القشابية الجزائرية الأصيلة تنافس أفخم المعاطف الشتوية

كانت القشابية ولا تزال، بألوانها الطبيعية وتصميمها الممتنع، لباس جزائريا قحا، يفخر به الصغير والكبير، قطعة فريدة شهدت ثورة تحريرية مجيدة، واستمرت يرتفع شأنها في أوساط الجزائريين وتنافس ببساطتها أفخم المعاطف الشتوية، تعود في السنوات الأخيرة بقوة إلى الواجهة، حتى نكاد نجزم بأنها موجودة في خزائن كل دار.
أغلى لباس تقليدي موجه إلى الرجل
يتم تصنيف أسعار القشابية والبرنوس على أنها الأغلى ضمن الألبسة التقليدية الرجالية. ويرجع الأمر إلى خامات نسيجها، حيث تصنع من وبر الحيوانات وصوفها الذي يتم جزه في أثناء حياتها أو بعد ذبحها، ليتم انتقاؤه بعناية فائقة، حتى لا يتسبب في مشاكل خلال الغزل، يغسل ويجفف تحت أشعة الشمس لأيام، حتى يتم استخراج خيوط رفيعة منه، هذا قبل أن تتم حياكتها عبر المناسج الخشبية التقليدية التي لم يكد بيت جزائري يخلو منها في السابق، تستغرق العملية ما يقارب السنة لإنجاز قشابية واحدة تحمل كل المواصفات.. أما اليوم، فكل هذه المراحل باتت تتم في ورشات ومصانع متطورة وبآلات حديثة، وقد يضطر الحرفيون إلى صباغة الوبر حتى يتماشى وألوان الموضة الدارجة حاليا.. مراحل عديدة تمر عليها القشابية، هي التي تحدد سعرها في السوق. وعلى أي حال، لن تنزل تحت سعر خمسة وعشرين ألف دينار، فيما قد تصل إلى أربعين مليون سنتيم. الغريب، أنها بهذا السعر المرتفع، يمكن أن تعرض في أسواق شعبية في مناطق عدة من الوطن.. والأغرب، أن العارفين بها يمكن أن يميزوا جيدا حتى نوع الوبر والصوف الذي نسجت منه. فالقشابية “العقيقة”، التي تنسج من وبر صغار الإبل، هي الأغلى ثمنا، نادرة في السوق ولا تسبب الحساسية وتحافظ على قوامها مدى العمر.
موضة يتفاخر بها الشباب
ما يلفت النظر في السنوات الأخيرة، أن القشابية، بعد أن كان لبسها يقتصر على المناطق الجبلية والمرتفعة، حيث البرد الشديد، ونشاط الرجال ينحصر في الفلاحة او التجارة، بتنا نشاهد شبابا يرتدونها في المدن الكبرى، عند الخروج إلى العمل في المكاتب والإدارات والتوجه إلى الدراسة.. لقد أصبحت القشابية موضة عصرية بقصاتها الجديدة القصيرة، وتصاميمها العملية المبدع فيها.. وحتى ألوانها المبهجة، أصبحت مغرية لعشاق التأنق، متى ركز حرفيون جزائريون على إحيائها وحماية هذه التراث من الاندثار والسرقة.
لابد من الإشارة أيضا، إلى أن ارتفاع أسعار المواد الأولية وندرة الوبر الأصلي، قاد الحرفيين ومصممي الأزياء إلى استبدال الخامة الأصلية بخامات مشابهة، كالكشمير والصوف المكرر مثلا، ما أسهم نوعا ما في انخفاض أسعار القشابية، وانتشارها أكثر.
أخيرا.. الجزائريات يتمتعن بالقشابية المعصرنة
في رحلة البحث عن تصاميم جديدة، أنيقة وتمثل الهوية الجزائرية بامتياز، اتجه الكثير من الحرفيين ومصممي الأزياء إلى إجراء تعديلات على الكثير من الملابس التقليدية، لجعلها عصرية وعملية أكثر، من بينها القشابية التي اعتدنا عليها مقترنة باللون البني أو الأسود، وأنها خاصة بالرجال فقط، لكن وبعد تعديلها وعصرنتها، أصبحت تناسب الجنسين. لا، بل هناك من خصص تصاميم مبهرة وملائمة للنساء أيضا، ولأنها توفر الدفء، وتعد رداء محتشما له هوية جزائرية بحتة، وتصميم فريد لا يمكن الحصول عليه بسهولة أو انتشاره في السوق، حازت القشابية النسائية اهتمام فئة واسعة من نساء المجتمع، أغلبهن من الطبقة الراقية والذواقة، التي تبحث عن التفرد. وقد اجتهدت ورشات الخياطة مؤخرا، أكثر فأكثر، لإدخال أنواع من الطرز البربري والشاوي على القشابية، لتكون أنثوية وناعمة، يمكن ارتداؤها حتى مع كعب عال..