-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
طالبوا بمراجعتها للحفاظ على الأسرة.. قانونيون وأئمة:

الأغلبية الساحقة من إجراءات الطلاق في الجزائر خاطئة

وهيبة سليماني
  • 12245
  • 0
الأغلبية الساحقة من إجراءات الطلاق في الجزائر خاطئة

لم يعد الطلاق في الجزائر مجرد أرقام، ولا قضايا لتفكك اسر، وأطفال متشتتين بين الآباء والأمهات، فهناك الكثير من الأسرار، والكوارث التي تختفي وراء “أنت طالق”، أو وراء رمي يمين الطلاق تعسفا لفك الرابطة الزوجية..44 ألف حالة طلاق وخلع في 6 أشهر فقط، هي الحصيلة التي أعلنت عنها وزارة العدل سنة 2022، منها الكثير من حالات طلاق تتعارض مع القانون وحتى الشرع الذي يحفظ ويصون كرامة المرأة ويبعد عنها الكثير من الشبهات!

وأكد حقوقيون وقانونيون، لـ”الشروق”، أن 90 بالمائة من حالات الطلاق في الجزائر خاطئة من حيث الإجراءات القانونية وحتى الشرعية، ويعني ذلك أنها لم تتوفر فيها شروط تتعلق بحساب عدة المرأة التي تقضيها بمجرد رمي يمين الطلاق عليها، ولا وجوب بقائها في البيت الزوجية قبل نهاية مدة هذه العدة، فالطلاق الشرعي والطلاق الذي تصدره المحكمة قد يكون بينهما 10 شهور كاملة أو أكثر، وهي مدة كافية، بحسبهم، لأن تفتح أبواب جهنم على المرأة المطلقة، وتدخل الأبناء الذين ولدوا بعد الطلاق في خانة قضايا إثبات النسب.

الطلاق بطرد المرأة من البيت يخالف الشريعة

وكشف بعض المحاميين، أن قضايا الطلاق التعسفي، تجر إلى عدة أضرار تلحق بالمرأة والأطفال، وتخالف أغلبها الشريعة الإسلامية، حيث أكد المحامي إبراهيم بهلولي، أستاذ القانون بكلية الحقوق بن عكنون، أن أغلب حالات الطلاق التعسفي تنتهي بخروج المرأة من البيت الزوجية، وتصل الفترة في الكثير من الأحيان بعد الطلاق الشرعي والطلاق القانوني إلى 10 أشهر، يمكن خلالها أن يولد طفل خارج العلاقة الزوجية، مع العلم حسبه، أن أقصر مدة للحمل تدوم 6 أشهر.

بهلولي: سوء تطبيق إجراءات الطلاق يهدد باختلاط الأنساب

ولا يتعلق الأمر فقط، بالحمل، ولكن بما يحدث خلال فترة يتجاهل فيها المطلقون الجوانب الشرعية، والحقوق المترتبة عن ذلك، حيث قال المحامي إبراهيم بهلولي، إن هناك تداخلا حقيقيا بين الطلاق الشرعي والصادر من المحكمة في الإطار القانوني، مشيرا إلى 90 بالمائة من الأحكام القضائية المتعلقة بالطلاق خاطئة في المنطوق، وتتعارض مع الشرع في حساب فترة العدة.

ويرى أن الحفاظ على العدة الشرعية يقتضي، حسبه، إشهاد بالطلاق الحاصل بين الطرفين بأثر رجعي، أي بناء على الطلاق الشرعي الذي يحدد تاريخه بالضبط من خلال محضر معاينة.

جزائريات يطلبن” التطليق” بعد طلاق تعسفي

وأضاف بهلولي، أن الكثير من النساء يتعرضن للطلاق التعسفي ويخرجن من البيت الزوجية إما بإرادتهن أو مطرودات، ويقمن بمعاينة عن طريق محضر قضائي بعد 4 أو 5 أشهر من الطلاق الشرعي، ثم يسجلن دعوى التطليق أمام المحاكم، لتمر 6 أشهر أخرى قبل صدور الحكم القضائي، وهنا تتجاوز المدة بين رمي الطلاق وحكم التطليق 10 أشهر.

وقال بهلولي، إن عدة الطلاق قانونا تبدأ من صدور حكم قاضي شؤون الأسرة، وعليه، فإن مسألة إصدار الأحكام أو النطق بالأحكام في قضايا الطلاق، بحسبه، يجب أن يكون بالتوفيق بين القانون والشرع في ما يتعلق بتوثيق تاريخ الطلاق بأثر رجعي، أي تاريخ النطق به.

طرد المطلقة من البيت تسبب في كوارث

وقال المحامي لدى مجلس قضاء الجزائر، نجيب بيطام، إن الشريعة الاسلامية فرضت على المطلقة البقاء في البيت الزوجية بعد رمي يمين الطلاق عليها، وذلك لتحقيق مصالح منها تبرئة الرحم من اختلاط الأنساب، كما يعتبر ذلك فرصة للزوجين لمراجعة نفسهما، والعدول على الطلاق.

