-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
الوثائق الإلكترونية أكثر أمانا وأقل جهدا وتكلفة

ثورة رقمية بالوزارات والجماعات المحلية خفّفت الضغط عن المواطن والإدارة

حورية.ب
  • 963
  • 0
ثورة رقمية بالوزارات والجماعات المحلية خفّفت الضغط عن المواطن والإدارة
أرشيف

رغم خروج الموظفين في عطلة، إلا أن عمل البلديات بقي متواصلا، والسبب راجع إلى رقمنة غالبية الوثائق المدنية والقانونية والتجارية وحتى المتعلقة بصناديق التأمين. إذ أصبح بمقدور المواطنين الجزائريين المقيمين في البلاد والمهجر، استخراج الوثائق من الأنترنيت دون عناء التنقل إلى الإدارات. وهو ما يبشر بالتخلص من ظاهرة البيروقراطية، التي عشّشت لعقود في الإدارة المحلية. فكيف انعكست الرقمنة إيجابا على الجماعات المحلية والمحاكم ومختلف الإدارات عبر القطاعات المختلفة في الجزائر؟
مرّت قرابة ثلاث سنوات منذ تاريخ إطلاق الرقمنة في الإدارة الجزائرية وكانت وزارة الداخلية السباقة في تطبيق ذلك، حيث أطلقت، الخدمة الإلكترونية الجديدة بتاريخ 24 ديسمبر 2020، التي تسمح للمواطنين بسحب وثائق الحالة المدنية عن بُعد، تنفيذا للاستراتيجية القطاعية لعصرنة المرفق العام وتخفيف الإجراءات الإدارية.
وأصبح استخراج الوثائق الإدارية عن بُعد ممكنا منذ شهر ديسمبر 2020، عبر الأرضية الرقمية التابعة لعدد من الوزارات والمؤسسات العمومية، وذلك طيلة أيام الأسبوع، وعلى مدار 24 ساعة.
وتسمح الخدمة الإلكترونية الجديدة التي أطلقتها وزارة الداخلية للمواطنين، بسحب وثائق الحالة المدنية عن بعد ومنها شهادة الميلاد، شهادة الزواج، شهادة الوفاة، انطلاقا من التطبيق المتاح عبر الموقع الإلكتروني لوزارة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية، والتي تحتوي على كافة المعلومات الموجودة في تلك المستخرجة من شبابيك الحالة المدنية ولها نفس القيمة القانونية.

تخفيف الضغط على الشبابيك..
وصرّح رئيس الإدارة والتنظيم ببلدية خرايسية التابعة لولاية الجزائر، فراش ابراهيم، بأن الاستخراج الإلكتروني خفف الضغط على شبابيك مصلحة الحالة المدنية، كما أن بعض المواطنين يفضلون سحب وثائقهم من مقهى الانترنت الوحيد على مستوى البلدية والذي يشهد اكتظاظا يوميا.
وفي سياق متصل، أوضح المتحدث في تصريح لـ”الشروق”، أن مسؤول رقمنة الحالة المدنية، كشف عن سحب ما يقارب 2500 وثيقة من المقر الرئيسي للبلدية وملحقاتها الثلاث يوميا، ما جعل عدد الموظفين العاملين بشعبة الإعلام الآلي لا يكفي مقارنة بالعدد الهائل من الوثائق المسحوبة يوميا.
ولكن، حتى وإن لقي استخراج الوثائق إلكترونيا، استحسان غالبية المواطنين، ومع ذلك، أكد مسؤول البلدية، وجود بعض المواطنين ممّن لا يثقون بالوثائق المسحوبة رقميّا، بسبب نقص التحسيس والتوعية لأهمية العملية بالمجتمع، زيادة على نقص مقاهي الانترنت على مستوى البلديات، فضلا عن وجود أشخاص من ذوي الدخل الضعيف يفضلون سحب الوثائق مجانا على دفع الأموال. ومع ذلك، اعتبر رئيس الإدارة والتنظيم، أن الرقمنة سهلت على المواطنين والموظفين على حد سواء وخففت الضغط عليهم، عكس ما كان عليه الأمر سابقا.

