-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
بعد اختيار 23 مؤسسة تعليم عالٍ لهذا الانتقال

جامعة “4.0”.. رهان قطاع التعليم العالي

إلهام بوثلجي
  • 5302
  • 0
جامعة “4.0”.. رهان قطاع التعليم العالي
أرشيف

بعد كسب رهان الرقمنة، قررت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي رفع سقف التحدي عاليا، بالانتقال من الجامعة الكلاسيكية إلى جامعة الجيل الرابع 4.0، وهذا، بعد اختيار 23 مؤسسة تعليم عالٍ نموذجية لبداية هذا المسار خلال الموسم الجامعي المقبل.
شهد قطاع التعليم العالي في الجزائر حركية متسارعة، ميزت الإصلاحات التي حرص عليها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، منذ توليه الحكم، وجسدتها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ميدانيا، حيث بدأت ملامحها تظهر وتتجلى من خلال رقمنة كافة مراحل التسجيلات الجامعية للسنة الثانية على التوالي، واستحداث 54 منصة رقمية ذات طابع بيداغوجي وخدماتي وبحثي، فضلا عن ربط الجامعة بمحيطها الاقتصادي والاجتماعي وتكريس روح المقاولاتية والإبداع والابتكار في الوسط الطلابي.
وبالتزامن مع هذه التطورات، كان لزاما على الجامعة الجزائرية أن تواكب التحولات العميقة التي تشهدها أنظمة التعليم العالي من جهة، والتغييرات السريعة في سوق العمل من جهة ثانية، فلم يعد يكفي أن تكون الجامعة مكانًا لنقل المعرفة النظرية، بل يجب أن تكون بيئة محفزة للإبداع والابتكار، وقادرة على إعداد خريجين مستعدين لمواجهة تحديات المستقبل، وهو الهدف الذي تسعى له جامعة الجيل الرابع، إذ تتميز هذه الأخيرة عن الجامعة الكلاسيكية بكونها تركز على التعلم النشط، واستخدام التكنولوجيا الحديثة في التعليم، وتشجع روح المبادرة والريادة، وبناء شراكات قوية مع القطاع الخاص والمجتمع.
وفي هذا الملف، نستعرض مع الخبراء والمختصين مميزات هذا التوجه والانتقال من الجامعة الكلاسيكية إلى جامعة الجيل الرابع من أجل تحقيق الأهداف المسطرة للتعليم العالي وفقا للرؤيا الجديدة.

داودي.. 4 مميزات لجامعة الجيل الرابع
وفي السياق، قال عبد الجبار داودي مستشار وزير التعليم العالي المكلف بالإعلام الرقمي والمعلومة الإحصائية للشروق إنه تم انتقاء 23 مؤسسة تعليم عالٍ نموذجية، أي 15 جامعة و8 مدارس عليا للتحول من الجامعة الكلاسيكية إلى جامعة من الجيل الرابع تزامنا والدخول الجامعي 2024-2025، ومنها جامعة سعيدة “الدكتور مولاي الطاهر” وجامعة الجزائر 3، وجامعة العلوم والتكنولوجيا بكل من وهران والجزائر العاصمة (باب الزوار) وجامعة الوادي والمدية.. وعدد من المدارس العليا منها القطب التكنولوجي بسيدي عبد الله.
وشرح داودي بأن ما يميز الجامعة من الجيل الرابع هو كونها جامعة متصلة منفتحة على محيطها الاقتصادي والاجتماعي دوليا وليس فقط محليا، كما أنها تتميز بشراكات واتفاقيات تعاون دولية مع جامعات كبرى في العالم والتي تمتلك تصنيفات متقدمة في مختلف التصنيفات الدولية، كما أنها تتميز –يقول- ببنية تحتية رقمية متطورة جدا، حيث تقدم خدمات رقمية راقية لمنتسبيها من الطلبة ومختلف مكونات الأسرة الجامعية.

سرعة تدفق الإنترنت ونظام ذكي للولوج
وأوضح ممثل الوزارة بأن الحديث عن جامعة رقمية لا يقتصر فقط على مجرد الولوج إلى المرافق أو الاستفادة من مراجع رقمية أو بطاقة متعددة الخدمات بل يتعدى ذلك بكثير، معددا المزايا التي تحويها هذه الجامعات كتشغيل الهياكل بصفة ذكية ورقمية مثلا طريقة اقتصاد الإنارة وتشغيلها، والاستفادة من سرعة تدفق تفوق 600 ميغابايت للثانية تسمح للطلبة والأساتذة وجميع المنتسبين القيام بأعمالهم والاستفادة من مختلف الخدمات، فضلا عن تقديم كل الخدمات عبر الخط، من تسجيل الطلبة والدروس والتكوينات، وعدَّد ذات المتحدث أربعة مميزات للجامعة من الجيل الرابع وهي أن تكون متصلة مرتبطة منفتحة وذات طابع ريادي وابتكاري كما تملك شراكة قوية مع الشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين والانفتاح على العالم الدولي.

