-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
بعد أن دخل التعليم النظامي والخصوصي عطلته السنوية

تعليم الإنجليزية لكل الأعمار “يشتعل” في صيف 2025

س. ر
  • 1312
  • 0
تعليم الإنجليزية لكل الأعمار “يشتعل” في صيف 2025
ح.م
تعبيرية

في الوقت الذي ينتظر تلاميذ وطلبة المستوى المتوسط والثانوي النهائي، نتائج نهاية السنة، خاصة شهادة التعليم المتوسط والبكالوريا، وفي الوقت الذي دخل الأساتذة النظاميون والذين يمارسون الدروس الخصوصية سباتهم الصيفي، تجلت ظاهرة جديدة ستكون الحدث التعليمي في صيف 2025 وهي تدريس اللغة الإنجليزية لكل الفئات والأعمار من الخامسة إلى السبعين، وفي مختلف المستويات.
في مدينة قسنطينة مثلا يكفي أن تجتاز شارع عبان رمضان، أو الأقواس لتعرف من خلال لافتات ومعلقات بأن الصيف سيكون ساخنا جدا بتعليم اللغة الإنجليزية بين مدارس معتمدة وأخرى فوضوية لا يعرف للذي يرشح نفسه لتعليم الآخرين لغة شكسبير، مستوى.

مطالب بغربلة مدرّسي الإنجليزية
يقول صاحب مدرسة خاصة في وسط مدينة قسنطينة، بدأت منذ منتصف شهر جوان في استقبال طالبي تعلم اللغة الإنجليزية للفترة الصيفية: “إن تعليم اللغات والعلوم من دون كفاءة ولا تمكّن أخطر من بيع مواد غذائية مغشوشة، فالأولى تسمم العقول وتحرّف التعليم عن مواضعه، والثانية تسم الأبدان فقط”، ويطالب بتوقيف ما أسماها فوضى التدريس أو تسميم التعليم.
أما عن طالبي التعلم، في مدرسته، والأسعار المقترحة، فيرى ما يشبه الظاهرة هذا الصيف، حيث تم في مدرسته غلق الأبواب، بعد أسبوع من نشر إعلان على مواقع التواصل الاجتماعي، لأن عدد طالبي تعلّم اللغة الإنجليزية فاق التصوّر، حيث أصبح الجميع مقتنعا بأنه أمام لغة عالمية أو كما قال: “الناس اقتنعت بأن سنوات تعلم الفرنسية، كانت هدرا للعمر فقط، وهناك من صار يعتبر نفسه أميا إذا بقي جاهلا للغة العلوم التي يتعامل بها الناس ويتعلمون حتى في قلب فرنسا”، أما عن الأسعار فيعتبرها صاحب المدرسة الخاصة، بالمقبولة ولا يوجد من الزبائن من ناقشها، ويدفع عموما طالب التعلم مبلغ 3500 دج إلى 5000 دج شهريا، حسب الحصص التي تتراوح ما بين أربعة إلى ثمانية في الشهر الواحد بمعدل ساعتين لكل حصة.
ويزاول في المدرسة رجال ونساء من المتخرجين من معهد اللغة الإنجليزية النظامي في جامعة “منتوري”، وليس من معاهد الأنترنت التي يحتاجها بعض الصيادين في مياه اللغة الإنجليزية، كما يوجد عدد لا بأس به من الأساتذة النظاميين الذين يستغلون العطلة الصيفية ويباشرون العمل الموازي، وهم في الغالب ينتمون لثانويات معروفة في مدينة قسنطينة.
أستاذة الإنجليزية دليلة حنشي، تطلب من الأسرة التربوية والجامعية بعث أكاديمية حقيقية للغة الإنجليزية وتقنين طريقة تعليمها، هناك أساتذة بسبب تعلمهم القاعدي لا ينطقون لغة شكسبير بالطريقة الصحيحة، وهو ما يتم نقله للطلبة الذين يجدون أنفسهم يتعلمون لغة إنجليزية بالكامل لا يفهمها الإنجليز أنفسهم، وتطالب بتكوين خاص للأساتذة حتى الرسميين منهم، حتى يتم وضع قاعدة صلبة للغة صار يطلب تعلمها الجميع بما في ذلك المتقاعدين ممن بلغوا من العمر سبعين وربما أكثر.

