أزمة خلافات الثورة بالأوراس

في هذه المقالة، سأتعرّض تدريجيا لجوانب من الثورة بالأوراس، معتمدا بالتحديد على تصريحات عاجل عجّول للسلطات الفرنسية، عن بعض الأحداث الهامة، بحسب نظري، التي تعرضت لها الولاية الأولى التاريخية إلى غاية سنة 1957. هذه الولاية، التي كانت رائدة الثورة الجزائرية، تعرّضت تدريجيا إلى اهتزازات داخلية أدت بها إلى الوقوع في فخ الصراعات السلطوية المحلية والوطنية، إذ تم إبادة قادتها وإطاراتها وتحييدها نهائيا من السباق نحو الحكم.
أشير إلى أن الولاية الأولى عرفت عشرة قادة، خلال سبع سنوات ونصف سنة من الكفاح المسلح من أجل استرجاع السيادة الوطنية، أي أكثر من ضعف قادة كل ولاية من الولايات الأخرى، وأطول مدة تم فيها تسيير الولاية بوجود قائدها في الميدان، هي مرحلة شيحاني بشير. وبرغم العديد من الاهتزازات التي عرفتها، استمرت الولاية بمقاومة ومباغتة القوات الفرنسية بكل شراسة، وبتضحيات جسام، كللت بانتصارات ميدانية كانت الدعم والسند القوي عبر العالم لمطالب الشعب الجزائري باستقلاله.
استسلام عجول وأهمية تصريحاته
مهما يكن موقفنا من عاجل عجول، ومن تصريحاته للمصالح الفرنسية، فقد سلم نفسه ليس حبا في فرنسا ولا عداءً أو مناهضة للثورة. لقد سلّم نفسه بعد حصار معنوي وجسدي من جميع الجهات، فقد كان في وضعية موت حقيقي، ويمكن تشبيه ظروف استسلامه إلى العدو، بجندي وحيد في خندق من دون ذخيرة، محاصَرا من كل الجهات، أي من العدو الفرنسي ومن رفاقه المجاهدين، فرفع يديه ليستسلم.
إن استنطاقه من طرف المصالح الفرنسية جرى في عام 1956. لقد كان شابا يتمتع بكل قواه الجسدية والعقلية، ولم يكن لا في موقع ولا في ظروف تجعله يضخّم دوره وتبجيله ولا حتى دور الآخرين أو الانتقاص من شأنهم. لذلك، تُعد شهاداته حول الثورة التحريرية من بين أهم الشهادات تفصيلا وأقربها إلى الحقيقة. وربما أكثر صدقا حتى من بعض مذكرات المجاهدين التي لا تخلو من الذاتية أو نتيجة بُعدهم عن محيط القيادة، أو حتى من بعض المؤرخين والباحثين.
إن عجول كمناضل في الحركة الوطنية وكمثقف وكقائد وأقرب شخص من قادة الولاية جعله على علم بالأحداث أكثر من أي قائد آخر أو مجاهد. هذا للتوضيح فقط، لأني اعتمدت كثيرا على ما يهمني من تصريحاته في هذا الموضوع في أثناء استنطاقه، فالعديد من المؤرخين يعتبرونها وثيقة نادرة، فهي أغنى وثيقة حول الثورة التحريرية، خصوصا في منطقة جبال الأوراس وجبال النمامشة.
كيف ولدت رغبة انفصال منطقة تبسة؟
انطلقت الثورة في الأوراس وفي منطقة النمامشة، وتأسست أولى قواعدها عبر الشرق الجزائري، بقيادة مصطفى بن بولعيد، الذي واجه القوات الفرنسية في الأشهر الأولى بعدد قليل من المجاهدين بنظام وانضباط محكمين تحققت خلالها انتصارات عسكرية وسياسية.
ومع ازدياد ضغط القوات الفرنسية وعدد الثوار ونقص الأسلحة، قرر بن بولعيد السفر لجلبها من ليبيا، حيث كان قد أسس خلية هناك قبل اندلاع الثورة (شهادة بوعزة محمد المدعو عرعار) وعين بشير شيحاني قائدا بالنيابة.
في الطريق، تم توقيفه بتاريخ 11 فبراير 1955، فكانت أولى النكسات التي هزت المنطقة الأولى. استمر شيحاني في تنظيم المنطقة، بإجراء تعديلات مختلفة بمساعدة كلٍّ من عباس لغرور وعاجل عجول ومواجهة ضغط القوات الفرنسية وتحقيق انتصارات مبهرة.
