-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
"الشروق" في "جمهورية الموبايل" بالحراش

تصليح الهواتف الذكية.. شباب يطوعون التكنولوجيا لمواجهة البطالة

روبورتاج: آدم. ح
  • 748
  • 0
تصليح الهواتف الذكية.. شباب يطوعون التكنولوجيا لمواجهة البطالة
أرشيف

تحولت حرفة الإصلاح السريع للهواتف الذكية ملاذ الكثير من الشباب للهروب من البطالة والانحراف، حيث يشهد هذا المجال رواجا كبيرا في الإقبال على التكوين وفتح محلات صغيرة لممارسة هذا النشاط المربح، بسبب اكتساح الهواتف الذكية لحياة الجزائريين وكثرة أعطالها ومشاكلها التي تحولت إلى مصدر رزق للكثيرين تحت شعار “مصائب قوم عند قوم فوائد”..
كانت الساعة تشير إلى منتصف النهار من آخر سبت لشهر جويلة، المكان أشهر سوق لبيع وإصلاح الهواتف الذكية “جمهورية الإلكترونيك” ببلفور بالحراش بالعاصمة، هنا كل شيء يباع ويشترى.. هواتف ذكية من مختلف العلامات الأمريكية والأوروبية والآسيوية المستوردة عن طريق الكابة والمجمعة محليا.. ساعات وأجهزة كمبيوتر محمولة وآلات تصوير وسماعات أذن ولوحات إلكترونية وكاميرات وغيرها من الأجهزة الإلكترونية التي تسوق بأسعار تنافسية، جعلت من منطقة بلفور وجهة الباحثين عن جديد التكنلوجيا ومختلف علامات الأجهزة الإلكترونية والأسعار المنخفضة.

طوابير لإصلاح الهواتف وشباب يعملون كالنحل
تستقطب محلات و”طاولات” الإصلاح السريع والفوري للهواتف الذكية حصة الأسد من زوار سوق بلفور بالحراش، بسبب رغبة الزبائن في إصلاح هواتفهم بشكل سريع مع وفرة قطع الغيار والإكسسوارات بأسعار تنافسية..
“الشروق” قصدت هذا السوق الذي كان مكتظا بالزبائن من مختلف البلديات والولايات المجاورة بالعاصمة، أين كانت الطوابير تسود المشهد خاصة على محلات بيع أكسسوارات وقطع غيار الهواتف الذكية، التي تعتمد على أسعار الجملة ويتوفر فيها ما لا يوجد في أسواق أخرى، وما وقفنا عليه هو العدد الكبير لطاولات الإصلاح السريع للهواتف النقالة التي كانت في كل مكان ومع كل مدخل للمراكز التجارية المتخصصة في بيع الهواتف النقالة ولواحقها في بلفور أين تجد العشرات من المحلات الصغيرة التي لا تتجاوز مساحتها 4 أمتار تتشكل على مداخلها طوابير لشباب ومراهقين ونساء ورجال وحتى مسنين جاؤوا لإصلاح هواتفهم الذكية ومختلف الأجهزة الأخرى على غرار اللوحات الإلكترونية والساعات والكمبيوتر المحمول وأجهزة التصوير..

وسائل بسيطة وربح محترم
تعتمد حرفة إصلاح الهواتف النقالة حسب أصحابها، على وسائل بسيطة تعتمد على بعض مفكات البراغي وأجهزة تلحيم وصيانة الرقائق الإلكترونية، مقابل تحقيق أرباح محترمة تتراوح ما بين 5000 دج إلى 10000 دج يوميا، حيث يكلف تغيير زجاج الهاتف “لافيشور” الذي يستغرق 15 دقيقة فقط 1000 دج وتغيير قطعة غيار بسيطة في الهاتف 800 دج في حين تتراوح أسعار تشفير الهواتف واستعادة البيانات مابين 1000 إلى 1500 دج، ومع تعدد أعطال الهواتف النقالة وسرعة انكسارها وتعرضها للتلف، وجد الكثير من الشباب ملاذهم في إصلاح الهواتف بمعدات بسيطة وتحقيق ربح شهري لا يقل عن 80 ألف دينار ويصل إلى 15 مليونا وأكثر للأشخاص المشهورين في إصلاح الهواتف والذين يقصدونهم زبائن من مختلف الأماكن لإصلاح بعض الأعطال الصعبة والحساسة في الهاتف..