هنا رجال الأعمال وتجار “الكابة”
لم تفقد فرنسا لغتها من أرض الجزائر، وإنما أيضا تجارتها الشهيرة، حيث لم تعد الوجهة التجارية الفرنسية في كل ما يطلبه السوق الجزائري محبذة لاعتبارات التنوع التي تميز بقية الأسواق من تركية إلى صينية إلى تايوانية وهندية، ولأن رجال الأعمال أو تاجر “الكابة” تجذبه النوعية والأسعار، فإن فرنسا لم تعد تحقق لا السعر الجيد ولا النوعية، كما ان تفلسف الدولة الفرنسية في التشديد على منح التأشيرة وتعقيداتها جعلت التجار يتركون نهائيا هذا الخيار، لأجل خيارات أوروبية أخرى مثل تركيا وإيطاليا وإسبانيا أو آسيوية وما أكثرها.
سامي ربيعي، تاجر “كابة” في منطقة رحبة لجمال العتيقة والشهيرة في قلب مدينة قسنطينة، قال إنه في بدايته التجارية في تسعينيات القرن الماضي، كانت فرنسا تمثل بالنسبة له الوجهة الأولى وربما الوحيدة، وطائرة مارسيليا قسنطينة، كانت ضمن تجارته، لكن العالم تغير بسرعة فتطورت بلدان وبقيت فرنسا في مكانها وربما تراجعت إلى الخلف، فكان لزاما عليه التغيير لأجل أن لا تضيع تجارته، فطلب وجهات أخرى، وعرف مع مرور الوقت بأن تعلم اللغة الإنجليزية ضروري من أجل التعامل مع تجار آسيا غير العرب وتركيا، بينما لغة فولتير لا فائدة منها على حد تعبير سامي.
الإجراءات الأخيرة التي أقرتها الحكومة للمستوردين الصغار أو تجار “الشنطة” أو “الكابة”، والتفاتة رئيس الجمهورية إليهم، وضع هذه التجارة لأول مرة على السكة السليمة، وكانت ضمن طابوهات الحكومة على مدار عقود طويلة، ومع تغير لغة التجارة من الفرنسية إلى الإنجليزية، دخل أو عاد الكثير من التجار الكبار والصغار من المستوردين لمدارس تعليم اللغة الإنجليزية التي كانت ومازالت تسمى اللغة الحية في الجزائر.
سامي وهو يتحدث لـ”الشروق اليومي”، كان بين الحين والآخر يسبح في الفضاء الأزرق، بحثا عن إجابات لتمرين أخذه في مدرسة اللغة الإنجليزية. وما قدمه لنا سامي من مشهد جميل، يؤكد بأن الإنجليزية ستزدهر في الجزائر، حيث خرج من محله الخاص بالألبسة الرجالية الشبابية القادمة من تركيا ودخل إلى محل للعطور المستوردة من دولة الإمارات العربية المتحدة، وحدّث صاحب المحل عادل باللغة الإنجليزية، وأفهمنا بأنهما يتعلمان سويا منذ فترة اللغة الإنجليزية ويطبقان بالحديث بها، ويواصلان التعلم في هذه الصائفة.

للتعلم عبر الأنترنت مخاطر ومساوئ
عدد من الذين حاورناهم من الأساتذة حذروا من الاهتمام الزائد بمواقع وأشخاص يقومون بتعليم طالبي الإنجليزية عبر الصفحات والمواقع، ومنهم من ينتمي لدول من الشرق الأوسط خاصة لبنان ومصر يطالبون مقابل التعليم غير السليم مبالغ بالعملة الصعبة.
وترى الأستاذة دليلة حنشي أن أحسن الطرق هي التعليم التقليدي الكلاسيكي الذي يضع الأستاذ وطالب التعلم وجها لوجه: “لا يمكن تلقين الطفل الصغير بالخصوص لغة كاملة عبر الانترنت، وإن حدث الأمر فسيكون مبتورا ومليئا بالأخطاء، وهناك من يدفع المال لمواقع تعليم الإنجليزية ويصرف لأجلها من وقته، ليجد نفسه بعد أن يسلموه شهادة جميلة الشكل غير معترف بها، لا يتقن من اللغة سوى أخطاءها أو مشتقاتها ولا يمكنه أن يفهم متمكّن من الإنجليزية ولا يمكن أن يُفهم متمكنا آخر من اللغة الإنجليزية”.
السيدة دليلة التي قدّمت لنا أمثلة عن متعلمين لم يتعلموا شيئا، مع اعترافها بأن النطق السليم مازال غائبا عند العديد من الأساتذة الذين ينهلون من مواقع إنجليزية وأخرى أمريكية أو استرالية أو خليجية، إلا أن الأستاذ الجزائري مقبول المستوى بدليل أن الكثيرين منهم خاضوا تجارب خارج الوطن في التعليم باللغة الإنجليزية ونجحوا بسهولة.
في نفس القسم الذي تدرّس فيه السيدة دليلة، كانت مجموعة من الجامعيات يحضرن لدخول الحجرة لأخذ درسهن في الإنجليزية، وهن حسب ما أخبرن به الشروق اليومي تنتمين لعدة شعب جامعية من علم النفس إلى البيولوجيا إلى الهندسة المعمارية والأدب العربي، ولكنهن مصممات باجتهاد منهن على تعلم اللغة الإنجليزية والتمكن منها.
صيف 2025 هو للراحة وشحن البطاريات نعم، وأيضا للاستراحة بالتمكّن من لغة هي الأولى في العالم وترتبط بكل العلوم والتكنولوجيات التي لا يمكن الخوض فيها إلا باللغة الإنجليزية وليس “غنيمة” الفرنسية منتهية الصلاحية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!