-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
بعيدا عن المشاحنات ونشر الفضائح على السوشل ميديا

“تسريح بإحسان”.. أزواج يتطلقون دون ضجيج

آدم. ح
  • 1917
  • 0
“تسريح بإحسان”.. أزواج يتطلقون دون ضجيج
ح.م

الطلاق ليس دائما معولا لهدم الأسرة، وشروع الأزواج في جولات مراطونية من الانتقام والفضائح والمشاحنات وكشف الأسرار على مواقع التواصل، بل يمكن أن يكون حلا يرضي كلا الطرفين، لتفادي أضرار أكبر والحفاظ على استقرار الأبناء وفرصة لكلا الزوجين في بداية حياة جديدة، قد تحمل معها الأفضل للجميع، هي حالات لجزائريين فضلوا فك الرابطة الزوجية بالتراضي بعيدا عن التهويل والتجريح، لضمان حياة مستقرة مع أخف الأضرار للأطفال بعد الانفصال، وهو ما يحث عليه الإسلام تحت شعار “إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان”..
لا تنسوا الفضل بينكم.. هو شعار رفعه العديد من الأزواج في السراء والضراء، وحتى مع استحالة استمرار الرابطة الزوجية، فإن أخلاق الرجال والحرائر تظهر عند الخلاف، وبالرغم من محدودية قضايا الطلاق بالتراضي في الجزائر، غير أن هنالك حالات وقصصا يجب أن تنشر وتشجع لتعليم الأجيال أن الطلاق ليس دائما مصدرا لتكسير نفسية الأطفال وتهديد مستقبلهم ونشر الشقاق بين الزوجين، بل هو آخر حل عندما تستنفذ جميع الحلول، مع دوام الاحترام بين الزوجين حتى بعد الفراق فسيتمر الأبناء في العيش تحت كنف الأولياء حتى وإن لم يجمعهما سقف واحد.

حالة من كل 3 زيجات تنتهي بالطلاق
تسجل الجزائر منحنى تصاعديا مخيفا لأرقام الطلاق، الذي قفز معدله من 20.9 بالمئة عام 2019 إلى 33.5 بالمئة سنة 2023، بواقع 93 ألف حالة طلاق، وبمعنى آخر، ينتهي زواج واحد من كل ثلاثة بالطلاق، وهو رقم يستدعي دق ناقوس الخطر، لأن الأمر يتعلق بالخلية الأولى لبناء المجتمع التي يجب أن تقام حولها العديد من الدراسات والأبحاث لتخفيف وطأ تسونامي الطلاق على استقرار الأسرة.
وينصح المختصون بأنه إذا كان الطلاق أمرا محتما وكان آخر حل بين الزوجين، فيجب أن يكون بأخف الأضرار مع الحفاظ على حقوق واستقرار جميع الأطراف على غرار الزوج والزوجة والأبناء، والتقيد بتعاليم الإسلام الذي حث في العديد من الآيات على حفظ الود بين الزوجين حتى في أثناء الطلاق.

عريضة مشتركة للطلاق الودي
وفي هذا السياق، يؤكد المحامي إبراهيم بهلولي أنه استقبل العديد من الأزواج الذين فضلوا إنهاء رابطتهم الزوجية بالتراضي والاحترام، ما جعلهم يوقعون على عريضة طلاق مشتركة تحفظ حقوق كل طرف، على غرار الاتفاق على مبلغ النفقة وبديل الإيجار وحضانة الأطفال..
وكشف المحامي في تصريح للشروق اليومي، أن الأمر ذهب أكثر من ذلك، حيث يفضل هؤلاء الأزواج محاكم بعيدة عن مقر إقامتهم ليتم الطلاق في السر ودون “شوشرة” بعيدا عن فضول الجيران وأبناء الحي وغيرهم ممن يمكن أن يثيروا الفتنة ويوقعوا بين الزوجين.
وأضاف بهلولي أن أغلب حالات طلاق التراضي تكون عند الطبقة المثقفة والواعية والمتدينة التي لا يكون تفكيرها أنانيا، حيث يفكر الأولياء على مستقبل الأطفال أكثر من تفكيرهم في مصالحهم وتغذية أنانيتهم، وحتى جلسات الصلح في هذا النوع من الطلاق تكون شكلية لأن القاضي يقتنع أن الفراق يكون في مصلحة الزوجين وحتى الأبناء، وهذا لاستحالة استمرار الرابطة الزوجية.
وتأسف محدثنا للواقع المزري، الذي تشهده المحاكم مع الارتفاع القياسي لحالات الطلاق، أين تتحول قاعات الجلسات إلى حلبة للشتائم والشجار والقذف بين الزوجين، والأمر يمتد حسبه لأخطر من ذالك حيث يتوسع لمواقع التواصل الاجتماعي أين تلجأ بعض الزوجات بكشف عيوب وأسرار الزوج للعلن، وهذا ما يجعل الأمور تتفاقم وتمتد الخلافات الى عائلة الطليقين فتنشأ العداوة ويتربى الأبناء بعيدا عن الأخوال والأعمام ويجعلهم فريسة سعلة للضياع والانحراف.