سهولة التكوين ووفرة العمل زادت من إقبال الشباب
وفي حديثنا مع بعض الشباب الذين تعلموا حديثا حرفة اصلاح الهواتف الذكية والأجهزة الإلكترونية، أكدوا أنهم وجدوا ضالتهم في هذه الحرفة، التي كانوا يضنون في البداية أنها صعبة ومكلفة ومعقدة خاصة مع التطور الكبير للهواتف الذكية وتزويدها بأحدث البرامج والمميزات التقنية والتكنولوجية، غير أنهم اكتشفوا في التكوين أنهم يمكن أن يتأقلموا مع هذا التطور ويطوعوا التكنولوجيا للهروب من شبح البطالة والفراغ.. كريم، صاحب 25 ربيعا، يملك طاولة للإصلاح السريع للهواتف النقالة وجدناه منهمكا في إصلاح بعض الهواتف وسرقنا منه بعض الدقائق ليحدثنا عن واقع هذه الحرفة، حيث أكد أنه تأثر ببعض شباب حيه الحراش الذين تلقوا تكوينا في إصلاح الهواتف وفتحوا محلات في هذا المجال وحققوا نجاحا كبيرا ومنهم من تزوج وأسس عائلة “وهذا ما جعلني أحتك بهم وأقتدي حذوهم حيث وجهوني لأحد مراكز التكوين في المحمدية الذي يقدم دورات دقيقة ومعمقة في إصلاح الهواتف الذكية تتراوح ما بين 15 يوما للأعطال البسيطة على غرار إصلاح زجاج الهاتف وتغيير بعض قطع الغيار ويمتد التكوين إلى 45 يوما لتعلم كل صغيرة وكبيرة في إصلاح الهواتف، وهو ما قمت به حيث أصبحت والحمد لله مطلعا بإصلاح مختلف الأعطال ورغم تجربتي الفتية في هذا المجال تمكنت من نيل ثقة واستحسان الكثير من الزبائن لأنني أحب هذه الحرفة وأتميز بعقل خفيف وكنت أعشق كل ما يتعلق بإصلاح الأجهزة الإلكترونية والكهرومنزلية منذ صغري وهو ما جعلني أنجح في هذا المجال واستأجرت هذه الطاولة البسيطة داخل المركز التجاري مقابل 30 ألف دينار شهريا، وأنا اليوم أتوق لتغيير حياتي بعدما أتعبت والدي ودخلت السجن منذ 3 سنوات بسبب شجار عنيف مع أحد الشباب وأنا افكر في الزواج وبناء أسرة وكراء محل أكبر إن شاء الله…”

من منحرف إلى أشهر مصلح هواتف
عادل، 35 سنة، هو الآخر اختار التكوين في مجال إصلاح الهواتف الذكية للخروج من شبح البطالة والانحراف، خاصة وأنه من خريج السجون ومعروف في حيه بكثرة المشاكل، إلى حين شروعه في الصلاة وقراره الالتزام بعد وفاة والده، فأرشده بعض شباب المسجد في حيه إلى التكوين في مجال إصلاح الهواتف ووعدهم له على مساعدته على استئجار محل في أشهر سوق لبيع وإصلاح الهواتف “بلفور”، وهو ما قام به قبل ثلاث سنوات ليتحول اليوم إلى أحد أشهر المختصين في إصلاح الهواتف، والأكثر من ذلك أنه تزوج الصيف الماضي وهو ينتظر مولوده الأول بعد أيام، وبات يتميز بخلق عالي ومظاهر الالتزام بادية على محياه وهندامه، حيث أكد لنا: “حياتي تغيرت تماما وأصبحت اليوم فخرا لأمي بعدما جرجرتها في السجون طويلا، كونت أسرة وأصبحت أعيل إخوتي وأكثر نصيحة أقدمها للشباب هي ضرورة التكوين والعمل وتفادي المشاكل والحرام لأن الله يبارك في الحلال..”

متدينون يستقطبون الشباب في هذه المهنة
الملاحظ، وأنت تتجول في مختلف المراكز التجارية التي تحتوي على عدة طوابق في بلفور والتي تحتوي على عشرات المحلات المتخصصة في بيع وإصلاح الهواتف الذكية هو الطابع الديني والملتزم الذي يسود هذا السوق، حيث تجد المصليات منتشرة في كل مكان، وفرض قانون خاص لاحترام العائلات والزبائن والتواجد الدائم لرجال الأمن لحماية هذا السوق والتدخل السريع في حال حدوث شجار وتجاوزات خاصة بعد تسجيل السوق جريمة قتل الشهر الماضي.
وما وقفنا عليه أيضا، أن أغلب أصحاب المحلات يبدو عليهم مظهر الالتزام “لحية وقميص”، بالإضافة إلى تميزهم بأخلاق عالية في الحديث مع الزبائن ومعاملتهم وهو ما جعلهم يساعدون الكثير من شباب الحراش والأحياء المجاورة ومن أصحاب السوابق العدلية في خوص تجربة بيع وإصلاح الهواتف النقالة، وهو ما أنقذ شريحة واسعة من الشباب من الانحراف وجعلهم يفتحون محلات صغيرة في السوق وتعلم هذه الحرفة التي تحولت إلى أكثر الحرف الحدثية التي يقبل عليها الشباب خاصة مع التطور الكبير الذي يشهده سوق الهواتف النقالة وتسويق أنواع وعلامات كثيرة جعلت هذا المجال يستقطب شريحة واسعة من الباحثين عن تطويع التكنولوجيا لربح المال وتأسيس تجارة رائجة.

شهادة وبطاقة حرفي لفتح محل
وقفت الشروق على كثرة عروض التكوين الخاصة بإصلاح الهواتف الذكية على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تعتمد في عروضها على قصر مدة التكوين ومنح المتربصين شهادات معترف بها وبطاقة حرفي لتمكينهم من فتح محل، ومن بين المدارس التي استقطبت عددا كبيرا من الشباب مدرسة “جس أس أم” بحي البدر بالقبة والتي عرضت على صفحتها على الفايسبوك تكوينا لمدة 10 أيام لتعلم المبادئ الأساسية والتطبيقية في إصلاح الهواتف الذكية والتركيز على عملية تغيير الزجاج والفلاش والديكوداج مع اقتراح تكوين لمدة 6 ساعات يوميا تحت إشراف أساتذة ومهندسي دولة في الإلكترونيك من جامعة هواري بومدين بباب الزوار، مع منح المتربصين برامج الفلاش والديكوداج لكل أنواع الهواتف وإعطاء نصائح هامة قبل شراء أجهزة الصيانة.
ويقدر ثمن التكوين 25000 دج مع منح المتربصين شهادة معترف بها من طرف الدولة تسمح لهم في الحصول على بطاقة حرفي لتمكينهم من فتح محل ومزاولة نشاط إصلاح الهواتف الذكية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!