لا تصوموا أفضل!
نقلت الصحافة الوطنية خلال اليومين الأخيرين تصريحا لمصدر أمني، قال فيه، أن معظم الشجارات التي تقع في الأسواق، أو الحافلات، خلال شهر رمضان، تكون مفبركة أو مصطنعة بغرض تسهيل الطريق على أصحاب الأيادي الخفيفة لممارسة هوايتهم المفضلة في نشل وسرقة كل ما خف وزنه وغلا ثمنه.
-
التصريح يدعو إلى التفكير الملي، والتدبر العميق، حول واقعيته في الحياة اليومية للجزائريين. صحيح أنه ليست كل الشجارات مبنية على الهف الاجتماعي المتبادل، ولكن في الوقت ذاته، يجب أن تتم مراعاة مثل هذه القراءات الأمنية، ولو على سبيل الافتراض، للنبش في جانب مُغفل من الحقيقة.
-
عدد كبير من اللصوص تم القبض عليهم في المدة الأخيرة، بتهمة السطو على البيوت، وأيضا على أرزاق الناس في الأسواق وعلى متن الحافلات، لهم تقنية خاصة وزمن معين لممارسة عملياتهم الهجومية، خصوصا أن معظم تلك السرقات تمت بعد شجارات وسماع سيمفونيات من السب والشتم، وقصف بالثقيل، بين كتائب فلان، وثوار علان.. بشكل يؤكد أن رمضان تحول فعلا من شهر للعبادات، إلى موسم خطير للسرقة والتنابز بالألقاب، مثلما هو للأسف الشديد، موسم جيد للأكل والشرب، أو كأن الشهر الكريم فقد في بلادنا هويته الأساسية منذ سنوات، وبات يترنح بين شبعان وجائع، أو بين سارق ومسروق.
-
واقع الحال أن الجزائريين فقدوا أيضا صفة التسامح، والعفو عند المقدرة، ولم يعد هنالك عدد كبير منا، يصفح للآخر زلته، أو يعفو عن خطئه، بل انه يواصل هواية تمرميد كل من سمحت له الفرصة أو المنصب ببهدلته، بعيدا عن الأخلاق وسماحة الإسلام، والتربية والعادات.
-
لماذا لا نسأل أنفسنا عن كل هذه الحرية في ممارسة البغض والكراهية، وعن فحوى هذه العدالة السلبية في توزيع الهموم والمشاكل؟ ما جدوى تصفيد الشياطين في مقابل تحرّر النفوس المريضة؟!
-
عندما تكثر أجواء الشحناء والبغضاء، وتتزايد المشاجرات لأتفه الأسباب، ويستغلها اللصوص من أجل السرقة، أو يجعل منها البعض منصة لبهدلة الآخر والمسح بكرامته الأرض، بحثا عن إرضاء غريزة الاستبداد فينا، وتنفيذا لما تمليه النفس الأمارة بالسوء علينا، فقل على الدنيا السلام!
-
حين يصوم البعض عن الأكل والشرب، لكنهم لا يتوقفون عن ممارسة الظلم، والنميمة، والمعصية، والرذيلة، والطعن في أعراض الناس، وأذية الجيران، واختلاس الأموال، والبيروقراطية، والفساد، ورفع الأسعار، وبيع المواد منتهية الصلاحية، والقتل و.. و… حينها يصبح من الأجدى على هؤلاء جميعا أن يفطروا ولا يصوموا، أفضل لهم ولغيرهم، ولرمضان!