-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
استقرت بفرنسا قبل عقدين

آل زقار.. أسرة مغتربة لا يتحدث أفرادها إلا الفصحى

زهيرة قلعي
  • 3748
  • 0
آل زقار.. أسرة مغتربة لا يتحدث أفرادها إلا الفصحى
ح.م

عادت عائلة زقار الجزائرية والتي تسكن بمدينة ليون الفرنسية إلى أرض الوطن رفقة أبنائها لتعريفهم عن قرب بجذورهم، عاداتهم، تقاليدهم، تاريخهم الذي يفتخرون به.
عائلة زقار تنحدر من بني صاف شمال تلمسان، مضى على مكوثها في الغربة أكثر من 20 سنة، إلا أن هذه المدة لم تسلخها عن هويتها الجزائرية وأصولها “البني صافية”، بل على العكس زادها الحنين والشوق إلى أرض الوطن تمسكا أكثر بهويتها وعاداتها وتقاليدها، وهو ما تجلى في طريقة تربيتها لأطفالها الأربعة وهم ثلاثة ذكور وفتاة هي أصغرهم سنا.
استطاع الابن البكر آدم البالغ من العمر 16 سنة، أن يصنع له اسما على مواقع التواصل منذ أن كان صغيرا، باعتباره صانع محتوى هادف، فمنذ أن كان صغيرا لا يتعدى 6 سنوات وهو يقدم مواضيع باللغة العربية الفصحى رغم صغر سنه وعيشه بفرنسا، كانت له مواضيع حول التعريف باللغة العربية والقصص الإسلامية، عادات وتقاليد المسلمين في المناسبات الدينية وطريقة إحيائها ببلاد الغربة، إلى جانب التعريف بكل ما هو متصل بعادات وتقاليد الجالية الجزائرية المقيمة بالخارج .
هذا ما جعل العديد من القنوات التليفزيونية العربية كقناة “الجزيرة” تستضيفه في العديد من حصصها الخاصة بالأطفال، ناهيك عن القنوات الجزائرية كالتلفزيون العمومي وقنوات خاصة أخرى جزائرية تعتز باستضافة آدم الصغير للتعرف عن قرب على أحوال الجالية الجزائرية المقيمة بالخارج وكيف تحيي مختلف المناسبات الدينية وحتى الوطنية في بلاد الغربة، وكيف تتمسك بهويتها ولغتها العربية الفصحى .
جريدة الشروق التي كانت في تواصل دائم مع عائلة زقار، زارتها بحي الصقلة العتيق ببني صاف، وهو بيت جدتهم، الذي يجمع جميع الأحفاد، فأول ما لاحظناه هو تحدث الجميع صغيرا وكبيرا باللغة العربية الفصحى، حيث لا حديث بالفرنسية ولا حتى بالدارجة المحلية، وهو ما يثير الانتباه والاهتمام .

الأم مدرسة..!
محاولة معرفتنا لهذا السر وكيف يتحدث الجميع باللغة العربية داخل المنزل، وحتى مع باقي أبناء العمومة صغار وكبارا باللغة العربية دائما، وبكل بساطة وسهولة في التواصل، أكد لنا والد آدم السيد زقار جليل أن السبب هو طريقة تربية أم آدم لأبنائها، وقال: “أنا بفرنسا أقوم بواجبي في العمل كأي والد عامل، أخرج صباحا من المنزل وأعود ليلا، وعندما تكون لدينا أوقات فراغ وراحة، نخصصها للسياحة، حيث نزور كل الأماكن التي يمكننا الوصول إليها، لنقوم باكتشافها، معاينتها وجمع أكبر عدد من المعلومات حولها، ثم نقوم بتكليف أبنائنا بتحرير مواضيع حول ما اكتشفوه وعاينوه، ومن ثم يصنعون محتواهم، فكل ابن له طريقته في تقديم المحتوى، وحتى اللغة التي يقدم بها المحتوى، والحمد لله أن أبنائي يدرسون في المدرسة الدولية بفرنسا، وهو ما يجعلهم يتلقون تعليما باللغة العربية واللغات الأجنبية التي يتقنونها رغم صغر سنهم، كاللغة الاسبانية، الإنجليزية إلى جانب الفرنسية طبعا، ونحمد الله أيضا على أن الأبناء من أبرز التلاميذ في هذه المدرسة وأنجبهم، فخير دليل هو نتائجهم الممتازة التي يحصدونها كل سنة، وهذا مفخرة لنا وللجزائريين بصفة عامة، كما أن الفضل في كل هذا يعود لوالدتهم، التي أحسنت تنشئتهم على مبادئ تعاليم ديننا الإسلامي واللغة العربية”.