مغتربون يُثمّنون الاستخراج الإلكتروني للوثائق
ثمن مواطنون التقت بهم “الشروق”، على مستوى بعض مقاهي الانترنت بالعاصمة، عملية استخراج الوثائق عن بعد، حيث أوضحت إحدى المواطنات والتي تواجدت على مستوى ولاية بومرداس واحتاجت شهادة الميلاد ولم يكن بحوزتها الدفتر العائلي، ومع ذلك تمكنت من استخراج الشهادة بواسطة رقمها المسجل في بطاقة الشفاء.
بينما أضاف أحد الشباب المتواجدين بـ”سيبار” ببلدية درارية أن التطبيق الإلكتروني لاستخراج وثائق الحالة المدنية، خفف عنهم عناء التنقل إلى ولايات أخرى لاستخراج شهادة الميلاد الأصلية. وقال مغترب إن العملية خففت عنهم عناء السفر أو البحث عن قريب أو صديق ليستخرج لهم الشهادة من أرض الوطن.

شكاوى وعرائض عن بُعد..
من جهتها، أطلقت وزارة العدل “أرضية النيابة الإلكترونية”، والتي تمكن المواطنين في الداخل وأفراد الجالية الجزائرية بالخارج، وكذا الإدارات والمؤسسات والشركات الخاصة والجمعيات، من تقديم الشكاوى أو العرائض عن بُعد.
ويتعين على مقدم الشكوى الولوج إلى أرضية “النيابة الإلكترونية” المخصصة لهذا الغرض، والمتاحة عبر البوابة الإلكترونية لوزارة العدل. كما تقدم هذه البوابة خدمات أخرى على غرار سحب صحيفة السوابق القضائية وشهادة الجنسية الجزائرية، المصادقة على الوثائق الإلكترونية، تصحيح أخطاء الحالة المدنية، سحب نسخة من مرسوم التجنس، الاطلاع على ما آلت إليه قضيتك. وسحب الأحكام وهي بوابة خاصة بالمحامين، ملء استـمـارة تسجيل شكوى أو عريضة عن بعد بمجموعة من المعلومات الشخصية الخاصة بهويته كاملة وعنوان إقامته ورقم هاتفه المحمول، وكذا تحديد نوع شكواه أو عريضته وإدخال مضمونها.
ويتم تحويل هذه الشكوى أو العريضة بصفة آلية إلى ممثل النيابة (وكيل الجمهورية بالمحكمة أو النائب العام بالمجلس القضائي)، لاتخاذ الإجراء المناسب. وأخيرا يتم إعلام المعني بمآلها والإجراءات المتخذة أو المطلوب اتخاذها، وذلك عبر أرضية النيابة الإلكترونية، وكذا عبر رسالة نصية قصيرة أو بريد المعني الإلكتروني.

بوابة لاستخراج السجلّ التجاري
أما وزارة التجارة، فمكّنت التجار من الحصول على السجل التجاري الإلكتروني عبر أرضيتها الرقمية، وهي بوابة رقمية تتيح خدمات إلكترونية أخرى، ومنها بوابة للمشتركين لطرح انشغالاتهم عن بعد ونشر الطلبات، حجز موعد للتاجر بخصوص العمليات المتعلقة بسجله التجاري، بالإضافة إلى وجود مساحة مخصصة للبنوك والمؤسسات المالية.
وتوفر وزارة التربية عدة خدمات عن بعد عبر منصاتها وأرضيتها الرقمي، ومنها منصات التعليم عن بعد، التسجيل في الامتحانات الرسمية، منصة ترقية لصالح الموظفين في القطاع الراغبين في تولي مناصب عليا، سحب كشوف النقاط والاطلاع عليها من قبل الأولياء، الديوان الوطني للتعليم والتكوين عن بُعد.

“صفر ورقة” في وزارة التعليم العالي..
وانفردت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، بالعديد من الخدمات الرقمية، ومن أهمها التسجيل في مسابقتيْ الماستر والدكتوراه، ووجود منصات التعليم عن بعد، التسجيل الإلكتروني والاطلاع على نتائج الامتحانات، إضافة إلى منصة إجلاء للطلبة الممنوحين في الخارج. وعلى العموم، فغالبية خدمات وزارة التعليم العالي أصبحت “مرقمنة”، إذ تم التوصل إلى ما يقارب 0 ورقة في هذه الوزارة.
وتوفر وزارة العمل والضمان الاجتماعي، عبر المؤسسات التابعة لها عدة خدمات عن بُعد، منها التصريح بالعطل المرضية عن بعد، استخراج وثيقة الانتساب عبر فضاء الهناء. التأكد من مطابقة شهادة الانتساب لفائدة أرباب العمل والإدارات العمومية، وكذا الجماعات المحلية.