البنية التحتية الرقمية.. معيار الاختيار
وأكد داودي في السياق على أن اختيار مؤسسات التعليم العالي النموذجية لهذا الانتقال، كان بناء على عدة معايير، منها البنية التحتية الرقمية مستدلا بجامعة سعيدة والتي تمتلك أكبر “داتا سنتر” في الجزائر بإمكانه معالجة المعلومة بسرعة فائقة وهذا يمثل أصعب شيء في البيئة الرقمية، كما تمتلك ذات الجامعة نظاما رقميا ذكيا خاصا يستعمل في تسديد مختلف الأعباء المالية لكافة مكونات الأسرة الجامعية من رسوم التسجيل وحتى مصاريف المناقصات والتي تدفع عبر الموقع الرسمي للجامعة لتحول لحاسبها في الخزينة العمومية مباشرة، بالإضافة إلى امتلاكها- يقول- لنظام ذكي يسمح بولوج المنتسبين لمختلف الهياكل، وامتلاك أقوى معالجات للحاسوب في العالم وليس فقط في الجزائر، ما يؤهلها لتكون نموذجا لجامعة الجيل الرابع.

الجودة وتحسين التصنيف.. أهداف جامعة 4.0
وأشار مستشار وزير التعليم العالي إلى أهمية الانتقال من جامعة كلاسيكية إلى جامعة الجيل الرابع من أجل الوصول إلى جودة التعليم العالي، وتحقيق مؤشر النجاعة في التوجيه، بالإضافة إلى تحسين التكوين والتلقين بالمؤسسات الجامعية وتحسين تصنيفها ومرئيتها، مع تدويل التكوينات والتخصصات الموجودة بالجامعات، فضلا عن تكريس الديبلوماسية العلمية التي تقع على عاتق الجامعات المعنية، وجعل من هذه الجامعات –يضيف- النافذة الأولى للجزائر الجديدة على المحيط الخارجي العلمي الدولي، من خلال استقطاب عدد أكبر من الطلبة الدوليين، لاسيما وأن التدريس فيها يكون باللغة الإنجليزية.
وذكر داودي بأن جامعات الجيل الرابع توفر تكوينات في مهن الغد، مثل الشهادات المزدوجة التي تهدف إلى تأهيل الطلبة وتكوينهم في عدة كفاءات من خلال حصولهم على شهادتين في تخصصين مختلفين، بدل من أن يمكث الطالب في الجامعة لمدة خمس سنوات للحصول على شهادة واحدة يتحصل على شهادتين في نفس المدة بتخصصين وعدة كفاءات، أي تكوين إطار للدولة يتحكم في عدة تخصصات وميادين في آن واحد، وهذا كله –يقول – تكريسا للدور الريادي للجامعة الجزائرية.

بوثلجة: “جامعة الجيل الرابع تعتمد على التعليم المبتكر”
ومن جهته، وصف بوثلجة عبد الرحمن أستاذ بجامعة البليدة1 مهتم بقطاع التعليم العالي التحول إلى جامعات من الجيل الرابع – مثلما أعلن عنه السيد الوزير مؤخرا من خلال تحضير 23 مؤسسة تعليم عالٍ للانتقال إلى هذا الجيل- بالطموح المشروع في الجزائر الجديدة مثلما كان الطموح من قبل في جعل الجامعة قاطرة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وأضاف قائلا: “الجامعات من الجيل الرابع ليست موضوعا جديدا لأننا نتبع ما يحدث في العالم من تطورات في مجال أساليب وآليات التعليم الحديثة”. وتابع كلامه: “الجامعات من الجيل الرابع تعتمد بالخصوص على التعليم المبتكر المبني على استخدام التكنولوجيا الحديثة في العملية التعليمية، من خلال استعمال الوسائل الذكية كالهواتف واللوحات الرقمية والحواسيب في التعليم، وربط هذه الجامعات مع نظيرتها العالمية من خلال الرقمنة ووسائل الاتصال الحديثة”..
ويرى ذات المتحدث بأن هذا الانتقال لجامعات الجيل الرابع هو أمر إيجابي سيسمح للطلبة بالتفاعل مع نظرائهم في العالم والاحتكاك معهم والتواصل الدائم، من خلال تنظيم مؤتمرات وجلسات وورشات تعليمية في ميادين مشتركة، وهذا ما يسمح لطلابنا-يقول- بالاستفادة مما وصل إليه العالم من تكنولوجيا وعلوم دقيقة وحديثة، وأضاف: “في حقيقة الأمر إن تحضير 23 مؤسسة تعليم عالِ للدخول الجامعي المقبل يدل على أننا ما زلنا في البداية وأنها وحدها من تملك الإمكانيات وهذا في انتظار أن تعمم على باقي الجامعات”.

