-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬التحرك‭ ‬لإنقاذ‭ ‬الصوماليين

مارتن روبر
  • 3575
  • 0
لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬التحرك‭ ‬لإنقاذ‭ ‬الصوماليين

في سبتمبر 1992 قام وزير الخارجية آنذاك دوغلاس هيرد بزيارة إلى مقديشو. لكنه لم يكن ليعلم حينها بأن 20 عاما سوف تمر قبل أن تطأ قدم أي وزير خارجية بريطاني من بعده الصومال. وبعد زيارته تلك بوقت قصير أغلقت السفارة البريطانية هناك أبوابها، بينما انحدرت الصومال عميقا في دوامة المعاناة والعنف التي استنفدت مواردها منذ ذلك الحين. واليوم تعتبر الصومال أسوأ دولة منهارة في العالم، وهي تترنح الآن سعيا للوقوف على قدميها مجددا. ولقد قام مؤخرا وزير الخارجية البريطاني، السيد وليام هيغ، بزيارة الصومال وأود أن أنقل إليكم انطباعاته‭ ‬لدى‭ ‬عودته‭.‬

صرح وليام هيغ أن مقديشو، العاصمة الصومالية، هي مدينة كان أهلها منذ وقت ليس ببعيد بالكاد يستطيعون البقاء على قيد الحياة، ناهيك عن العيش فيها. وقال محافظ المدينة، الصومالي البالغ من العمر 20 عاما، لوزير الخارجية البريطاني أنه لم يعرف في حياته سوى العنف والحرب. اصطفت على جانبي الطريق المؤدي من المطار إلى هذه المدينة أنقاض منازل نخرتها آثار الرصاص كانت بيوتا مأهولة فيما مضى، كما كانت هناك طرقات مكسرة كانت فيما مضى تؤدي لمكان ما قبل أن يدمرها القتال.

 

بلغ عدد القتلى طوال هذه السنوات العشرين مليون قتيل من بين تعداد سكان يبلغ بالمتوسط تسع ملايين. وإن كنتَ من مواليد الصومال اليوم، فلديك أمل بأن تعيش حتى سن 48 عاما فقط، وهو ما يعادل تقريبا متوسط حياة البريطانيين عام 1880. ومناطق كثيرة في الصومال تقع تحت سيطرة المتطرفين والمسلحين. وغالبية المواطنين لا يتمتعون بحقوق الإنسان ولا بالعدالة، بينما باتت الصومال ملاذا آمنا لبعض من أسوأ المجرمين والإرهابيين في العالم. كما ازدهرت القرصنة فيها، وبات مواطنون بريطانيون أبرياء يقضون عطلاتهم بالمنطقة يقعون رهائن بعد اختطافهم‭ ‬في‭ ‬البلدان‭ ‬المجاورة‭ ‬والمياه‭ ‬المحيطة،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬كينيا‭ ‬وجزر‭ ‬السيشيل‭. ‬

التقى وزير الخارجية البريطاني خلال زيارته بأعضاء المجتمع المدني الصومالي، ومحافظ مقديشو. وأراد الاستماع لوجهات نظرهم وآرائهم بشأن العالم. وقد أعجب بصمودهم ورغبتهم في إلقاء الماضي خلف ظهورهم وتجربة السلام وبعض التوازن بالحياة العادية.

قوبلت زيارة الوفد البريطاني بالحماس، تماما كما قوبلت زيارة آندرو ميتشيل، وزير التنمية الدولية، مؤخرا لمناطق أخرى في الصومال. اصطحب وزير الخارجية معه السفير البريطاني الجديد لدى الصومال الذي تم تعيينه مؤخرا، وتعهد بإعادة فتح السفارة البريطانية في مقديشو بمجرد‭ ‬أن‭ ‬تسمح‭ ‬الظروف‭ ‬المحلية‭ ‬بذلك‭. ‬وقد‭ ‬بدأنا‭ ‬بالفعل‭ ‬باتخاذ‭ ‬الاستعدادات‭ ‬اللازمة‭ ‬لذلك‭. ‬

غادر‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الصومال‭ ‬على‭ ‬قناعة‭ ‬أكبر‭ ‬بأن‭ ‬على‭ ‬عاتقنا‭ ‬مسؤولية‭ ‬بذل‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬باستطاعتنا‭ ‬لوقف‭ ‬تدهور‭ ‬الصومال‭. ‬فشعبها‭ ‬يستحق‭ ‬مستقبلا‭ ‬أفضل،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬أمننا‭ ‬نحن‭ ‬يتطلب‭ ‬أن‭ ‬تصبح‭ ‬الصومال‭ ‬أكثر‭ ‬استقرارا‭. ‬

وفي غضون أسبوعين ستستضيف المملكة المتحدة مؤتمرا في لندن حول الصومال. سوف يحضر المؤتمر 50 دولة ومنظمة لمحاولة الاتفاق على استراتيجية دولية وصومالية جديدة لوضع هذه الدولة المنهارة اليوم على طريق التعافي.

