسيا قيصرية جديدة يمكنها أن تتحالف مع أمريكا ضد أوروبا، بل لاقتسام النفوذ في مختلف أنحاء العالم، وهو ما يجري فعليا تحت الطاولة اليوم، على ظهر المشكلة السورية – الإيرانية.

ولأن الوطن العربي في موقع المؤثر – المتأثر بالوضع العالمي اقتصاديا وسياسيا فأوباما تنفيذا لبرنامج الاستراتيجيين الأمريكيين ودراساتهم خاصة التي يعدها مركز رائد التابع للبنتاغون ومعهد واشنطن للدراسات الذي يسيطر عليه جماعة الآيبال لن يبتعد في عهدته الثانية عن العرب والمسلمين واعتقد أنه سيسعى إلى.

– إبعاد أوروبا عن العالم العربي ولن نتوقع انخفاضا في حجم التجارة العربية الأوروبية بدءا من التجارة الفرنسية المغاربية بل وتراجعت في المد الثقافي الفرنسي في المغرب العربي، وقد يكون حل مشكلة الصحراء الغربية عنوان هذا التحرك، جنبا إلى جنب مع زيادة تورد فرنسا في مالي وربما في دول إفريقية أخرى.

– ترك العالم العربي يشتعل ويحترق داخليا وربما تمتد نيران مايسمى الربيع العربي إلى دول أخرى خاصة في منطقة الخليج وتحديدا في الكويت التي تتفاقم فيها الخلافات داخل عائلة الصباح الحاكمة بين فرع السالم وفرع الجابر حيث تتصاعد خلافها التاريخي الذي يحرّك الآن والخلافات البرلمانية.

– ضبط العلاقة مع جماعة الإخوان المسلمين وزيادة الانسجام بينها وبين البيت الأبيض، إذ تنجح هذه الجماعة في مصر بعدم تصعيد الموقف مع اسرائيل، وتنجح في تونس بالتقلص من النفوذ الفرنسي، لا زالت في ليبيا تحت المراقبة.. أما في سورية فيبدو أن هذه الجماعة لمَّا تخرج بعد من العباءة الأوروبية… لذلك خفت موقعها في مؤتمر الدوحة الذي عقدته المعارضة السورية، بل أنه جيء بجورج صبرا المسيحي الديني في رسالة واضحة بأن على الإخوان في سورية الدخول في الصف.

ولعل المعضلة الكبرى التي سيواجهها أوباما في موضوع العالم العربي وجره بعيدا عن أوروبا ليس مع روسيا ولا مع الصين فهو يعرف ويفهم مدى مصالحها وهو موافق عليها مادامت هذه المصالح تمنع قيام تحالف الحضارات الشرقية القديمة العرب، المسلمين، الصينيين، الهنود.. لكن معضلته هي مع اللوبي الصهيوني في واشنطن الذي يريد أن يكون الرئيس الأمريكي رئيسا لإسرائيل.

وإسرائيل هنا ليست اسرائيل المزروعة في قلب الوطن العربي وتحتل فلسطين، فأوباما وكثير من الاستراتيجيين الأمريكيين باتفاقهم مع العرب والفلسطينيين وحتى المسلمين على حل الدولتين، الذي صار في الأفق، تخطوا مسألة النزاع العربي – الاسرائيلي، لكن المعضلة تكمن في أن “اسرائيل” هي في الواقع امبراطورية صهيونية يهودية لها أخطبوطها في اقتصاديات العالم، ليس في داخل أمريكا وحسب بل في أوروبا وآسيا وحتى في العالم العربي والإسلامي، فالمال اليهودي موجود في كل مكان ويمكنه أن يضرب في كل وقت حتى في واشنطن. وهذا ما لايريده الاستراتيجيون الأمريكيون من ذوي الأصول غير الإيرلندية. ويمكننا أن نفهم توجهات هذه المعضلة التي سيواجهها أوباما من مؤشريه.

1- ذلك الانقسام الذي حدث في “الآيباك” معقل اللوبي الصهيوني في أمريكا.

2- القرض الذي قدمته الجزائر والبالغة قيمته 5 مليارات دولار، لتلك المؤسسة الاقتصادية العالمية، التي كان بإمكانها الحصول على هذا القرض من أي ملياردير يهودي، فهو مبلغ زهيد قياسا مع ثروة بعض اليهود..

وبلغة يفهمها القارىء العربي أن تلك المؤسسة التقصادية العالمية، لم ترغب في أن تكرر غلطة بلفور الانجليزي مع رولتشيلد اليهودي؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!