الجزائر تمتلك الإمكانيات لتحقيق التحول
وقال الأستاذ بوثلجة إن الجزائر تمتلك إمكانيات بشرية وحتى مادية تم تسخيرها لقطاع التعليم العالي وهو ما سيمكنها من بلوغ الأهداف المسطرة لها وتحقيق نتائج إيجابية في الميدان، مشيرا إلى أن الجزائر قطعت أشواطا كبيرة في ما يخص الرقمنة وتحسين تدفق الانترنيت، لاسيما في قطاع التعليم العالي مع وجود بعض التفاوت من جامعة إلى أخرى، وهو ما يمكن تداركه –يقول المتحدث- بالعمل الجاد وتوفير الإمكانيات للوصول إلى مستوى الجامعات العالمية التي تنتمي إلى مثل هذا الجيل، وشدد ذات المتحدث على أن الجامعة الجزائرية ليست بمنأى عن التطورات الحاصلة في العالم، ولا يمكنها إلا السير في اتجاهها والعمل على مواكبتها من أجل تحقيق الطموح المشروع في جعل الجامعة مفيدة للمجتمع، أي جامعة تساهم في بناء الاقتصاد وتكون قاطرة للتنمية في المجتمع.

ساسي: جامعة الجيل الرابع رهان تحقق
وإلى ذلك، يرى الأستاذ وعضو الاتحادية الوطنية للتعليم العالي والبحث العلمي ساسي عبد الحفيظ بأن مسعى الانتقال إلى جامعة من الجيل الرابع هو شأن حتمي، لما يتيحه من مواكبة للرؤى الجديدة وأنماط العمل الحديثة في العالم، كما أنه لا ينفصل –حسبه- عن إطار الجهود المتواصلة وما تكرسه الدولة من رؤية من أجل تحقيق التطلعات، وبما يترجمه الالتزام رقم 41 لبرنامج رئيس الجمهورية الرامي لرهان أساسي وأن تكون الجامعة قاطرة المجتمع، والمنطلق الاستراتيجي للارتقاء بمجتمع المعرفة وإنتاج مخرجات نوعية تستهدف الانتقال الرقمي وتشجع الابتكار والتطوير العلمي والتكنولوجي خدمة لأهداف تنموية.
وأكد الدكتور ساسي أن الانتقال إلى جامعة الجيل الرابع لن يتأتى إلا في إطار جامعة عصرية تستهدف تحويل المعرفة إلى منتج قابل للتسويق ومشاركة الجامعة ومساهمتها مساهمة فعالة في خلق الثروة ومناصب الشغل، إذ تمخضت الأدوار الجديدة المذكورة للجامعة من منطلق ما أحدثته التطورات المتسارعة في العالم على الصعيد العلمي والتكنولوجي، من مفاهيم تنموية جديدة جعلت من رأس المال البشري والفكري حجر الزاوية، الذي يقوم عليه تحقيق التقدم الاقتصادي والرفاه الاجتماعي، ما أفرز واقعا جديدا –يضيف المتحدث- يجعل من التحكم في استخدام التكنولوجيات حتمية لتحقيق الانتقال الرقمي، وكذا الارتكاز على المعرفة وإنتاجها وتداولها، حيث أصبحت السمة الأساسية والدعامة التي لامناص من تثبيتها من أجل الاستجابة لحاجيات المجتمع، في ظل أنماط الإنتاج والاستهلاك المستجدة والتقنيات المستحدثة وتحولات سوق العمل من خلال ما يطرحه من وظائف جديدة.