خلال السنة الأولى للثورة، أراد شيحاني بشير إبراز انتصارات المنطقة قوة التنظيم، فقرر عقد مهرجان في فضاء مفتوح لاستعراض انتصاراته كقائد بالنيابة لمصطفى بن بولعيد وربط المواطنين بجيش التحرير الوطني، مثلما صرح به عجول في كتاب “مغربلو الرمال” لمحمد العربي مداسي، “هدف شيحاني هو أن يعرّف الثورة وقادتها للجمهور”.
سنتعرض هنا للصُّعوبات التنظيمية التي واجهها قادة المنطقة الأولى منذ اندلاع الثورة، وكيف واجهوا مختلف آثارها. قد أتعرض مستقبلا للعمليات العسكرية في مختلف مناطق الولاية، التي تكللت جميعها بنجاحات مبهرة رغم ما أصابها من اهتزازات تنظيمية.
للإشارة وللتاريخ فقط، أن عجول في رسالته الموجهة إلى بومدين، عندما كان بالسجن سنة 1963، يقول فيها إنه بعد الاجتماع الذي قرر فيه سفر مصطفى بن بولعيد إلى طرابلس: “أن الأخ عباس انتخب سريا قائدا للمنطقة من دون علم شيحاني بشير”. عجول لم يذكر في رسالته من انتخب ولماذا انتُخب سرّيا؟
شيحاني بشير.. ثقافة عالية وطموح قيادي
قاد شيحاني بشير المنطقة الأولى في ظروف صعبة، ورغم ذلك، تمكن من اكتساب ثقة الجميع ومساندتهم، مجاهدين وقادة وبالخصوص نائبيه عباس لغرور وعاجل عجول. هذا الأخير، الوحيد الذي كان يناقش أحيانا بعض قراراته، أو يرفضها، مثل تعيينه في منطقة معينة، أو كعضو في القيادة العليا واستبداله بقائد آخر.
كانت المنطقة الأولى أو القيادة العليا للثورة على علاقة وطيدة مع ممثلي الثورة في الخارج بالخصوص أحمد بن بلة ومحساس، اللذين يمثلان ضمنيا جناحها السياسي، وكان السعيد عبد الحي الذي كلفته القيادة العليا ممثلا لها في تونس مكلفا بجلب السلاح وتأسيس النظام، أي جبهة التحرير الوطني، هناك.
يتمتع شيحاني بشير بثقافة وطنية عالية، وبمستوى ثقافي باللغتين العربية والفرنسية، وكان فصيح اللسان وخطيبا بارعا.. كان قائدا طموحا مسيطرا واثقا من نفسه بعيد النظر. قد تكون طموحاته هي التي أدت به إلى ارتكاب بعض الأخطاء، سواء في استراتيجيته أم في بعض قراراته الإدارية التي لم يفلح فيها رغبةً منه في فرض سلطته على المنطقة. قد تكون أيضا بعض إخفاقاته ناتجة عن عدم معرفته بالتركيبة الاجتماعية لمنطقة جبال الأوراس ومنطقة جبال النمامشة المعروفة بهيكلتها الاجتماعية القبلية العريقة، أو كما يحلو لي أن أسميها “المزمنة”، وسنتعرض لهذا لاحقا، مع العلم أن شيحاني بشير هو قائد المنطقة الأولى بالنيابة الذي سيرها لأطول مدة، أي ما يقارب تسعة أشهر مكلّلة بانتصارات خصوصا العسكرية. أتعرض هنا لبعض الإخفاقات وكذا تسلسل الأحداث التي أدت تدريجيا إلى إضعاف المنطقة الأولى ثم تجزئتها وتشتيت قادتها ومجاهديها ثم إبادة معظم قادتها التاريخيين.
خطأ في إبعاد قادة تبسة
بعد الانتصارات المبهرة التي حققتها المنطقة الأولى خلال السنة الأولى للثورة، أراد شيحاني بشير استعراض انتصارات المنطقة وحسن التنظيم التي تتمتع بها، فقرر عقد مهرجان شعبي في فضاء مفتوح لاستعراض انتصاراته كقائد بالنيابة لمصطفى بن بولعيد وربط الجمهور بجيش التحرير الوطني. كما يذكر عجول: “هدف شيحاني هو أن يعرّف الثورة وقادتها للجمهور” (1) كتاب محمد العربي مداسي.
