-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
"الشروق" تنقل معاناة فلاحين دمّر الجفاف نشاطهم

“قريقر” بتبسة.. من سلة غذاء الشرق إلى صحراء قاحلة

الشروق أونلاين
  • 684
  • 0
“قريقر” بتبسة.. من سلة غذاء الشرق إلى صحراء قاحلة
أرشيف

على بعد 70 كلم عن عاصمة الولاية تبسة، تقع بلدية قريقر، التي كانت واحدة من جنان الأرض باخضرارها الزائل، الذي تحول إلى رماديّ وبنيّ بلون الأرض الجافة القاحلة، منطقة كانت تصدّر ما لذ وطاب من خضر وفواكه ولحوم ضأن، فتحولت مع مرّ السنين إلى منطقة يهجرها سكانها ويعتزل فلاحوها خدمة الأرض.
وإلى إلى وقت قريب كانت بعض مناطق تبسة هي سلة الخضر والفواكه وحتى الحبوب للمنطقة الحدودية الشرقية الجزائرية، يبتاع منها أهل عنابة البرتقال والخضر الربيعية والصيفية ويعتبرها أهل تونس جنة خضراء لا تعرف السنوات اليابسات أبدا، وتتحول قبل شهر رمضان وخاصة قبل عيد الأضحى المبارك إلى محج لطالبي الخرفان الشهية الطيبة، حتى قيل إن أكبر مطاعم إيطاليا بلغت شهرتها بلحوم الكويف وقريقر والشريعة وغيرها من دواوير ولاية تبسة، لكن الأمور تغيرت في السنوات القليلة الماضية، فالسماء ما عادت تمطر كما كان الحال في السابق، والماء حُبس في الأعماق بين دخول الشك في قلوب الفلاحين الذين فقدوا الثقة في أنفسهم، وكثير من البيروقراطية التي تركت الماء قريبا من العين وبعيدا عن اليد، على حدّ تعبير الفلاح يوسف ابن منطقة قريقر الذي ذرف دموع الحسرة هو يحدثنا عن حالة أرضه التي استحالت بوارا، ولم تذرف المنطقة ماء.
يقول العم يوسف: “نحن الفلاحين وعددنا بالمئات في المناطق الحدودية، وكل سكان المناطق الريفية بولاية تبسة، ننتظر الترخيص لأجل حفر الآبار فوق أراضينا الفلاحية، للقضاء على أزمة العطش والسقي”، ويدعمه الوناس وهو فلاح فاق عمره الثمانين: “نقص المياه وانعدامها جعلنا رهائن صهاريج المياه، رغم غلاء تكلفة وصولها إلى بعض المناطق، بأسعار تراوحت ما بين الألف والألفي دج، وتزداد المعاناة أكثر مع دخول فصل الربيع إلى غاية نهاية فصل الصيف، وكل هذا بسبب عدم منحنا تراخيص لحفر الآبار منذ أزيد من عشر سنوات، وهو الإجراء الذي اتخذه الولاة السابقون، محافظة على الموارد المائية، بحسبهم”، إلا أن القرار كان ينظر إليه الفلاحون بأنه غير منطقي.
كما يشرح الفلاح يوسف، “لا يعقل أن يمنع فلاح بلدية ڨريقر التابعة لولاية تبسة مثلا، من الحفر، في حين أن فلاح بلدية الضلعة التابعة لولاية أم البواقي وعلى بعد 10 أمتار فقط يحصل على ترخيص للحفر”، والأمر كذلك مع باقي البلديات الحدودية، مع خنشلة وسوق هراس، ووادي سوف بل والأمر نفسه مع البلديات الداخلية لولاية تبسة، والأغرب من كل هذا أن البلديات الحدودية العشر مع حدود الجمهورية التونسية يمنع فلاحوها من الحفر، في حين أن الفلاحين التونسيين يرخّص لهم بالحفر، وهو الأمر الذي جعل الأراضي التونسية على مستوى الحدود مخضرة، وأهلها يمارسون أنشطة فلاحية بامتياز في حين أن الفلاح الجزائري المقيم بالبلديات الحدودية محروم من الاستفادة من الحفر؟
سؤال محير نقلناه إلى عدد من مسؤولي ولاية تبسة فاعترفوا جميعا بحقيقته ووعدوا أيضا بحله.
والي ولاية تبسة السيد خليل السعيد، بمعية مديري القطاعات المعنية من مياه وفلاحة، وعد بدراسة سريعة جدا ودقيقة لملفات طلبات حفر الآبار، وإتمام إجراءات منح رخص الحفر، في القريب العاجل، كما أخبرنا مصدر من الولاية بأنه قد تم فعلا تشكيل لجنة تسهر بكل حزم على القيام بالإجراءات اللازمة، وتتكون اللجنة من قطاعات الموارد المائية، المصالح الفلاحية، والدرك الوطني، مع ضرورة تسريع الإجراءات لإعداد المقررات وتسليمها في أقرب وقت، ليتمكن المستفيدون من حفر الآبار الموجهة للسقي الفلاحي، لإعادة الاعتبار للمناطق الفلاحية التي كانت تدرّ خيرات كبيرة خاصة في مجال إنتاج الحبوب والخضر، والماشية بمراعيها الخضراء، قبل أن يتم هجرانها بسبب قلة بل انعدام الماء.
غادرنا منطقة قريقر، وما حز في أنفسنا هو وجود مساكن ريفية كثيرة مهجورة، قيل لنا بأن أهلها نزحوا إلى مدن كبيرة مثل تبسة وعنابة وسوق اهراس وقالمة بعد أن طلقوا الفلاحة.. بالثلاث.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!