-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
توظيف المحاكاة الافتراضية لتسويق الثقافة الأمازيغية

جزائريون يحوّلون “يناير” من احتفال محلي إلى ثقافة عالمية

مريم زكري
  • 2237
  • 0
جزائريون يحوّلون “يناير” من احتفال محلي إلى ثقافة عالمية
ح.م

يحتفل الجزائريون كل عام برأس السنة الأمازيغية “يناير”، خاصة بعدما أصبح يوما رسميا منذ بضع سنوات، فهو مناسبة تعكس ارتباطهم العميق بجذورهم الثقافية وهويتهم المتجذرة عبر التاريخ، هذا الاحتفال الذي يحمل طابعا تقليديا أصيلا بات اليوم يشهد تحوّلا معاصرا بفضل جهود الشباب الذين يجمعون بين الإبداع التكنولوجي والاعتزاز بتراثهم الأمازيغي، عبر منصات الرقمنة الحديثة، استطاع هؤلاء الشباب تحويل يناير من مجرد احتفال محلي كان يقتصر على بعض المناطق فقط، إلى فرصة عالمية للترويج للثقافة الأمازيغية الجزائرية والعمل على استمراريتها وتعريف الأجيال الجديدة بها.
تتنوع الأجواء الاحتفالية والمظاهر بعيد يناير من إعداد الأطباق التقليدية مثل “الكسكس” و”الشخشوخة”، إلى تنظيم أنشطة فنية وفلكلورية تجسّد الروح الجماعية والموروث الشعبي للمنطقة، إلا أن السنوات الأخيرة شهدت تطورا في أسلوب الاحتفال، حيث تبنّت الجمعيات الثقافية والمؤسسات المحلية طرقا عصرية تعزّز من قيمة هذه المناسبة، كنوع من الترويج لثقافتها.
وفي سياق ذلك، كشف الدكتور علي كحلان، المختص في الرقمنة، لـ”الشروق” عن إدراج عروض رقمية بهذه المناسبة تحكي تاريخ الأمازيغ عبر تقنيات الواقع الافتراضي، مما يسمح للمتصفحين بالتعرف على التراث الأمازيغي بطرق مبتكرة، كما تقام معارض افتراضية تسلط الضوء على الحرف اليدوية الأمازيغية والأزياء التقليدية، ما يجعل هذه الثقافة أقرب لجيل الشباب، مضيفا أن بعض الشركات الناشئة أصبحت اليوم تستثمر في تطوير تطبيقات تعليمية لتعلم اللغة الأمازيغية، مدعومة بتقنيات الذكاء الاصطناعي، مما يجعل اللغة والثقافة الأمازيغية أكثر سهولة في الانتشار والتعلم.
وفي المقابل، أضاف المتحدث أن التكنولوجيا أصبحت أداة قوية لتثمين التراث بصفة عامة وليس الأمازيغي فقط وضمان استمراره في مواجهة تحدّيات العولمة، قائلا إن الرقمية تقدّم فرصة فريدة لتعريف العالم بهذا التراث، طالما أن الشباب مستمرون في الجمع بين الإبداع، التكنولوجيا، والاعتزاز بجذورهم، سينجحون في التعريف به عالميا على حد قوله.
وأوضح الدكتور كحلان، أن الاحتفال برأس السنة الأمازيغية هو في حد ذاته فرصة لترويج التراث الأمازيغي الذي يعتبر إحدى الركائز الأساسية للهوية الجزائرية، مشيرا إلى أنه يعكس عمق الجذور وتنوع الثقافة المحلية التي تتميّز بها بلادنا، وأضاف أن العولمة قد تتسبّب أحيانا في طمس الهويات، ولهذا يصبح الحفاظ على هذا الإرث وتثمينه ضرورة، خاصة بالنسبة للشباب الذين يعتبرون اداة لنقل التراث للأجيال القادمة.
وأشار الخبير إلى أن التكنولوجيا مؤخرا ساهمت بشكل كبير في إعادة إحياء الثقافة الأمازيغية وتحويلها إلى قوة معاصرة،حيث لم يعد هذا التراث مجرد جماد قديم، بل تطور إلى محتوى افتراضي من خلال أعمال حديثة مثل مقاطع موسيقية تمزج بين الإيقاعات التقليدية والأصوات العصرية، أفلام قصيرة، وحتى رسوم متحركة تروي الأساطير والحكايات الأمازيغية.
كما لفت الدكتور كحلان إلى الإبداع الكبير الذي يظهره الشباب الجزائري في توظيف المنصات الرقمية مثل “يوتيوب”، “أنستغرام”، و”التيك توك” لنشر القصص، الأغاني التقليدية، والحكايات التاريخية، واعتبر أن هذه الأرشيفات الرقمية تساهم في الحفاظ على الذاكرة الثقافية للجزائر، مع تشديده للسعي إلى تحويل يناير إلى حدث عالمي يعترف به كجزء من التراث الإنساني، بالتعاون مع المنظمات الثقافية الدولية، قائلا أن هذه الخطوة نحو العالمية، وإن بدت صغيرة، تحمل في طياتها طموحات كبيرة لتعزيز الوعي بالهوية الوطنية، وإظهار ثراء الثقافة الجزائرية في مشهد ثقافي عالمي متنوع.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!