الجاموفوبيا إضراب عن الزواج خوفا من ممارسة الحب أو نفاده

في تحديدهم وتحليلهم لأسباب العنوسة الطوعية والاختيارية، يصرح ويشطح المختصون بعيدا عن ذات المُضرب عن الزواج، رابطين سلوكه بعوامل اقتصادية واجتماعية عديدة، مع أن السبب الحقيقي قد يكون أقرب إليه من حبل الوريد. ويتمثل في عقدة نفسية تسمى الجاموفوبيا، أو رهاب الزواج، الذي يجعل صاحبه يخشى بصفة مرضية إكمال نصف دينه، ويتهرب من ذلك بشتى الوسائل والسبل. فما المقصود بالجاموفوبيا؟ وكيف يمكن علاجها؟
خوف من الزواج واستئناس بالعزوبية
الجاموفوبيا، مصطلح مشتق من الكلمة اليونانية gamos وتعني الزواج. وphobia وتعني الرهاب. أي رهاب الزواج. وهو خوف مرضي شديد، يصيب الرجال بنسبة أكبر مقارنة بالنساء، نابع عن أسباب غير منطقية، كطلاق الوالدين أو صراعهما الدائم، ما يخلق انطباعا سيئا لدى الابن عن ماهية العلاقة الزوجية فينفُر منها، أو قد ينتج عن صدمة أو خيانة عاطفية مريرة عاشها المريض في ما مضى، أو لضعف ثقته بنفسه وبقدرته على تحمل مشاق ومسؤوليات الزواج المادية والمعنوية، أو لتخوفه من الالتزام بعلاقة خانقة قد تحرمه حرية التصرف كيفما اعتاد.. الخوف من نفاد الحب مع شريكه العاطفي بمجرد تتويجه بالزواج، خاصة عند من يؤمنون بأن العلاقة الزوجية هي مقبرة الحب. الإحساس بعدم الأمان وما ينجر عنه من امتناع عن الخوض في كثير من التجارب الحياتية لتجنب مغباتها وعواقبها المحتملة. كما قد تنتج الجاموفوبيا عن خوف مرضي من ممارسة العلاقة الحميمية. وهذا يحدث بصفة خاصة للنساء أكثر من الرجال. الخوف من الفقد والهجر، الذي يعاني منه المصابون باضطراب الشخصية الحدية. كما قد تلعب الجينات دورا في الإصابة بالجاموفوبيا، عند الأشخاص الذين ورثوا عن آبائهم اضطراب القلق.
هلع حفلات الأعراس
يختلف رهاب الزواج عن رهاب الحب. فهذا الأخير يمنع صاحبه من بدء العلاقات العاطفية فيمتنع عن خوضها من الأساس. أما المصاب بالجاموفوبيا، فإنه قد يدخل في علاقات عاطفية، ولكن عند الشعور بتحولها إلى علاقة جادة قد تنتهي بالزواج، فإنه يفرّ هاربا بجلده. لأن مجرد التفكير بذلك يُصيبه بنوبة هلع حادة تتميز بمجموعة أعراض جسدية مؤلمة، كزيادة خفقان القلب، ضيق التنفس، آلام البطن، التعرق الشديد، آلام في الصدر، الغثيان والدوار، الشعور بالتوتر عند التعامل مع المتزوجين أو عند حضور الأعراس وحفلات الزفاف. وكل هذه الأعراض تدفع بصاحبها إلى تفادي ربط العلاقات العاطفية أو سرعة إنهائها، خاصة إذا التمس تلميحات من الطرف الآخر لتتويجها بالزواج.
سحر أم جاموفوبيا؟
يشكو الكثير من المُضربين عن الزواج في مجتمعنا من الجاموفوبيا. ولكن، غالبا ما يعزو المقربون منهم تهربهم من الارتباط الرسمي إلى عوامل خارجية مادية أو حتى ميتافيزيقية، كالسحر والعين، والتابعة.. لهذا، وبدل عرضهم على أخصائيين في العلاج النفسي، فإنهم يطوفون بهم على أوكار السحرة والدجالين أو في أحسن الأحوال محاولة علاجهم بالرقية الشرعية، مثلما يحدث مع نريمان، التي استمرت في رفض العرسان المتقدمين لها لسنوات، إلى أن قرر أهلها إجبارها على القبول بأحدهم. الأمر الذي أدخلها في حالة صعبة من الوهن النفسي والجسدي جعل والدتها تدور بها من راق إلى آخر لاقتناعها بأنها مسحورة، رغم أن طبيبها المعالج أكد لها أنها تشكو من رهاب الزواج، ولابد لها من العلاج النفسي. وهذا، ما لم تهضمه الأم لبساطة تفكيرها.”
واجه خوفك
التحرر من الجاموفوبيا ممكن، بتصحيح مفاهيم المريض حول الزواج ومعرفة فوائده، سواء باستشارة طبيب نفسي أم بالحديث عن مخاوفه مع شخص مقرب إليه يثق في رأيه، إضافة إلى العلاج بالتعرض، أي من خلال انغماس المريض في كل ما يتعلق بالزواج، سواء من خلال حضور حفلات الزفاف، ومصاحبة المتزوجين والتعرف عن قرب على تفاصيل علاقاتهم الزوجية السوية والسعيدة، التي لا تخلو من بعض المطبات أحيانا. أما إذا ترافق ذلك الرهاب مع أمراض نفسية كالاكتئاب والقلق، فلا بد من استخدام العلاج الدوائي.