“تم تم وان”.. يرسل مشتريات المغتربين إلكترونيا للجزائر
ومن جهتها، أطلقت إحدى المؤسسات الناشئة تطبيق “تم تم وان” مُوجّه لأفراد الجالية بالخارج، والذي يسمح لهم بدفع مشتريات أقاربهم بالجزائر بالعملة الصعبة، مع توصيلها إلى منازلهم. وتوفر وزارة البريد ومؤسساتها إلى جانب متعاملي الهاتف النقال والثابت عدّة خدمات عن بعد، منها تسديد الفواتير ودفع تكاليف الخدمات وكذا التعبئة الإلكترونية للرصيد، وذلك عن طريق تطبيق “بريدي موب”. والعملية تتم عبر البطاقة الذهبية للزبون إلى جانب الدفع الإلكتروني للحوالات الدولية “إي.آف.آس” و”إي.أم.أو” الخاصّة بالنظام المالي الدولي.
اذ اعتمدت مختلف القطاعات الوزارية على وسائل الاتصال الحديثة، خاصة ما تعلق منها بالإدارة والعدالة لتسهيل للمواطن الوصول إلى مختلف المرافق والخدمات، وكذا تيسير التواصل بين مختلف الفاعلين في جميع الميادين إذ أصبح المواطن الجزائري قادرا على استصدار مختلف وثائق الحالة المدنية والمحررات القضائية عبر المنصات الإلكترونية دون الحاجة للتنقل إلى المؤسسات.

استخراج الوثائق بأقل جهد وتكلفة
أوضح الخبير في تكنولوجيات الإعلام والاتصال، عبد الرحمان عمار، في تصريح لـ”الشروق”، أن عملية استخراج وثائق الحالة المدنية عن بعد “محمودة وأصبحت أكثر من ضرورية. وعالميا كثير من الدول، تطورت وبشكل رهيب وسلس من الناحية التكنولوجية”.
ورأى أنه لمس في الجزائر “نوعا من التأخر في استعمال الرقمنة”، لكن ما يثلج الصدر ويدعو للتفاؤل، حسب تعبيره، أن وزارة الداخلية هي أول من خاضت تجربة الرقمنة. إذ سهلت على المواطن عناء التنقل، خاصة الذين يقطنون في البلديات النائية، فضلا عن القضاء على البيروقراطية التي تميز الإدارة. وقال “ساهمت الدولة في الحد من هذه المشاكل، وأتاحت للمواطن أريحية، من خلال تفادي ميزانية الأوراق وتشغيل الآلات والأجهزة الخاصة بنسخ الوثائق. ومن ناحية المردودية عادت بالفائدة على خزينة الدولة وأتاحت أيضا للمواطن استخراج الوثائق بأقل جهد وأقل تكلفة”. وحسب محدثنا، فإن عملية استخراج الوثائق عن طريق الإنترنت، خفّفت الضغط على البلديات وقلصت الفوضى أمام شبابيك الحالة المدنية.
وما يأمله الخبير في تكنولوجيات الاتصال والإعلام، أن يتمّ تعميم الرقمنة لاستخراج جميع أنواع الوثائق، متسائلا “ولم لا يتم استخراج بطاقة التعريف وجواز السفر عن بعد أيضا، وتحقق بذلك إدارة الحكومة الإلكترونية باع حقيقي للرقمنة الحقيقية؟”. معتبرا أن محاولة ولوج الجزائر هذا الفضاء “أصبحت العملية مريحة للمواطن والدولة على حد السواء”، فالمواطن بات يتجنب عناء التنقل إلى ولاية أخرى لاستخراج شهادة الميلاد، والمغترب أصبح في نعمة كبيرة، بعدما أتاحت لهم الدولة فرصة استخراج وثائقهم عن بعد.
وانخرطت الجزائر في مسار العصرنة والرقمنة، رغبة منها في محاربة آفة البيروقراطية، حيث تبنت مشروع “الجزائر الإلكترونية”، والانطلاقة الحقيقية جاءت بعد جائحة كورونا، والتي قدمت للعالم والجزائر، جملة من الدروس حول أهمية الاعتماد على ما تتيحه التكنولوجيا ووسائل الاتصال الرقمي، من فرص لتقليص الوقت والنفقات والمجهود.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!