-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

مفتاح الجزائر الجديدة

مفتاح الجزائر الجديدة

مهما حاولنا بعث ثورات فلاحية وصناعية وثقافية، لأجل اللحاق بالقطار الاقتصادي والتنموي العالمي الذي سار بعيدا عنا، وضخّينا من الأموال والنيات الحسنة، فإن مصير هذه المحاولات هو الفشل ما لم تكن القيادة للعلم ولأهله الحقيقيين.

بعثُ أكاديمية العلوم والتكنولوجيا، وجعلها في قمة القيادة، هو فتحٌ كبير في حالة تحقيقه كما وعد الرئيس عبد المجيد تبون في اجتماع مجلس الوزراء الأخير، إذ وقف كثيرا عند ضرورة تثمين العلم ومنح العزة كلها لأهله، ونأمل في أيام جديدة في بلاد جديدة، مختلفة، عن السنوات العجاف التي سارت فيها البلاد بطريقة ارتجالية خبط عشواء، كانت تطلق فيها مشاريعَ ضخمة من دون توفير أهم وسيلة لإنجاحها وهي العلم، فأضعنا على مدار عقود، الكثير من الفرص المالية السانحة وأضعنا الزمن الثمين، حتى صرنا مضربا للمثل في تهميش الكفاءات وتهجيرهم إلى مختلف القارات، وغلق الأبواب في وجوههم.

عودة البروفيسور كمال صنهاجي إلى أرض الوطن، وقيادته لمشروع صحّي ضخم بعد سنوات غربة علمية، والزيارة الأخيرة للعالم المخترع بلقاسم حبّة وتكريمه في الكثير من الجامعات، يوحي بأن البلاد التي فقدت عقلها وذاكرتها سنواتٍ طويلة، قد استرجعت البعض من وعيها، وباشرت تجميع أبنائها من حولها، في محاولة جادة للاستفادة من الذين صنعتهم بمنظومتها الجامعية والعلمية القديمة، عندما كانت المسافة بين جامعات الجزائر والجامعات الأوربية قصيرة جدا، قبل أن تتوسّع بشكل رهيب في هذه السنوات العجاف، إلى درجة خروج جامعاتنا من التصنيف العالمي أو بقائها في ذيل الترتيب، إذ تفوَّقت عليها حتى بعض الجامعات الإفريقية التي يسيّرها خبراء أخذوا زادهم العلمي من جامعات قسنطينة ووهران والعاصمة.

سبب فشل الثورات التنموية العديدة التي قادها الرئيس الراحل هواري بومدين في سبعينيات القرن الماضي ومن جاء من بعده، يعود إلى الارتجالية في إطلاق مثل هذه المشاريع الضّخمة التي لبست الثوب السياسي، وتكاد تنزع طابعَها العلمي نهائيا، قبل أن تحلّ السنوات العجاف عندما صار العلمُ آخر اهتمامات مسؤولي القمّة، فتم تفريغ الجامعة من روحها العلمية والتكنولوجية، ولم يعد من همٍّ لقرابة مليوني طالب جامعي غير الحياة الاجتماعية في مختلف الإقامات من دون أدنى اهتمام بالمهمّة العلمية السامية التي يعيشون لأجلها.

ما يبعث الأمل في خطاب السلطة في الفترة الأخيرة، هو الحديث المتكرر عن الكفاءات وعن الجامعيين وعن الاستعانة بأهل الخبرة حتى من خارج الوطن، وما قاله البروفيسور العالمي بلقاسم حبة في عدد من الجامعات التي حطّ رحاله بها، يبيّن بأن هناك نيّة حقيقية لكسر الحاجز الحديدي الصّلب الذي بنته السلطة في سنوات سابقة عديدة بين العلم والأزرار التي تسيّر الكثير من القطاعات في البلاد.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!