دوام الاحترام والتفاهم بين الطليقين
وأردف المحامي أنه وقف على بعض الحالات أين يستمر الاحترام والتفاهم بين الطليقين، فيتفقون على أوقات الزيارة وتربية الأطفال، ويتعاونون على دفع تكاليف الدراسة والعلاج والإيجار و”تجد الزوجة تحكي لأطفالها أمورا إيجابية عن الأب وتوصيهم بطاعته واحترامه وزيارة أعمامهم، فينشأ الأطفال بنفسية سوية رغم الطلاق بعيدا عن تصفية الحسابات والمشاحنات..”
وأردف بهلولي: “بعض حالات الطلاق تكون بدوافع صحية تحقق مصلحة كلا الطليقين، كأن يعجز الزوجان عن الإنجاب ما بقيا معا لوجود مانع مرضي، فينصح الطبيب بالطلاق الذي يكون الوسيلة الوحيدة للإنجاب.. وهو ما حدث فعلا مع زوجين لم ينجبا لعدة سنوات ما جعل الطبيبة تؤكد استحالة الإنجاب مع استمرار الحياة الزوجية ونصحت الزوجين بالطلاق مع إمكانية الإنجاب، إذا قرر كل طرف الزواج بشريك آخر، وهنا اتفقا الزوجان على الطلاق.. والجميل في الأمر، أن كلاهما أنجب بعد سنوات من طرف آخر واستمر الاحترام بين الطليقين لسنوات طويلة.

طلاق دون “شوشرة” بعد الستين
وسرد لنا المحامي بهلولي العديد من القضايا التي استقبلها لأزواج تطلقوا وديا في سن متأخرة ما بين الستين والسبعين، وهذا بعدما كبر أولادهم واستقلوا بحياتهم، فقرر الزوجان وضع حد لأوزار حرب باردة حاولوا كتمانها وإخفاء أضرارها عن الأطفال الذين تحولوا الى أباء وأمهات، فقرر كل زوج الاستقلال بحياته بطلاق ودي دون مشاكل ولا “شوشرة”، وأغلب هؤلاء الأزواج يؤكد محدثنا أنهم من الطبقة المثقفة والميسورة، أي إن المرأة لا تتأثر من مخلفات الطلاق لاستقلاليتها المالية وامتلاكها لبيت باسمها.

النزعة الانتقامية تدمر نفسية الأطفال
وبدورها، أكدت الدكتورة جميلة شطيطح، مختصة في علم الاجتماع، أن الإسلام عندما يبيح الطلاق المضبوط بضوابط شرعية إنما يجعله آخر العلاج عند تعذر عودة الحياة بين الزوجين إلى الاستقرار الأسري مع كثرة النزاعات والشقاق، وأضافت أنه في بعض الحالات يتوصل الزوجان إلى اتخاذ قرار مشترك في فك الرابطة الزوجية وهنا يقع الطلاق بالتراضي، فينفصلان بالإحسان دون خصام أو نزاع، “بينما نجد العديد من حالات الطلاق تنتهي بالخصام ونشر أسرار الزوجية في الواقع وعلى مواقع التواصل.. وكل هذه الخصومات والصراعات تنعكس سلبا على الأطفال وتدمر نفسيتهم”.
وقالت المختصة الاجتماعية إن مسببات كل هذه الخصومات قد ترجع بالدرجة الأولى إلى النزعة الانتقامية في حالة الطلاق الذي يكون بسبب الخيانة الزوجية، “هذا قد يدفع بالطرف الذي تعرض للخيانة للانتقام وذلك بكشف عيوب وأسرار الطرف الآخر”، ويعود السبب الثاني بحسبها إلى ” تأثير من يسمونهم بالمؤثرين الذين انتشروا كالنار في الهشيم على مواقع التواصل الاجتماعي، ما ساهم في تفاقم هذا الأمر فمن خلال نشر هؤلاء المؤثرين السلبيين لأسرارهم الزوجية بعد الطلاق في مواقع التواصل الاجتماعي بهدف رفع عدد المتابعين وجلب المشاهدات، فهم بهذه التصرفات يصبحون قدوة سيئة للبعض ليحذوا حذوهم وهذه الظاهرة جديدة ودخيلة على المجتمع الجزائري”.
وعن السبب لانتشار الخلافات بعد الطلاق أضافت محدثتنا أنه يتعلق بالعناد ومحاولة التبرير للآخرين بإلقاء اللوم على الطرف الآخر بأن الطلاق تم بسبب أخطاء الطرف الآخر والدليل هو العيوب التي يتم إفشاؤها والأسرار التي يتم نشرها في المواقع.

غياب المصلحين زاد من الخصومات
وأردفت الأستاذة جميلة شطيطح أن التغيرات التي حدثت على الأسرة الجزائرية التي تحولت من أسرة ممتدة إلى أسرة نواتية لها تأثير بغياب وتغييب دور المُصلح والحَكَم من أهل الزوج والزوجة، الذي في العادة، يكون كبير العائلة الذي يسعى للصلح بين الزوجين، وإن لم يحدث الصلح وتم الطلاق يقوم بتهدئة النفوس ويحثهما على حفظ الأسرار الزوجية وستر العيوب، فحسبها التنشئة الاجتماعية والأسرة والبيئة التي تربى فيها الشخص تضبط سلوكياته فمن تربى في عائلة تعطي أهمية كبيرة لقداسة العلاقة الزوجية، أسرة ربت أبناءها على الاحترام المتبادل فسيتم الطلاق بالتي هي أحسن وبدون خصومات بعد الطلاق.
ومن الأسباب المهمة التي تنمي الخلاف بين الطليقين أكدت مصدرنا أنها تتعلق بالخلافات المرتبطة بالأمور المادية والتملص من الإنفاق، الذي قد يكون سببا لإفشاء الأسرار والمعايرة كنوع من الضغط والابتزاز، “كما قد تأتي بعض الخصومات بسبب عدم تحمل المسؤولية ووجود خلافات على حضانة الأطفال، كما يعتبر السبب الديني أيضا من أهم الأسباب بسبب غياب الوازع الديني والأخلاقي، والبعد عن تعاليم الدين السمحة التي لو تمسكنا بها وعدنا إليها لحققنا الاستقرار والنجاح والتقدم لمجتمعنا ولأمتنا”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!