صناع محتوى من الطراز الأول
من جهتها، ذكرت أم آدم للشروق أنها غادرت أرض الوطن منذ أن كانت شابة بعد تحصلها على شهادة البكالوريا، لتتم دراستها الجامعية بفرنسا، كل هذا جعلها متخوفة من تأثر تمسكها بالهوية العربية الإسلامية، وازداد خوفها أكثر على أبنائها ومستقبلهم وبالأخص علاقتهم ببلدهم الأم وعاداته وتقاليده وعلاقتهم بالدين الاسلامي واللغة العربية، تضيف أم آدم أن التخطيط للأمر كان قبل ولادة آدم، الابن الأكبر، فحرصها الشديد على حمايته من فقدان هويته ولغته العربية والإسلامية وحتى جذوره الجزائرية، جعلها تقوم بالتواصل معه وهو لا يزال رضيعا باللغة العربية الفصحى داخل وخارج المنزل بفرنسا، تضيف أم آدم: “بعد ولادة آدم وحتى بعد ولادة أشقائه كنت أتوقف عن العمل لمدة 3 سنوات من أجل التفرغ لتربية كل طفل، وأقوم بالتواصل معه باللغة العربية الفصحى وأحفظه القرآن الكريم، وما يزيدني عزيمة أن والدي إمام مسجد ببني صاف، ويقوم أيضا بتوجيه أطفالي من الجزائر حول كيفية الحفظ وتلاوة القرآن الكريم، فلا تُنطق الفرنسية بتاتا في منزلنا ببلاد الغربة، فآدم عندما دخل المدرسة الابتدائية في سنه الثالثة لم يكن يعرف نطق حرف من اللغة الفرنسية لغة البلد التي ازداد ونشأ فيه”.
ولا تخفي السيدة زقار أنها كنت متخوفة من رسوب آدم في الدراسة في بادئ الأمر، إلا أنه وحتى أشقاءه استطاعوا تعلم الفرنسية في مدة شهر فقط، وأتقنوها بكل سهولة، بل وتفوقوا على أقرنائهم، “والسر طبعا هو إتقانهم للغة القرآن، فهي تفتح عقولهم منذ الصغر وتُكسبهم طلاقة اللسان”.
وحول طريقة إحياء العائلة للمناسبات الدينية والوطنية، تضيف أم آدم، أنها تعمل جاهدة على توفير الظروف المشابهة لإحياء المناسبات الدينية والوطنية ببلاد الغربة، حتى ولو لم تكن مماثلة بصفة دقيقة، لأن الهدف هو تمسك العائلة بأصولها وجذورها وعادات وتقاليد بلدها الأم، وهذا ما مكن أبناء عائلة زقار من صناعة محتويات هادفة لتعريف أطفال الجالية الجزائرية والعربية بصفة عامة في بلاد الغربة بأصولهم وعادات بلدهم ودينهم ولغتهم .
آدم زقار وهو يروي بكل شغف تفاصيل زيارته لمدينة العاصمة الجزائرية الأسبوع الماضي رفقة عائلته، عبر عن انبهاره بكل ما اكتشفه من جمال الجزائر وتنوعه، وبخاصة بمتحف المجاهد الذي جعله يزداد افتخارا واعتزازا بجذوره وأصوله الجزائرية، وجعله أيضا يكتب مقالات ويصنع محتويات، سيقوم بتحضيرها وتقديمها فور عودتهم إلى فرنسا لتعريف المغتربين وكل من يتابعونهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، عن قرب على الجزائر.
زيارة آدم رفقة العائلة جعلتهم أيضا يتعرفون على المعالم التاريخية والسياحية التي تزخر بها مدينة بني صاف، كمنطقة سيقا الأثرية التي شدت انتباهه كثيرا لما تختزنه من أحداث تاريخية بارزة في تاريخ الجزائر، أين استوقفت آدم كثيرا المعاهدة المبرمة بين الملك “سيفاكس” ملك نوميديا الغربية من أسرة “الماسيسيل” التي كانت عاصمتها سيقا ببني صاف وضريحه الذي لا يزال متواجدا بها، وبين أقوى جنرالات الإمبراطورية الرومانية سيبيون.

اعتزاز بالهوية
كما شدت انتباهه محطات تاريخية كبرى بذات المنطقة ووادي تافنة الذي شهد أيضا ثاني أشهر معاهدة في تاريخ الجزائر والتي كانت بين الأمير عبد القادر والجنرال “توماس روبير بيجو” من الجيش الفرنسي، أحداث ومحطات تاريخية تعرف عليها آدم وأشقاؤه عن كثب، وعاينوا ما تبقى من آثار وأطلال لا تزال قائمة وشاهدة على قوة عظماء وزعماء الجزائر عبر التاريخ، والذين سجلوا أسماءهم بأحرف من ذهب لا زالت خالدة إلى يومنا هذا، يضيف آدم: “كنت أتلقى معلومات عن تاريخ الجزائر في المدرسة الدولية وأقوم ببحوث في ذلك، لكن زيارتي لهذه المواقع الأثرية وملامستي لها عن قرب جعلني أزداد افتخارا واعتزازا ببلدي الجزائري، وزادتني حماسة لصناعة محتويات جديدة ومميزة أقدمها لجاليتنا المغتربة في أوروبا وحتى أمريكا” .
الشروق تقربت من الشقيقة الصغرى لآدم، والتي قدمت لنا مضمون المحتوى الجديد في الفقرة الخاصة بها، والتي تقوم بتعريفنا ببني صاف وجمالها من خلال التعريف بالسياحة بها، وكذا التعريف بأهم الأطباق التقليدية التي تشتهر بها بني صاف، على غرار طبق “دولمة السردين” و”الكسكس البني صافي”. فهذه الأطباق مميزة وتحمل نكهة المدينة التي اقترن تأسيسها بمنجم الحديد وميناء الصيد، الذي يعد أول ميناء صيد بالجزائر، وهو الميناء الذي اشتغل فيه أجداد عائلة “زقار” ولا يزال أحفاده يحافظون على حرفة الصيد التقليدي بهذه المدنية الساحلية والسياحية .عائلة “زقار” جمعت في جعبتها الكثير من المعلومات التاريخية والسياحية، وهي متشوقة لتقديمها وتمثيل الجزائر أحسن تمثيل في بلاد الغربة عند عودتها إلى فرنسا .

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!