-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

تنبيه استراتيجي من أ.د وليد عبد الحي

تنبيه استراتيجي من أ.د وليد عبد الحي

أوصى الأستاذ الدكتور وليد عبد الحي في دراسته الأخيرة الصادرة في الفاتح من نوفمبر الجاري الموسومة: “الترتيب العربي في نماذج القياس الدولية وتداعياته المستقبلية” الصادرة عن مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات بجملة من المسائل لعل أهمها:

1ـ “دعوة القوى العربية إلى البدء بوضع استراتيجيات تكيفيية استباقية لتتمكن من توظيف التحولات المستقبلية الجيوـ استراتيجة لصالحها”.

2ـ  ” ضرورة التنبه إلى أن تنافس القوى الإقليمية غير العربية على نسج شراكات استراتيجية أو تفاهمات استراتيجية مع القوى الدولية الزاحفة نحو المنطقة، بعد التراجع الأمريكي، يشير إلى أن الأقل حظا في ذلك هو “إسرائيل”…

وجاء هذا التنبيه الاستراتيجي من خبير الدراسات المستقبلية الأول في العالم العربي في وقته، حتى لا نضيع مرة أخرى الفرص السانحة أمامنا من التحولات العالمية، أو نُوَجَّه نحو السير في الطريق الخطأ ضمن خيارات غير صائبة، كما حدث لنا في مرحلتين مفصليتين من تاريخنا: نهاية الاستعمار التقليدي، ونهاية الحرب الباردة. لم نتمكن في المرحلة الأولى من صوغ استراتيجية بعيدة المدى لإعادة بناء  الدولة الوطنية، مثلما فعلت الصين مثلا، مما أدخلنا في مشاريع ضبابية تسببت لنا في مزيد من الانهيار والتفكك والتقسيم.. ولم نتمكن في المرحلة الثانية من التعرف على أفضل البدائل أمامنا واتجه معظمنا نحو تعددية سياسية غير مدروسة وانفتاح اقتصادي فوضوي عمَّق الفساد وزاد من هشاشة مؤسسات الدولة.

أما اليوم، فإننا نعيش تحولا استراتيجيا على مستوى المنطقة العربية. لم تعد هذه المنطقة لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية أولوية بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية. لقد تَوجَّهت هذه الأخيرة نحو آسيا الباسيفيكي. ويعني هذا أن بريطانيا ستحذو حذوها طبقا للإشارات الأولى الحاملة للمستقبل من خلال الحلف الثلاثي الأنجلوسكسوني (“الأوكوس”AUKUS والحلف الرباعي QUAD”). وسينعكس هذا بالضرورة سلبا على القوى الغربية الباقية في المنطقة وبخاصة فرنسا والكيان الصهيوني باعتبار طبيعتهما المُهيمِنة…

يذكر الأستاذ الدكتور وليد عبد الحي أن “إسرائيل” رغم تطور علاقتها مع الصين ومحاولة ترتيب علاقتها مع روسيا، إلا أن العلاقات الإيرانية مع القوتين وكذلك العلاقة التركية مع روسيا تشير إلى تقدمهما في هذا المجال على “إسرائيل”. ولعل هذا ما ينطبق أيضا على فرنسا التي رغم محاولاتها الإبقاء على علاقات الهيمنة مع مجموعة الدول المغاربية ولبنان وفي حدود أقل مع مصر، تَعرف الآن مرحلة ضعف استراتيجي غير مسبوق ينبغي إدراك أبعاده، عبر تعزيز العلاقات مع القوى الدولية الصاعدة (الصين وروسيا)، والتنسيق مع القوى الإقليمية ذات التوجه المماثل: تركيا وإيران. إلا أنه ينبغي في ذات الوقت، ضمن نظرة استباقية، الانتباه إلى مخاطر هذا التحول: أن مثل هذه القوى الغربية (الكيان الصهيوني وفرنسا خاصة)، لن تستسلما بسهولة لهذه التبدلات العالمية، بل يمكن لأي منها أن تلجأ إلى كافة الوسائل للإبقاء على هيمنتها بما في ذلك إشعال نيران الحرب بين الجيران أو داخل الدولة الواحدة (هناك إشارات حاملة للمستقبل في هذا المجال). كما يمكنهما جر بعض القوى العربية التي مازالت لم تُدرك بعد طبيعة هذا التحول، أو هي مغلوبة على أمرها، إلى الاعتقاد أن المرحلة الحالية هي مرحلة التحالف مع الكيان الإسرائيلي أو مع قوى الاستعمار التقليدي في القارة العجوز مثل فرنسا، ودفعها، وهو الأخطر، إلى إحداث مزيد من التوتر والصراعات… لذلك جاء هذا التنبيه الاستراتيجي ليدفعنا نحو استباق المرحلة القادمة، مرحلة ما بعد عشرية “الربيع” العربي 2011ـ 2021، من خلال رسم وتنفيذ سياسات تتفادى فيها بلداننا الأخطاء التي وقعت فيها في المراحل السابقة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!