وهناك‭ ‬سببان‭ ‬لكون‭ ‬الوقت‭ ‬الآن‭ ‬مناسب‭ ‬لبذل‭ ‬هذه‭ ‬الجهود‭. ‬

أولهما‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬قوات‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأفريقي‭ ‬في‭ ‬الصومال‭ ‬قد‭ ‬أحرزت‭ ‬بعض‭ ‬التقدم‭ ‬المهم،‭ ‬حيث‭ ‬أنقذت‭ ‬تقريبا‭ ‬كافة‭ ‬أنحاء‭ ‬مقديشو‭ ‬من‭ ‬تحت‭ ‬سيطرة‭ ‬المتمردين‭ ‬وحققت‭ ‬مكاسب‭ ‬أمنية‭ ‬أخرى‭. ‬

وثانيهما هو أن تكليف الحكومة الفيدرالية الانتقالية في الصومال ينتهي بشهر أغسطس. وذلك يفتح الباب أمام انطلاق عملية جديدة وأوسع نطاقا تتضمن كافة الصوماليين، مع تأكيد أكبر على دعم الحكومة بمختلف المحافظات إلى جانب حكومة مركزية أقوى وأكثر تمثيلا لمختلف الفئات.‭ ‬

هذا‭ ‬الحس‭ ‬بأن‭ ‬الفرصة‭ ‬قد‭ ‬حانت‭ ‬كان‭ ‬حسا‭ ‬مشتركا‭ ‬بين‭ ‬القادة‭ ‬الصوماليين‭ ‬والمواطنين‭ ‬الذين‭ ‬التقى‭ ‬بهم‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬بهم‭ ‬خلال‭ ‬زيارتي،‭ ‬والذين‭ ‬رحبوا‭ ‬بجهود‭ ‬بريطانيا‭ ‬تجاه‭ ‬الصومال‭. ‬

يهدف مؤتمر لندن إلى الاتفاق على خطوات عملية لدعم عملية سياسية جديدة، إلى جانب تقديم المساعدة لمختلف مناطق الصومال، وتمويل بعثة الاتحاد الإفريقي، واتخاذ ترتيبات أكثر فعالية لمكافحة القرصنة والإرهاب، وزيادة تنسيق المساعدات الإنسانية. وهو يختلف عما سبقه من مؤتمرات‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬أنه‭ ‬يضع‭ ‬احتياجات‭ ‬الصوماليين‭ – ‬وليس‭ ‬فقط‭ ‬أمننا‭ ‬نحن‭ – ‬بمقدمة‭ ‬وصميم‭ ‬ما‭ ‬سيناقشه،‭ ‬كما‭ ‬سيحاول‭ ‬معالجة‭ ‬الأسباب‭ ‬الكامنة‭ ‬وراء‭ ‬القتال‭ ‬بدل‭ ‬الاكتفاء‭ ‬فقط‭ ‬بمعالجة‭ ‬أعراضه‭. ‬

إن المشاكل التي تعاني منها الصومال معقدة وخطيرة للغاية، ومن الطبيعي ألا يتمكن مؤتمر واحد من تسويتها. فقد كافح الصوماليون في مواجهتهم لهذه التحديات على مدى سنوات طويلة، وبمساعدة من الكثير من موظفي الإغاثة والدبلوماسيين والهيئات الخيرية والأفراد ممن تسلحوا بالشجاعة. كما تعمل سفن تابعة للقوات البحرية الملكية البريطانية، إلى جانب سفن من 15 دولة أخرى، على مكافحة القرصنة. وتدفقت كميات هائلة من المساعدات الدولية إلى الصومال، لكن العمل المنسق من النوع الذي نقترحه هو وحده الكفيل بأن يجعل هذه المساعدات فعالة حقا على الأجل‭ ‬الطويل‭. ‬

تعتبر الصومال جزءا من مشكلة أوسع نطاقا. حيث أن العالم بحاجة لأن يكون أكثر فعالية في منع وقوع الصراعات ودعم الدول الضعيفة. وذلك من الأمور التي نوليها أهمية كبيرة في السياسة الخارجية البريطانية اليوم. فنحن لا نحاول فقط ضمان تنسيق أكثر فعالية مما سبق للموارد الوطنية بسياستنا الخارجية من خلال مجلس الأمن القومي لدينا، بل إننا ندعو لتنسيق أفضل لدى المجتمع الدولي ككل. ربما تكون الصومال أصعب حالة على الإطلاق، لكن ليس هناك دولة في العالم أكثر حاجة للاستثمار بالسلام والأمن فيها، أو حيث يمكن تكريس الجهود الدولية بفعالية‭. ‬

وبتكريسنا للأوقات والجهود الدبلوماسية في الصومال اليوم، فإننا نستثمر في أمننا ورخائنا للسنوات القادمة. وبريطانيا ملتزمة بأن تلعب دورها ليس من خلال مؤتمر لندن فحسب، بل كذلك على مدى السنوات القادمة. 

 

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!