خدمات رقمية في التربية مخالفة للقوانين!

وقفت أشغال الندوات الولائية عبر الوطن حول التحول الرقمي في قطاع التربية الوطنية في نسخته الأولى، على عديد الاختلالات التي حولت النظام المعلوماتي من وسيلة لتسهيل العمل وتجسيد مفهوم الخدمة العمومية، إلى أداة ساهمت سلبيا في تعقيد العمليات الإدارية على كل المستويات.
ويعود السبب الرئيس، بناء على تقارير نفس اللجان الولائية، التي اختتمت أشغالها الخميس الفارط، إلى كون “تطبيقات” الرقمنة المبتكرة، والتي جسدت في بداية الموسم المدرسي الجاري، قد وردت منافية تماما لفحوى القوانين والمناشير الوزارية الساري العمل بها في القطاع.
وعليه فإن كان تسجيل التلاميذ للالتحاق بأحد المستويات التعليمية، يكفله الدستور الجزائري، إلا أن “الأرضية”، قد أخلطت أوراق المديرين وأولياء الأمور على حد سواء، حيث أضحت العملية “مبهمة”، بعد ما تم تحديدها بمدة زمنية وآجال معينة، الأمر الذي أخر عملية التحاق التلاميذ بمقاعد الدراسة، في حين ظلت فئة أخرى من المتعلمين خارج الأرضية الرقمية.
ودعا المتدخلون خلال أشغال الندوات الولائية والتي انعقدت على المستوى الوطني، يومي الـ4 والـ5 ديسمبر الجاري، حول تقييم وتقويم النظام المعلوماتي للأرضية الرقمية لقطاع التربية الوطنية، إلى أهمية الحرص على إبراز “سلبيات” الرقمنة، والعمل بصفة تشاركية على اقتراح الحلول التي من شأنها المساهمة بصفة فعالة وسريعة، في تخفيف الاختلالات، بشكل يرمي إلى تحسين وتقويم الخدمة العمومية عموما والشق الخاص بتمدرس التلاميذ على وجه الخصوص، قصد بلوغ الهدف وهو الارتقاء بالنظام الرقمي، تحسبا لإطلاق النسخة الجديدة منه “نسخة 2025” مطلع مارس المقبل.
وفي هذا الشأن، لفتت اللجان الولائية، خلال أشغال نفس الندوات، إلى أن “تطبيقات” الرقمنة المبتكرة، برغم إيجابياتها في تحقيق سياسة صفر ورق، إلا أنها قد تسببت في خرق القوانين والمناشير الوزارية الصادرة عن وزارة التربية الوطنية، والساري العمل بها، حيث تسببت مطلع الدخول المدرسي الحالي، في تراجع رضا المستخدمين وأولياء الأمور على حد سواء، بعد ما تحول “النظام المعلوماتي”، من وسيلة لتسهيل وتبسيط العمل، إلى أداة ساهمت بشكل سلبي في تعقيد مختلف العمليات الإدارية على جميع المستويات، خاصة المرتبطة بالحياة المدرسية للتلاميذ والحركة التنقلية للمستخدمين.
وإلى ذلك، حصرت ذات اللجان الولائية، اختلالات الرقمنة في بعض النقاط الجوهرية، والتي كانت محل نقاش وتحليل طيلة أشغال الندوات، ويتعلق الأمر أولا بتسجيلات التلاميذ، وهي العملية التي تعقدت بشكل كامل، وتسببت في تأخر التحاق أغلب المتعلمين بمقاعد الدراسة، نظرا لأن النظام المعلوماتي للأرضية الرقمية، قد حدد العملية بآجال “من.. وإلى”، وهو ما يعد مخالفا لقوانين الجمهورية الساري العمل بها، لعدة اعتبارات، من أبرزها أن “تمدرس التلاميذ” حق يكفله الدستور الجزائري.
وبخصوص العمليات المرتبطة بتحويل التلاميذ من مؤسسة تربوية لأخرى ومن ولاية لأخرى، أبرزت اللجان الولائية نفسها، إلى أنها تخضع عادة، بناء على المناشير الوزارية، لما يصطلح عليه بـ”حركية الأولياء” السنوية، كتغيير الإقامة أو تغيير مكان العمل، وتبقى سارية المفعول طيلة السنة الدراسية من دون الحاجة لغلقها، غير أن العملية وبسبب “تطبيقات” الرقمنة المبتكرة، أضحت غامضة ومبهمة لدى الجميع، بعد ما تم تحديدها بآجال زمنية بمعنى تنطلق “من… وإلى”، الأمر الذي يتنافى جملة وتفصيلا مع القوانين الوزارية.
