-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
الأولياء غاضبون والمختصون يطالبون بتدخل السلطات

الدروس الخصوصية تنطلق قبل الدروس النظامية وأسعارها في ارتفاع

ب. ع
  • 966
  • 0
الدروس الخصوصية تنطلق قبل الدروس النظامية وأسعارها في ارتفاع

إذا كان موعد العودة إلى مقاعد الدراسة، بالنسبة للأطوار التعليمية الثلاثة من ابتدائي إلى متوسط وثانوي، قد تم تحديده يوم الثلاثاء 19 من شهر سبتمبر الحالي، فإن الدروس الخصوصية، خاصة بالنسبة لطلبة النهائي، بدأت منذ شهر أوت، وبإمكان أي جزائري مشاهدة تلاميذ النهائي وهم يحملون حقائبهم ويتوجهون إلى بعض المراكز والحوانيت وحتى البيوت لأخذ دروس خصوصية، حيث صار الجميع مقتنع بأنها الوسيلة الوحيدة للنجاح في البكالوريا، لأن ما يتم تقديمه في الثانوية في الدراسة النظامية غير كاف، وربما لا معنى له، بدليل أن الدراسة صارت تتوقف مع نهاية شهر ديسمبر، كما هو حال ثانويات مدينة قسنطينة، التي بلغ الأمر بأساتذتها والأولياء والتلاميذ في الاعتماد على الدروس الخصوصية، بالرغم من المرتبة المتأخرة جدا للمدينة في شهادة البكالوريا خلال المواسم الثلاثة السابقة.

يقول الأستاذ يزيد بوعنان، وهو المكلف بالإعلام في المجلس الوطني المستقل لمديري الثانويات في اتصال مع “الشروق اليومي”، بخصوص الدروس الخصوصية، بأن انطلاقتها المبكرة في عز العطلة الصيفية، قد حوّلها إلى ظاهرة سلبية، يجب الإشارة إلى أن هذه الدروس تقدّم طوال العام الدراسي خارج إطار القانون، لأن القانون الجزائري لا يعترف بها، إنما يعترف بمؤسسات التعليم العمومي الرسمي في مدارس عمومية تابعة للدولة، أو مدارس خاصة معتمدة تخضع لدفتر شروط محدّد، وتنفّذ المناهج والبرامج الرسمية وتحت رقابة المؤسسات والهيئات الرسمية التابعة للدولة.

أما ظاهرة انتشار الدروس الخصوصية وانطلاقها منذ منتصف شهر أوت وفي عز العطلة الصيفية، فهو بسبب الجشع والتهافت من قبل أباطرة هذه الدروس، والذين لا يحكمهم أي قانون ولا يلتزمون بأخلاقيات ممارسة مهنة التعليم النبيلة، وكذا عدم وعي أغلب الأولياء وانجرارهم أمام مثل هذه الظواهر التي أصبحت مسيطرة وشبه مفروضة ولا أحد يحرك ساكنا من أجل الحد منها وضبطها، والتي أصبحت تهدّد كيان المدرسة العمومية والتي تعتبر، (المدرسة العمومية والتعليم المجاني)، من خصوصيات ومكاسب الدولة الجزائرية الاجتماعية التي نصت عليها القوانين والمواثيق الرسمية للدولة منذ الاستقلال إلى يومنا هذا.

ويشرح الأستاذ يزيد بوعنان كيف أثّرت هذه الظاهرة الفوضوية والخطيرة على أداء المؤسسة التربوية العمومية، خاصة مؤسسات التعليم الثانوي التي أصبح يغادرها التلاميذ في أقسام السنوات الثالثة ثانوي منذ شهر ديسمبر أو جانفي، “وخلّفت فوضى عارمة داخل الثانويات كثيرا ما نبهنا عليها في المجلس الوطني المستقل لمديري الثانويات، وشدّدنا على ضرورة اتخاذ الوصاية لإجراءات قانونية صارمة للحد منها، وعلى ضرورة التطبيق الصارم والفوري للنصوص القانونية سارية المفعول لكن لا حياة لمن تنادي، مع الأسف”.

