الشيخ الهاشمي..من قناة الحقيقة إلى سجن الحراش
خلف اعتقال الشرطة الدولية “الأنتربول” للدكتور محمد الهاشمي في الجزائر قبل أيام بطلب من دولة سلطنة عمان، صدمة كبيرة لدى المتتبعين لمسيرة هذا الرجل المختص في العلاج بالأعشاب الطبيعية، خاصة أن الشيخ الهاشمي كان قد تحصل على تراخيص فتح مركزه بالجزائر خلال الأسبوع الماضي، وزار الجزائر عدة مرات، لتخفيف العبء عن الجزائريين الذين كانوا يتنقلون الى المغرب للحصول على منتجاته، ولم يشتك أي جزائري من هذه المنتجات، لتأتي حادثة الاعتقال مخيبة آمال أنصاره ومحبيه الذين اختبروا صدقه ومصداقيته على قناة “الحقيقة” لسنوات عديدة، ثم يرون معاملته بتلك الصورة في بعض المطارات الدولية ومنها الجزائر، خاصة انه لا متهم في قضايا مخدرات ولا قضايا لها علاقة بأمن الدول والشعوب، بل كل ما يمارسه الدكتور الهاشمي هو علاج الناس بالطب النبوي الذي يمتهنه الآلاف عبر العالم الإسلامي، بالإضافة إلى علاجه الناس بالقرآن الكريم وفق الرقية الشرعية التي وافقه عليها كبار العلماء والدعاة.
- وبعودة “الشروق” إلى حيثيات القضية وتفاصيل ملف “الاتهام” الوارد من سلطنة عمان، ضد الدكتور الهاشمي وأعضاء مركزه بالسلطنة، يتضح جليا أن الملف شبه فارغ، وأنه لا يوجد شخص أو جهة محددة تأسست ضد الدكتور أو رفعت شكواها ضده لا في سلطنة عمان ولا في دولة أخرى، بدليل أن نفس القضية التي وردت باسمها مذكرة التوقيف كان الدكتور قد تحصل على البراءة فيها داخل السلطنة، لكن جهات نافذة مجهولة اعادت رفع ذات القضية بذات التفاصيل في مدينة اخرى بالسلطنة أين صدر حكم غيابي يدين الهاشمي وأعضاء من مركزه.
- محكمة ”البريمي” بسلطنة عمان تبرئ الدكتور الهاشمي
- يشير الملف الأول الذي تحوز “الشروق” على نسخة منه من المحكمة الابتدائية “بالبريمي” بسلطنة عمان، تفاصيل رفع دعوى قضائية ضد 28 شخصا من بينهم محمد الهاشمي، وهؤلاء يمثلون المدعى عليهم، في حين لا يشير الملف إلى الجهة المشتكية لا هيئة قانونية ولا أي شخص، وإنما تمثل طرف المدعي في شخص “الادعاء العام”، وقد اسندت للمتهمين جنحة ممارسة مهنة الطب البديل دون ترخيص والتربح من إيهام الناس بالشفاء. وقد فصلت هذه المحكمة في الاتهام بتاريخ أفريل 2010، وحكمت بالبراءة لصالح الهاشمي و27 شخصا معه وكلهم عمانيون ما عدا شخصين اثنين من جمهورية مصر العربية. وجاء في منطوق الحكم الذي حصلت عليه ”الشروق” بالحرف ”حكمت المحكمة ببراءتهم جميعا مما نسب إليهم، وبإعادة المضبوطات إلى أصحابها”.
- واستند قاضي محكمة “البريمي” في منطوق الحكم هذا إلى عدد من الأسباب كان أولها ما نشر في ملف منطوق الحكم بالقول “إن أوراق الدعوى خلت من أي دليل يقطع يقينا بأن المتهم الأول محمد الهاشمي مارس الاحتيال على أي شخص ولا يعدو ما يقوم به المتهم إلا أن يكون عملا تجاريا مصرحا به من وزارة التجارة، في بيع الأعشاب الطبية، وهذه الأخيرة منتشرة في أغلب ولايات السلطنة، ويقبل عليها الناس بقناعاتهم لجدواها ونفعها الطبي، وختم القاضي كلامه بقوله “تبعا لذلك تنتفي جريمة الاحتيال المنسوبة إليه وللمتهمين 28”.
- الادعاء العام يستأنف والمحكمة تؤيد البراءة
- بتاريخ التاسع من جوان 2010 أحيلت القضية إلى محكمة الاستئناف، لأن منطوق الحكم بالبراءة لم ينل رضا الادعاء العام حسب ما ورد في الملف الثاني من جلسة الاستئناف والتي تحوز عليها “الشروق” أيضا، ويشير الملف إلى أن الشكوى لم ترفعها لا هيئة قانونية ولا رسمية ولا أشخاص تضرروا من منتجات مركز الهاشمي، بل إن القضية رفعت من قبل الادعاء العام، وهو ما يظهره قرار منطوق الحكم.