جامعة الجيل الرابع نتيجة لنجاح الرقمنة
وأشار ممثل الاتحادية إلى التحولات التي فرضتها الثورة الصناعية الرابعة على التكنولوجيات الناشئة في كل المجالات، على غرار التكنولوجيا الدقيقة المتطورة كالروبوت، والذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا النانو، والتكنولوجيا الحيوية، وانترنيت الأشياء، وغيرها من المجالات المتطورة، التي تحتم على النظم التعليمية التماشي معها ومع خصوصية التحول الرقمي، بالإضافة إلى دمج التقنيات من أجل بلوغ تعليم فعال في عصر اقتصاد المعرفة، لذلك، فإن هدف قطاع التعليم العالي والبحث العلمي –يقول- في تعزيز انتقال الجامعة الكلاسيكية إلى الجيل الرابع في الجزائر هو مسعى طموح يتماشى مع ما هو حاصل عالميا، كما أنه لم يولد من فراغ بل مبني على ما أحرزه القطاع من استراتيجيات لتطوير مرفق التعليم العالي لتكون الجامعة فضاء للإبداع والتعلم المدمج، وما تبع ذلك من إنجازات على مستوى الجامعات في سياق غرس ثقافة المقاولاتية، من خلال مراكز تطوير المقاولاتية ودور الذكاء الاصطناعي، مع إرساء معالم التحول إلى جامعة عصرية وكل ما تقتضيه من رقمنة عبر عدد معتبر من المنصات الرقمية، وكذا الاستعمال المعمم لنظام بروغرس لتسيير الحياة الجامعية ككل.

الانتقال إلى جامعة الجيل الرابع.. هدف الجلسات الوطنية
وأفاد الدكتور ساسي بصفته مهتما بشؤون التعليم العالي بأن الانتقال إلى جامعة من الجيل الرابع هو هدف رسمته الجلسات الوطنية لمشروع إصلاح وعصرنة التعليم العالي، الذي يتماشى مع توجيهات رئيس الجمهورية التي أسداها خلال اجتماع مجلس الوزراء المنعقد يوم 5 فيفري 2023، والرامية إلى مراجعة منظومة التعليم العالي وفق رؤية توافقية للأسرة الجامعية، إذ تم إدراج هدف جامعة الجيل الرابع في أشغال الورشة الأولى الخاصة بالتعليم والتكوين، وتم التأكيد فيها على خلق بيئات تعليمية تعزز المهن والمهارات التعليمية المستقبلية، وعصرنة الجامعة والتخصصات للتكيف مع بيئة العمل المتطورة، وكذا التطورات السريعة والقوية في المفاهيم والتقنيات، والتركيز على تعلم اللغة الإنجليزية والانفتاح على العالم، مع تفضيل حقيبة المهارات على الدبلوم التقليدي، إذ ينبغي على الطالب أن يتقن عدة مهارات خلال ولوجه للجامعة وتحفيزه على الابتكار وريادة الأعمال.

تعزيز البيئة الرقمية وإرساء الجامعة الذكية
وأكد الدكتور ساسي أن اختيار القطاع لمؤسسات التعليم العالي النموذجية -البالغ عددها 23 – لخوض غمار جامعة من الجيل الرابع، يرتبط أساسا بمدى توفير الإمكانيات المادية وتعزيز البيئة الرقمية وتجويدها، مع إرساء الجامعة الذكية والتعلم الإلكتروني، فضلا عن توفير الوسائل البيداغوجية الحديثة كأدوات التحفيز الرقمي، واستخدام التطبيقات الرقمية، وتجهيز القاعات التدريسية بالتقنيات الرقمية الذكية، مع توظيف الحوسبة السحابية والقواعد البيانية، حتى تستهدف –بحسبه- جودة البحث العلمي الموجه نحو التصنيع، وتقديم خدمة تعليمية تتماشى ومتطلبات المحيط الاقتصادي والمجتمع في إطار جامعة مواطنة، كما يعتمد التكوين في هذا الإطار على التعليم الفعال باستخدام التكنولوجيات الحديثة وأساليب التعليم المفتوح، والتعلم عن بعد، ويستهدف كذلك تنمية الإبداع والابتكار والتدويل والاحتكاك بالمجتمع العلمي الدولي، وبعث الطاقات التنافسية وتجويد التكوين ومخرجاته.
وشدد ذات المتحدث على ضرورة انخراط الأسرة الجامعية من أساتذة وباحثين في هذا المسعى من أجل التحول إلى جامعة الجيل الرابع، لاسيما وأن ذلك مرتبط بواقع يحمل رهانات ملحة وجديدة، وآخر تنموي يستدعي إرساء بواعث الانتقال إلى اقتصاد المعرفة المعروف أنه قائم على الانفتاح على الطاقات البشرية الخلاقة، والاستثمار في المعرفة كأساس للتقدم والابتكار.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!