بعد أن يسرد عجول (2) ظروف سفره رفقة عباس لغرور إلى مهرجان الجرف برأس الطرفة يقول: “عند وصولنا إلى المكان، وجدنا كل شيء جاهزا لاستقبال القيادة العليا. كان هناك فراشٌ ووسائل إضاءة. المدنيون مصطفّون محاطون بمقاتلين مسلحين. لقد أراد شيحاني بذلك أن يعطيهم انطباع القوة. أخذ شيحاني مكانا وسط المدنيين، مع كل أعضاء القيادة، محاطا بفريق حماية القيادة المسلح. ارتكب شيحاني خطأ بسيكولوجيا بإبعاده قادة تبسة، وكذلك مجموعة الحراسة والأمن التي كنت أنا على رأسها. معظم هؤلاء القادة الذين كانوا مدنيين كان لهم شأنٌ عظيم، فكانت خيبة أملهم كبيرة، وانزعجوا بسبب إبعادهم (وضعهم في الخلف) وعن عدم ظهورهم في أعين الجمهور الحاضر كقادة يستحقون بعض التقدير. بدأ شيحاني خطابه، وبعد مرور بعض الوقت، نفد صبر القادة السالف ذكرهم، والتحق بهم بعض الشخصيات المدنية التي ساعدت التمرد (الثورة)، فتوجهوا نحو القيادة العليا وجلسوا قربها.
هذه الحادثة، لم ترُق لشيحاني، الذي علق خطابه لمدة ربع ساعة، وجاء يلومني على أنني سمحت باجتياح منصّته. بعد الاستئناف، وإثر نقاش عقيم، تم التوصل إلى حل وسط وتم تغيير صفوف الحضور. جلس قادة تبسة، عسكريين أو مدنيين، أمام شيحاني بشير. تحدّث هذا الأخير بالعربية وبالفرنسية، مستحضرا تاريخ الجزائر وتاريخ التمرد (الثورة)، موضحا أهداف الثورة والاستقلال..”. يضيف عجول: ”ارتكب شيحاني مرة أخرى خطأ بيداغوجيا إذ أكد (في خطابه) أن الإدارة العليا هي الهيئة المؤهلة لإعطاء الأوامر وأن القادة الثانويين ما هم إلا منفذون، وهو ما لم يعجب إطلاقا قادة تبسة، الذين أرادوا إبراز وجودهم أمام جمهورهم، وهو ما أحدث ابتداء من هذا الاجتماع نوعا من عدم الثقة في شيحاني بشير لدى قادة تبسة، وسنرى في ما بعد النتائج..”، كما يصرح عجول أنه: ”بدءا من هذا الاجتماع، تولد التنافس بين عناصر من منطقة تبسة وعناصر من الأوراس، والسبب الأساسي، هو أن شيحاني بشير أبرز في خطابه أن الأوراس هي المنطقة الأم للتمرد (للثورة) وأن القيادة العليا للأوراس هي الأصلح. كان شيحاني فعلا غير بارع في كلامه هذا، أمام غرباء (يقصد منطقة تبسة) عن الأوراس…”. ص.97-98
صراع شيحاني مع لزهر شريط
يجب التذكير بأن من بين صعوبات التنظيم التي واجهتها المنطقة الأولى هي شساعتها، إذ كانت كما حدّدتها مجموعة 22 أو 21، تحدها من الشرق: كل الحدود التونسية، ومن الشمال: عنابة والخروب إلى سطيف، ومن الغرب: المسيلة وبوسعادة إلى تُقرت، ومن الجنوب: كل المنطقة الصحراوية ما وراء وادي سوف. تم تقليص حدودها بعد مؤتمر الصومام، بإنشاء الولاية السادسة والقاعدة الشرقية. كما أن الولاية الأولى أصبحت تسمى أوراس النمامشة، بعد الصراعات الداخلية ورغبة منطقة تبسة في الانفصال وظهور القاعدة الشرقية.
يتمتع شيحاني بشير بثقافة وطنية عالية، وبمستوى ثقافي باللغتين العربية والفرنسية، وكان فصيح اللسان وخطيبا بارعا.. كان قائدا طموحا مسيطرا واثقا من نفسه بعيد النظر. قد تكون طموحاته هي التي أدت به إلى ارتكاب بعض الأخطاء، سواء في استراتيجيته أم في بعض قراراته الإدارية، التي لم يفلح فيها رغبةً منه في فرض سلطته على المنطقة.
