يتنازعون لكنهم جميعا لأمريكا
نجح الجمهوريون في الانتخابات البرلمانية النصفية في الولايات المتحدة الأمريكية واعترف الرئيس الأمريكي بأنه فشل في إقناع الأمريكيين بجدوى خططه وبرامجه من أجل إنقاذ الوضع الاقتصادي المتدهور.
-
وهنا مفارقات عجيبة لم تجد طريقها بعد الى بلداننا وسياسيينا.. ففي عالمنا العربي لم نرتق بعد الى الإحساس بقيمة الفعل من اجل المجموع الذي يكون معظمه مخالفا لما نعتقد او نرى.. فها هو الرئيس الأمريكي وفور ظهور النتائج يسلك نهجا لتعزيز المرحلة التي يصبح فيها الجمهوريون هم سادة المواقف الاستراتيجية للبلاد.. وكأن الرئيس الأمريكي يقدم هدية الفوز لخصومه.. نعم، لأنه يفهم انه ممنوع عليه ان يحبط المرحلة، بل عليه مواصلة العمل لإنجاح الاقتصاد الأمريكي حتى لو انه اصبح رئيسا بلا صلاحيات استراتيجية.
-
لقد تحول الرئيس الأمريكي الى سمسار للشركات الأمريكية الكبرى وبعضها يديره الجمهوريون، لأنه يدرك ان امريكا يجب ان تحتوي البطالة التي تبلغ عشرة بالمئة وعليه ان يوفر مناصب عمل لمئات الآلاف من الأمريكان..
-
الرئيس الأمريكي الذي يتجول في العالم ومعه مئتا رجل أعمال امريكان يتحركون للترويج لشركاتهم واستثمارات يجلبونها الى الاقتصاد الأمريكي وهذه أعظم هدية يقدمها الرئيس للفائزين وللشعوب الأمريكية.
-
عندنا في بلاد العرب، الأمور مختلفة تماما.. نحن نجيد بإتقان التخريب على الآخر الوطني.. فإذا خاب طرف في تحقيق طموحاته السياسية فإنه يستنفر كل طاقاته لتدمير خطط الآخر وإحباطه حتى لو كان في ذلك إفشال البلد والفكرة..وهذا لا يقتصر على المتنافسين على الحكومات، بل وحتى داخل الحزب الواحد والتنظيم السياسي الواحد، وبمجرد فوز فئة دون اخرى تناصب الأخرى العداء للأولى أو تخرج عليها بكل أسلحة القتل المعنوي.
-
يقول قائل ان أوباما يفعل ذلك من أجل دورة انتخابية، قادمة نقول لابأس وليكن، ولماذا لم يفعل اصدقاؤنا السياسيون في وطننا العربي من اجل دورات قادمة، لماذا نغلق المستقبل على اللحظة ولا نعطي فرصة لتكهناتنا بفشل المنافسين والمختلفين.. لماذا لا نراهن على نجاحات قادمة لنا، ولماذا لا نعمل الا إذا كان ثمن ذلك قبول الناس لنا؟
-
أليس غريبا ان تبتلى أمتنا في كل مكان بحالة النزف والتخريب المتعمد المجبول بالحسد والحقد الشخصي، فيما نحن نعالج قضايا وجودية أكبر منا جميعا.. وهكذا يبدو الأمر وكأننا بمعزل عن المصالح العليا الاستراتيجية نتحرك بلا مرجعية من دين او ضمير او وعي او خوف من رقابة الشعب والأحرار.. بمعنى غياب المرجعية الثقافية وفي الحين ذاته غياب سلطان الدولة.. ان الدولة هناك فوق الجميع وللجميع، وهي مقدسة.. أما عندنا فللأسف نختلف عليها، فمن كان فيها فهي مرتعه، ومن كان خارجها فهي مصرعه..
-
ان الدولة هي الملك العام في أرقى صوره وهي السياج وأم الواجبات.. عندهم يختلفون داخلها.. اما نحن فنختلف عليها.. مع اننا نحن العرب أول من بنى دولة علمية مدينة محترمة.. ولله في خلقه شؤون.