وفي الوقت الذي يُجمع فيه الأولياء على متاعبهم المالية والاجتماعية أمام غلاء هذه الدروس، التي وصلت إلى مليون سنتيم لحصة في كل أسبوع، فإن دور الأولياء يبدو غائبا أو مغيّبا وخاصة جمعيات وفيدراليات أولياء التلاميذ التي لا تحرك ساكنا، أمام هذه الظاهرة والتي بالإضافة إلى أنها غير قانونية، فإنها أصبحت تثقل كاهل الأولياء من متوسطي ومحدودي الدخل بمصاريف إضافية وأصبحت شبه حتمية لأن المجتمع كله أصبح منساقا وكأن المؤسسات التربوية العمومية لا تؤدي أي دور، فوجب الدعوة إلى تطبيق القانون بمنع هذه الدروس الخصوصية الفوضوية، أو على الأقل، إيجاد إطار قانوني منظّم لها كما هو معمول به في عدة بلدان.

ومن الواضح جدا أن هذه الدروس الخصوصية الفوضوية والتي تنطلق في عز العطلة الصيفية لا تخضع لأي معايير نفسية أو بيداغوجية أو تربوية أو اجتماعية، ولذلك، “فنحن نفضّل” -كما قال الأستاذ بوعنان- “أن نسميها الدروس الفوضوية، فالتلميذ في مثل هذا الطقس الحار وفي جميع بلدان العالم عوض أن يتمتع بعطلته ويعيش لحظات من الترفيه والاستجمام والتنزه ليسترجع أنفاسه ويعود إلى مقاعد الدراسة وقد أخذ قسطا من الراحة، فإنه أصبح مضطرا مع أوليائه لمباشرة الدروس قبل حوالي شهر كامل عن انطلاق الدروس في الثانويات ومؤسسات التعليم الرسمية، سواء كانت عمومية أو خاصة”.

“وهذه الدروس الخصوصية الفوضوية عوض أن تقدّم دعما لدروس تم تناولها في الحجرات والمؤسسات، فهي أصبحت تتهافت وتتسابق وتتسارع في تقديم المنهاج قبل أوانه وبطريقة غير بيداغوجية بالمرة، بسبب التهافت على جمع المال لأن الجشع أعمى أبصارهم وأصبحوا يتعاملون مع التلميذ كما يتعامل التجار والمضاربون مع مختلف السلع في الأسواق”.

في حين أن المادة العلمية شيء مقدّس تحكمه أخلاقيات وأدبيات قبل أي شيء آخر، والغريب في الأمر أن هؤلاء، (أباطرة الدروس الفوضوية) – ولو على قلتهم- كثيرا ما يحتجون ويطالبون بتأخير الدخول المدرسي إلى نهاية سبتمبر، بدعوى الحرارة المرتفعة وقصر مدة العطلة الصيفية، لكنهم ينطلقون في تدريسهم الفوضوي داخل المستودعات في شهر أوت وفي عز العطلة والحرارة الشديدة، وعند انطلاق السنة الدراسية بشكل رسمي، يحرضّون التلاميذ بعد تسجيلهم للبكالوريا، على مغادرة حجرات الدراسة في الثانويات ويقدمون دروسهم الفوضوية من الساعة الثامنة صباحا إلى منتصف الليل.

الأولياء الذين تحدثنا معهم، والذين وجدوا أنفسهم أمام ميزانية ثقيلة أضيفت إلى أعباء عيد الأضحى والصيف والدخول الاجتماعي، اتفقوا على أنهم مكرهون، وليسوا أبطالا، فقد صاروا على قناعة بأن الأستاذ لا يعطي شيئا في الثانوية ويخبئ  ما يملك من معلومات وجهد في المستودعات، كما قالت والدة تلميذ في النهائي، بأنها تريد إرضاء ضميرها بإلحاق ابنها بالدروس الخصوصية حتى لا تندم، أما الأساتذة الذين رفضوا ذكر أسمائهم، فتباينت إجاباتهم بين رمي الكرة إلى مرمى الأولياء والقول بأنهم لم يجبروا أحدا على الدروس الخصوصية، وبين من قارن مرتبه بمرتب لاعب الكرة والتاجر وغيرها من التبريرات، وهو ما لخصه الأستاذ يزيد بوعنان بالقول بأن القانون فوق الجميع وبأن مؤسسات الدولة المعنية مطالبة بتطبيق القانون وتوقيف هذه الفوضى العارمة، وبأن أولياء التلاميذ والنقابات مطالبة بنشر الوعي والسعي للحفاظ على مكتسبات المدرسة العمومية، لإعادة الاعتبار لها وإطاراتها وعدم الانسياق وراء مثل هذه الظواهر المشينة التي شوّهت نظرة طالب العلم للمدرسة العمومية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!