ومصطلح النمامشة لا يعني قبيلة النمامشة، بل يعني جبال النمامشة، المعروفة جغرافيا بـِles Monts des Nemamchas، بحدودها المادية الممتدة من سوق أهراس إلى نقرين ووادي سوف، مرورا بتبسة، ومن قالمة إلى الخروب وعين البيضة ثم خنشلة حتى وادي سوف. قبل هذا، أي قبل مهرجان الجرف يقول عجول (2) إن شيحاني لم يستقبل شريط لزهر كما ينبغي، وإن هذا الأخير احتقر شيحاني؛ فشريط لزهر رجل ذو الأربعين مقاتلا شرسا جاء برفقتهم، شارك في الحرب بجانب الثوار التونسيين أمام شيحاني بشير، الشاب دون الثلاثين، ونتيجة لصدمة هذا اللقاء، جرّد شيحاني شريّط لزهر من مسؤوليته عن منطقة تبسة واعتبره جنديا عاديا، ما أدى إلى انفصال هذا الأخير عن القيادة لمدة معينة. لكن في الأخير، بعد اعترافه بشجاعته وحسن التنظيم، عينه شيحاني قائدا على منطقة سوكياس وبئر العاتر.
ممارسات مؤثرة زعزعت الثورة بالأوراس
من بين الأسباب الأخرى التي زعزعت المنطقة الأولى وساعدت على تمرد منطقة تبسة وأيضا في الأوراس الوسط- الغربي، أي منطقة شيليا وإشمول، هو تغيير مقر القيادة العليا من الهارة إلى القلعة، وإصدار تغييرات جديدة في القيادة، بتحويل البعض وتجريد البعض الآخر من مسؤوليته، بالإضافة إلى تعيين عمر بن بولعيد قائدا شرفيا للقيادة العليا، الذي تمرد عندما اكتشف أن منصبه هذا لا يخول له السلطة التي يطمح إليها، إضافة إلى عوامل عديدة، منها المساحة الشاسعة للمنطقة الأولى وصعوبة تأطير زخم الملتحقين الجدد بالثورة، الذين كان يزداد عددهم من يوم إلى آخر، معظمهم لم ينتم إلى أي حزب ولم يباشر أي تكوين سياسي أو عسكري، ما تسبب في مشاكل الانضباط، فالعديد من المجاهدين والقادة رفضوا تحويلهم من قطاع إلى آخر، وحتى من مكان إلى آخر في حدود قطاعهم. وبعضهم نصب نفسه قائدا على نفسه وعلى محيطه (عرشه أو قبيلته) يرفض الاعتراف بأيّ سلطة، ما أدى إلى تصفية بعضهم (وليس حربا بين الأعراش أو القبائل كما يدعى) بسبب رفض قرارات القيادة أو لأجل تصرفات تتناقض مع نزاهة وقداسة الثورة. كل هذه الصعوبات واجهتها القيادة العليا ولم تفلح في معالجة العديد منها.
خطأ استراتيجي لشيحاني
أحد أخطاء القيادة العليا، تحديدا شيحاني بشير، هو قرار عقد مهرجان رأس الطرفة، كما ذكرت سابقا، فلماذا يا ترى لا أحد من أعضائها ولا من القادة الآخرين عبر المنطقة عارض هذا المهرجان الخطير على مسار الثورة؟
يقول عجول عندما سأله مداسي محمد العربي (3): لماذا لم تعارضوا شيحاني عندما قرّر تنظيم اجتماع الجرف أي رأس الطرفة؟ فأجابه عجول: ”أقول لك صراحة.. لم تعد مشكلتي منذ قضية غبروري، فهو يأمر وأنا أطيع”.
فك حصار الجرف يعدّ أكبر معارك الثورة التحريرية التي واجهها جيش التحرير الوطني وجها لوجه. لقد انطلق تطويق الأوراس ابتداء من باتنة ثم خنشلة ثم تبسة وبسكرة بـ42000 ألف عسكري بحسب مصادر فرنسية، مدعمين بمختلف وسائل الدمار الجوية والبرية وأطلق عليها الفرنسيون “عملية تيمقاد”. كان هدفها إجهاض الثورة التحريرية في مهدها. لكن الإرادة الفولاذية لمجاهديها ومقاومتهم الباسلة لمدة ما يقارب أسبوعا، حوّلتها إلى انتصار مبهر بالنظر إلى ظروف المعركة الرهيبة.