- وورد قرار منطوق الحكم الصادر عن محكمة الاستئناف ضد المدعى عليهم ويمثلون 28 شخصا من مركز الهاشمي، بالإضافة إلى صاحبه محمد الهاشمي، وبنفس التهمة (مزاولة مهنة الطب الشعبي والصيدلة غير المرخصة)، لتقرر المحكمة قبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع وتأييد حكم المستأنف، حيث أحيلت القضية على المحكمة العليا فيما بعد.
- ألمانيا اعتقلت الدكتور وأفرجت عنه لأن الملف ”فارغ”
- في جويلية 2011 أصدرت المحكمة العليا بسلطنة عمان قرار عدم قبول الطعن، وتأييد حكم البراءة، وبعد تحصل الهاشمي على قرار البراءة، قام المدعي العام بتحريك نفس القضية في مدينتين مختلفتين في آن واحد، وكان من بينها “مسقط” بنفس التهمة وبنفس عناصرها.
- والغريب في الأمر أنه بعد تحويل القضية لمحكمة أخرى، حكمت هي الأخرى ببراءة المتهمين، حيث يشير منطوق الحكم عن محكمة “السيب” الابتدائية والتي تحوز “الشروق” على نسخة منه إلى ما يأتي “حكمت المحكمة غيابيا للمتهم الأول الهاشمي وحضوريا لباقي المتهمين ببراءتهم جميعا من التهم المنسوبة إليهم.”
- في عام 2011، ألقي القبض على محمد الهاشمي صاحب مركز الهاشمي للتداوي بالأعشاب الطبية، من قبل الأنتربول في ألمانيا بعد ورود مذكرة توقيف دولية في حقه، غير أن القضاء الألماني قام بإخلاء سبيل محمد الهاشمي بعد فترة قصيرة، وذلك بسبب عدم وجود طرف نزاع في ذات القضية التي ألقي فيها القبض على الهاشمي بمذكرة توقيف دولية في الجزائر، وهو الموقف المأمول من السلطات القضائية الجزائرية حسب هيئة دفاع الدكتور الهاشمي، وأستند القضاء الألماني الذي درس كل ملفات القضية وتطوراتها إلى عدم جدواها، وعدم وجود أي طرف صرح بتضرره بتناول منتجات الهاشمي، وأن القضية يقف وراءها الادعاء العام بسلطنة عمان، دون كما يثبت وجه الضرر أو النصب والاحتيال، وأيضا من غير وجود مشتكي ولا شخص متضرر، ولا أية مخالفة قانونية لا من الناحية الإدارية، ولا من ناحية أفراد الشعب العماني.
- توقيف الهاشمي في الجزائر كان بناء على نفس الملف “الفارغ”
- أياما بعد نزوله ضيفا على “فوروم” جريدة الشروق، تلقي الشرطة الدولية القبض على محمد الهاشمي بمطار هواري بومدين، بحجة وجود مذكرة توقيف دولية من سلطنة عمان، ويحال الشيخ الهاشمي على سجن الحراش، حيث يتواجد حاليا، ورغم ان الرجل يعامل معاملة حسنة حسب هيئة دفاعه الا محامييه كانوا يأملون حصول الرجل على الإفراج المؤقت في انتظار البت في الإجراءات التي ينتظر أن تستغرق 45 يوما، لا يمكن لرجل بسمعة الهاشمي أن يقضيها في السجن على ذمة حكم غيابي أثبت القضاء الألماني انه فارغ شكلا ومضمونا.
- ويكشف فريق هيئة الدفاع عن الشيخ محمد الهاشمي (مع العلم عشرات المحامين تدافعوا خلال الايام الماضية أمام النائب العام يريدون التأسيس في حق الدكتور) خاصة ان محمد الهاشمي ليس له أي قضية على التراب الجزائري، بل يمارس نشاط مركزه بالجزائر وفق التراخيص القانونية المطلوبة، لذلك ينتظر أن يحال ملفه مباشرة إلى المحكمة العليا للنظر في إمكانية الإفراج المؤقت قبل استكمال الإجراءات. وفي انتظار أي طلب بالتسليم قد يرد من سلطنة عمان وفي حال عدم مطالبة سلطنة عمان بذلك، سيكون الدكتور حرا طليقا بقوة القانون، غير أن المحامين يأملون أن يحصل الهاشمي على حريته في أقرب فرصة مثلما تعاملت ألمانيا مع نفس الملف.