-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
في ظل وجود نصوص قانونية و"رغبة سياسية"

الوصول إلى الأرشيف الجزائري لا يزال مقيدا في فرنسا

محمد مسلم
  • 794
  • 0
الوصول إلى الأرشيف الجزائري لا يزال مقيدا في فرنسا

على الرغم من تأكيد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، على تمكين جميع المؤرخين من الأرشيف المتعلق بالثورة التحريرية في الجزائر (أو حرب الجزائر وفق الأدبيات التاريخية والسياسية الفرنسية)، استنادا إلى مرسوم 22 ديسمبر 2021، وكذا تصريحه في 25 أوت المنصرم، الذي يصب في السياق ذاته، إلا أن تلك الوعود لا تزال بعيدة عن التجسيد.

هذه الصرخة صادرة عن المؤرخ الفرنسي، مارك أندري، الذي عبر عن تذمره من القرارات التي تتخذ باسم الدولة الفرنسية، ومع ذلك تبقى مجرد شعارات خاوية، دفعت بهذا المؤرخ إلى وصف ما يجري على صعيد هذا الملف بـ”الاستغلال السياسي لمسألة الأرشيف”، كما جاء في مقال له بصحيفة “لوموند” الفرنسية.

مارك أندري عبّر عما يشغله بهذه الكلمات: “على الرغم من النية المتكررة لـ”فتح” أو “تبسيط” أو “تسهيل” الوصول إلى الوثائق المتعلقة بهذه الحرب (حرب الجزائر)، إلا أنه من الناحية العملية يظل الأمر صعبًا لكل من العائلات والمؤرخين”، وهي الحقيقة التي واجهها معنيون بهذه المسألة.

ويضيف: “بين الخطب التي ترافق العمل السياسي والوقائع على الأرض، الفجوة كبيرة لدرجة أن المرء يتساءل حتى لو لم يكن ما يسمى بمرسوم “التقييد العام”، قد تمت صياغته عند مفترق طرق سوء فهم: الحرب في الجزائر والأرشيف المتعلق بها. تنشأ تناقضات متعددة، في أصل الممارسات الإدارية التقييدية مع نتائج عكسية اجتماعية وعلمية وسياسية”.

وتحدث المؤرخ في مقاله عن بعض الحالات التي كان شاهدا عليها: “دعونا نستشهد بقضية ابنة سجين جزائري محكوم عليه بالإعدام، قررت قبل شهر الذهاب إلى الأرشيف الفرنسي للرجوع إلى ملف التحقيق الخاص بإعادة بناء شبكة والدها ومحاولته الحصول على حكم مخفف، وكلاهما متاح نظريًا”.

ويؤكد مارك أندري أن المصالح الفرنسية منعت ابنة السجين من الوصول إلى أرشيف والدها، لأن هذا الأب، الذي تمت محاكمته عام 1960 وعمره 20 عامًا و6 أشهر، كان قاصرًا (كان أقل من 21 عامًا) وقت الأحداث. كما مُنعت ابنة سجين آخر محكوم عليه بالإعدام من الوصول إلى الأرشيف في أكتوبر، ليس لأن والدها كان قاصرًا وقت اعتقاله، ولكن لأن زملاءه الجنود كانوا قاصرين.

ويصبح الأمر أكثر شبهة عندما تعمد السلطات الفرنسية إلى التمييز بين الأرشيف المتعلق بالحرب العالمية الثانية وحرب الجزائر (الثورة التحريرية)، يقول المؤرخ الفرنسي: “من بين مطالب المؤرخين بشأن مطالب فتح الأرشيف، كانت هناك رغبة في التعامل مع الحرب العالمية الثانية والحرب الجزائرية بالطريقة نفسها، غير أن الملاحظ هو أن هناك الاستثناء العام في الحالة الأولى، الذي اتخذ في عام 2015، لم يستبعد بأي حال مقاتلي المقاومة والمتعاونين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و21 عامًا من نطاقه، من دون أن يشكل ذلك أي مشكلة منذ ذلك الحين”.

ويحاول المؤرخ الفرنسي تلمّس أسباب هذا الاستثناء الذي غالبا ما تخص به السلطات الفرنسية “حرب الجزائر”، ويخلص إلى السبب الحقيقي برأيه، وهو المتمثل في “المنطق القمعي (في الحالة الجزائرية)، الذي مارسه جيش الاحتلال على الجزائريين، ومن خلاله مصالح ممارسات المخابرات”.

وعلى الرغم من أن روح المرسوم، يؤكد فتح الأرشيف للجميع، يميل النص الحرفي إلى الغلق، يقول المؤرخ، ومن شأن هذا التناقض أن يؤدي إلى إشكالية، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالعائلات مقارنة بالأكاديميين، بحيث يصعب على العائلات الوصول إلى ما تبحث عنه، لأنها لا تعرف مسبقًا ما إذا كان بإمكانها الوصول إلى المستند المطلوب، الأمر الذي يفرض تدابير عاجلة لمواجهة هذه العراقيل.

ومن خلال ما سبق، يتضح ما يسمى بالاستثناء “العام” على حقيقته في قضية الوصول إلى الأرشيف في الحالة الجزائرية، كما قال المؤرخ، الأمر الذي يحد من وتيرة البحوث المتعلقة بالذاكرة والتاريخ، وفق ما يهدف الرئيس الفرنسي.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!