قضية غبروري هي محاولة انقلاب على الإدارة العليا، دبّرها عمر بن بولعيد، معتبرا أن القيادة انحرفت عن مبادئ بن بولعيد مصطفى (انظر كتاب “مغربلو الرمال” لمحمد العربي مداسي). يضيف مداسي: ”بالنسبة إلى عجول ولغرور، فإن الجرف كان خطأ. شيحاني قدَّم جيش التحرير الوطني على طبق لعدو قوي، كان له الوقت لتحضير هجومه المتعدد الأوجه”.(3)
يمكن اعتبار قرار الاجتماع انتحارا جماعيا، نظرا إلى الموقع الجغرافي والعدد الضخم للحاضرين، سواء من القادة أم من الجمهور، كما كان يتصوره عجول خلال المهرجان. تصرّف القائد شيحاني بشير وكأنه لا أحد يعلم أنه قد يكون هناك مخبرون في المحيط يبلّغون السلطات الفرنسية عن هذا الاجتماع، وأن فرنسا تملك طائرات استطلاع بإمكانها تحديد مكان الاجتماع وقنْبلته. لحسن الحظ، كان عِلم القوات الفرنسية بمكان الاجتماع متأخرا نوعا ما. كما يقال إن جهة ما أخبرت شيحاني بشير بأن هناك عملية عسكرية فرنسية واسعة النطاق لتطويقهم.
معركة الجرف.. ما لها وما عليها
يقدّر عجول خسائر معركة الجرف كما يلي: “قدّرنا في ختام قضية الجرف، أن من بين ما يقارب 300 مقاتل، قُتل نحو 80. وأننا تعرّضنا لخسارة فادحة، لكن رغم ذلك، فهي نسبية، لأننا اعتقدنا أنه بمحاولة خروجنا سيكون عدد قتلانا أكثر”.
إن فك حصار الجرف يعدّ أكبر معارك الثورة التحريرية التي واجهها جيش التحرير الوطني وجها لوجه. لقد انطلق تطويق الأوراس ابتداء من باتنة ثم خنشلة ثم تبسة وبسكرة بـ42000 ألف عسكري، بحسب مصادر فرنسية، مدعمين بمختلف وسائل الدمار الجوية والبرية، وأطلق عليها الفرنسيون “عملية تيمقاد”. كان هدفها إجهاض الثورة التحريرية في مهدها. لكن الإرادة الفولاذية لمجاهديها ومقاومتهم الباسلة لمدة ما يقارب أسبوعا، حوّلتها إلى انتصار مبهر، بالنظر إلى ظروف المعركة الرهيبة.
الانتصار في معركة الجرف كان له صدى قوي عبر الجزائر والعالم، فالمعركة هي أكبر مواجهة عرفها الجيش الفرنسي منذ حرب الفيتنام. لقد كانت السند الصلب ليس فقط للمجاهدين عبر المناطق الأخرى في الوطن، بل وبالخصوص لممثلي الثورة في الخارج، إذ كانت السند الذي واجهت به الدبلوماسية الجزائرية الدبلوماسية الفرنسية عبر المحافل الدولية. هذا الانتصار والنجاة من إجهاض الثورة تحوّل إلى عاصفة أدت إلى اختفاء أحد قادتها وأحد أبرز قادة الثورة ورجال الحركة الوطنية، وهو شيحاني بشير.
هذا الانتصار في معركة الجرف، كان له صدى قوي عبر الجزائر والعالم، فالمعركة هي أكبر مواجهة عرفها الجيش الفرنسي منذ حرب الفيتنام. لقد كانت السند الصلب ليس فقط للمجاهدين عبر المناطق الأخرى في الوطن، بل وبالخصوص لممثلي الثورة في الخارج، إذ كانت السند الذي واجهت به الدبلوماسية الجزائرية الدبلوماسية الفرنسية عبر المحافل الدولية. هذا الانتصار والنجاة من إجهاض الثورة، تحوّل إلى عاصفة أدت إلى اختفاء أحد قادتها وأحد أبرز قادة الثورة ورجال الحركة الوطنية، وهو شيحاني بشير.