وفيما يتعلق بتسجيل التلاميذ بمؤسسات التربية والتعليم الخاصة، انتقدت اللجان الولائية تقييد الأولياء باختيار ثلاث مدارس فقط، على أن يقوم النظام المعلوماتي فيما بعد بانتقاء إحدى هذه المدارس، وهو الأمر الذي تسبب في إرباك المعنيين وإحراجهم، على اعتبار أن الالتحاق بالمدارس الخاصة يخضع لحرية الولي وليس من حق الرقمنة تحديد الخيارات بعدد معين، وفي حال تجاوزه أو عدم التقيد به، يسقط التسجيل.
استبيان وطني لتقويم الرقمنة على مدار 14 يوما
وفي نفس السياق، أطلقت الوزارة الوصية الجمعة “استبيانا وطنيا”، سيبقى متاحا إلى غاية 19 من نفس الشهر الجاري، إذ سيتم تمكين جميع الأطراف المعنية بالرقمنة في القطاع بالمشاركة فيه، عبر حساباتهم الخاصة على النظام المعلوماتي، ويتعلق الأمر بمصالح مديريات التربية للولايات، رؤساء المؤسسات التربوية، المفتشين، الأساتذة وأولياء الأمور، وذلك بهدف تقييم دقيق لكل العمليات المرقمنة، مع تدوين كل الصعوبات وحلولها المقترحة وكذا العمليات المقترح رقمنتها في أجل أقصاه 26 ديسمبر الحالي.
الانتقال إلى المرحلة الثالثة من التقييم بدءا من 22 ديسمبر
وتجدر الإشارة إلى أن الوزارة ستنتقل إلى المرحلة الثالثة من تقييم وتقويم النظام المعلوماتي للأرضية الرقمية للقطاع، حيث من المقرر برمجة ندوات جهوية بولايات قسنطينة وتيبازة ووهران وورقلة، يومي 22 و23 ديسمبر، والتي سيشرف عليها ممثل عن وزير التربية الوطنية.
ثم يقوم رؤساء الندوات الجهوية، برفع تقرير مفصل عن الأشغال في نسخة ورقية وأخرى رقمية لرئيس الندوة الوطنية، بناء على التقارير المنبثقة عن الندوات الولائية، والنقاشات التي ستدار أثناء فعاليات أشغال نفس الندوات الجهوية.
سعداوي يؤكد على العمل التشاركي لتذليل الصعوبات
التقى وزير التربية الوطنية، محمد الصغير سعداوي، الخميس، بالجزائر العاصمة، مع الأمين العام للاتحادية الوطنية لعمال التربية، بحضور إطارات من الإدارة المركزية وأعضاء من المكتب الوطني، حسب ما أورده بيان للوزارة.
وأوضح المصدر أن هذا اللقاء يأتي “تجسيدا لالتزامات وزير التربية بتنظيم لقاءات ثنائية مع الشركاء الاجتماعيين، وذلك خلال اللقاء الترحيبي الذي جمعه بجميع مسؤولي التنظيمات النقابية المعتمدة لدى قطاع التربية، بتاريخ 30 نوفمبر 2024، وذلك وفق رزنامة محددة”.
وبالمناسبة، أبرز الوزير “أهمية مشاركة التنظيمات النقابية في الندوة الوطنية للتحول الرقمي في قطاع التربية، التي تعقد في يومها الثاني في المرحلة الولائية، والمساهمة بآرائهم وملاحظاتهم بهدف تحسين وإجادة نوعية الخدمات التي يقدمها النظام المعلوماتي لقطاع التربية الوطنية لجميع المرتفقين، من مستخدمي القطاع والتلاميذ وأوليائهم”.
كما أكد سعداوي أن هذه اللقاءات الثنائية مع الشريك الاجتماعي تشكل “فضاء للتشاور حول المسائل المهنية-الاجتماعية المرتبطة بموظفي القطاع، وفرصة لطرح الانشغالات ومناقشتها، بغية التكفل بها في إطار التشريع المعمول به”، مؤكدا “قناعته بأهمية العمل التشاركي لتذليل الصعوبات خدمة لقطاع التربية الوطنية ومنتسبيه”.