بيطام: ثغرات وتحايل بالجملة في قضايا الطلاق التعسفي

وأكد بيطام، أن أكثر النساء المطلقات تعسفيا أي بدون سبب واضح، هن اللواتي يطردن من البيت الزوجية، قبل قضاء عدتهن، وهو الأمر الذي يستغله الزوج لتدبير المكايد والحيل قبل رفع دعوى الطلاق أمام الجهات القضائية، حيث يصبح الطلاق الشرعي تعسفي وأمام المحكمة بسبب تهمة حيكت ضد الزوجة أو تورطت فيها خلال الفترة ما بين خروجها من البيت وتاريخ تسجيل قضية الطلاق في قسم شؤون الأسرة.

وأوضح المحامي نجيب بيطام، أن الطلاق التعسفي يترتب عنه دفع تعويض عن الضرر للمطلقة، وهذا حسب المادة 52 من قانون الأسرة، حيث للقاضي السلطة التقديرية، ويتراوح مبلغ التعويض غالبا بين 10 ملايين و20 مليون سنتيم، ولكن عدم التزام المطلقة بقضاء العدة في البيت الزوجية، يفتح فرصة التحايل من طرف الزوج لعدم دفع تعويض الطلاق التعسفي.

وقال بيطام، إن المدة بين الطلاق الشرعي والطلاق القانوني التي تصل في حالات ما إلى أكثر من سنة، تعطي الفرصة السانحة للزوج، لكي يتعنت ويتهرب من دفع تعويض الطلاق التعسفي من خلال استغلال كل المدة الطويل قبل صدور الطلاق في سحب أمواله من أرصدته.

وأكد ذات المحامي، أن التعويض دين مدني لا يمكن أن تطالب به المطلقة أمام القاضي الجزائي، حيث إن تنفيذ دفعه لها يتم عن طريق جرد ممتلكات المطلق والحجز عنها عن طريق محضر قضائي، ولكن في الكثير من الأحيان لا تستطيع الضحية أن تحصل على تعويض الطلاق التعسفي، موضحا أن عدم امتلاك المطلق لرصيد بنكي أو بريدي، يحيل دون الزامه بدفع التعويض، فالأزواح الذين لديهم نشاطات تجارية حرة لا يمكن معرفة الأموال التي بحوزتهم.

وعلى ذلك، يرى المحامي نجيب بيطام، بأن التباعد في التواريخ بين الطلاق الشرعي والطلاق القانوني، يمنح وقتا للرجال الذين يطلقون زوجاتهن تعسفيا، لكي يخفوا أموالهم ويتهربون من دفع التعويض عن الضرر، وذلك بتحويل أرصدتهم إلى أرصدة أخرى باسم الزوجة الجديدة مثلا.

أئمة يطالبون بهيئة لإقناع المطلقات بقضاء العدة في بيت الزوجية

وفي سياق الموضوع، شدد الشيخ جلول حجيمي، رئيس النقابة الوطنية للأئمة، على ضرورة الرجوع إلى تطبيق الشريعة في ما يخص عدة المرأة المطلقة، وقال إن بقاء المرأة في بيتها الزوجية بعد رمي يمين الطلاق عليها، فرضه الله- سبحانه وتعالى- لتحقيق أهداف سامية تضمن استقرار المجتمع عموما، واستقرار الأسرة خصوصا، والعدة هي الٱلية الأخيرة لدحض شبح الطلاق الذي أصبح، حسب حجيمي، يهدد كيان الأسرة الجزائرية بعد ارتفاع أرقامه.

حجيمي: الطرد من البيت قبل انقضاء العدة مخالف للشرع

وأوضح الشيخ جلول حجيمي، أن القانون الجزائري فرض بقاء الزوجة المطلقة في بيتها، ولكن المادة القانوني التي تنص على ذلك لا تلزم بقاءها مع الزوج وعدم مغادرة بيت الزوجية، ما أدى إلى عدم احترام ذلك، وخاصة أن العرف والعقلية الجزائرية ترفض أن تبقى المرأة مع الزوج بمجرد أن يقول لها: “أنت مطلقة”.

ودعا الشيخ جلول حجيمي، ونيابة عن الكثير من الأئمة، بهيئة تتكون من نفسانيين واجتماعيين، ومشايخ، وحقوقيين، لمتابعة قضايا الطلاق، والتدخل في جلسات الصلح، مع إعادة النظر في إلزامية تطبيق العدة الشرعية للمرأة في بيتها، مصداقا لقوله “يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا”.

هذه هي حالات الطلاق البدعي

من جهته، أكد عضو اللجنة الوزارية للفتوة، الشيخ سليمان بوديسة، أن هناك الكثير من حالات الطلاق البدعي، والذي حسب جمهور الفقهاء يقع، ولكن صاحبه آثم، ويتعلق بحالات تكون فيها المطلقة حائضا، أو حاملا، وفي حال النفاس.

بوديسة: الطلاق في فترة الحيض والنفاس والحمل بدعي

وأوضح الشيخ بوديسة أن الطلاق 3 مرات في طلقة واحدة، من ضمن الطلاق البدعي، إضافة إلى الألفاظ المحرمة التي تستبدل بكلمة “أنت طالق”، كـ “أنت محرمة” وغيرها من الكلمات التي يقصد بها فك الرابطة الزوجية بطرق غير أخلاقية.

وقال عضو اللجنة الوزارية، الشيخ سليمان بوديسة، إنه عند غير الجمهور لا يقع الطلاق البدعي، بينما في مذهبنا يقع وعلى المطلق أن يتوب ويكفر عن ذنبه، من خلال مراجعة نفسه أثناء فترة العدة الشرعية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!