مرافقو المرضى يعرقلون المصالح الطبية بالمستشفيات !

تحولت ظاهرة مرافقة المرضى المقيمين في المستشفيات إلى مصدر قلق وإزعاج لمهنيي الصحة من أطباء وممرضين وإداريين، ويمثل الأمر عبئا على عائلة المريض الذي أصبح ملزما في الكثير من المؤسسات الصحية العمومية بمرافقته من طرف ذويه، للوقوف على شؤونه الصحية في ما يتعلق بتغيير الملابس ونقله إلى الحمام وإطعامه وحتى تغيير بعض المستلزمات الطبية، وهو ما تسبب في فوضى واكتظاظ في المصالح الاستشفائية..
يجمع العاملون في قطاع الصحة في الجزائر، على أن المستشفيات ومختلف المؤسسات الصحية تعرف نقصا في الأعوان شبه الطبيين، وهو ما بات المواطن يدفع ضريبته بإجباره على مرافقة المريض والمبيت على الأرض والقيام بخدمات طبية ليست من تخصصه، ما يؤثر بحسب المختصين على استقرار وصحة المريض، والأخطر من ذلك أن الأمر تحول إلى بزنسة بإعلان أرقام هواتف مواطنين على مداخل المستشفيات ومواقع الإنترنت يعرضون خدمات مرافقة المرضى، ومنهم ما باتوا معروفين في المستشفيات، وتعطى أرقامهم لعائلات المرضى من طرف الممرضين وحتى عاملات النظافة، ويشترط هؤلاء مبالغ تتراوح ما بين 2000 إلى 4000 دج لمرافقة المريض عن كل يوم.. وهو ما يعتبر عبئا ماليا للعائلات التي لا يمكنها توفير مرافق لمريضها خاصة القاطنة في ولايات بعيدة عن المستشفى..
فوضى وسرقة وإزعاج
وفي هذا السياق، أكد رئيس النقابة الوطنية لعمال شبه الطبي، غاشي الوناس، أن إجبارية مرافقة المرضى في العديد من المصالح الطبية هي ظاهرة مرضية، في المستشفيات لم تكن موجودة في السابق، مؤكدا أن المرافق الوحيد المسموح به هي الأم لرضيعها في مصالح التوليد، وماعدا ذلك، فالأمر بحسبه غير مقبول.
وأضاف الوناس، في تصريح لـ”الشروق اليومي”، أن سبب تفاقم هذه الظاهرة يعود لنقص العمال شبه الطبيين في المستشفيات، حيث يتخرج سنويا قرابة 5000 عون شبه طبي، في حين تحتاج مختلف المؤسسات الصحية إلى أزيد من 20 ألف منصب في هذا المجال، طالبا من وزارة الصحة رفع عدد المتخرجين والمناصب لتفادي العجز الذي يؤثر سلبا على التكفل بالمرضى..
وأكد محدثنا تسجيل حالات سرقة في المصالح الطبية بسبب كثرة مرافقي المرضى الذين باتوا يشكلون مصدر قلق وإزعاج للأطباء وشبه الطبيين، قائلا: “لا يمكن للمواطن تعويض الطبيب أو شبه الطبي لكل تخصصه ودوره” ، وهو ما ساهم في تفشي مرافقة المرضى وما يسببه هذا الأمر من فوضى وإزعاج وأخطاء طبية…
وكشف رئيس النقابة الوطنية لعمال شبه الطبي أن العديد من المستشفيات الجاهزة لم يتم فتحها بعد بسبب نقص شبه الطبيين، وهذا ما يتطلب وضع إستراتيجية جديدة لرفع عدد المكونين في هذا المجال لتفادي العجز والقضاء على مختلف الظواهر السلبية التي تعصف بالمستشفيات بسبب نقص الكوادر الطبية.
حلول ترقيعية لمواجهة الظاهرة
وبدوره، انتقد الياس مرابط، رئيس النقابة الوطنية لمستخدمي الصحة العمومية بشدة انتشار “فوضى” مرافقة المرضى في المستشفيات، مؤكدا أن العديد من المصالح الطبية تحولت إلى شبه مخيمات صيفية بسبب جلب عائلات المرضى لثلاجات ومراوح وأجهزة طبخ كهربائية وأفرشة لغرف المرضى وباتت قارورات المياه البلاستيكية تكدس أسفل أسرة المرضى، وهذا ما يعطي صورة سلبية حسبه لقطاع الصحة في الجزائر، ويجعل المستشفيات تغرق في الفوضى والتسيير العشوائي وتداخل الصلاحيات، وهو ما يؤثر سلبا على صحة المريض والتكفل به داخل المستشفيات.
وأضاف مرابط، في تصريح لـ”الشروق اليومي”، أن ظاهرة مرافقي المرضى في المستشفيات التي تتزايد من عام لآخر تم طرحها منذ سنوات طويلة أمام المسؤولين والوزراء المتعاقبين لقطاع الصحة، حيث تم اتخاذ قرار استحداث مناصب جديدة لمساعدي التمريض لمواجهة عجز شبه الطبيين في المستشفيات، “حيث يتطلب تكوين مساعدي التمريض عامين فقط في حيت يتطلب تكوين شبه الطبيين 5 سنوات في الجامعة، وهذا ما ساهم في تردي الخدمات الصحية”.
وأضاف مرابط: “لا يمكن لمساعد التمريض الذي يستفيد من تكوين محدود تعويض شبه الطبيين الذين تتطلب مهامهم تكوينا معمقا يتعلق بالمهام الطبية الموكلة إليهم في مختلف التخصصات الطبية”، “وهذا ما جعل عدد مساعدي التمريض يفوق في العديد من المستشفيات عمال شبه الطبي وساهم في تراجع كفاءة الأطقم الطبية حيث توكل لمساعدي التمريض مهام بسيطة وسطحية للتكفل بالمريض على غرار تغيير الفراش والضمادات وبعض المستلزمات الطبية ولا يمكنه القيام بالمهام الأخرى الموكلة للشبه الطبيين..”
ملاسنات ومشادات مع الكوادر الطبية
وبخصوص العراقيل والمشاكل التي يتسبب فيها مرافقي المرضى في المستشفيات للأطباء ومختلف العاملين في القطاع الصحي، أكد محدثنا أنه في العديد من الحالات تحدث مشادات وملاسنات بين الأطباء وأهل المريض “الذين يتدخلون في أمور طبية وعلاجية يجهلونها ويطالبون من الأطباء والممرضين القيام بفحوصات وتدخلات طبية قد تضر المريض أكثر مما تنفعه وتجدهم يقارنون مريضهم بالمرضى الآخرين خاصة عند الزيارة الصباحية للطاقم الطبي الذي يتفاجأ بتوجيهات ونصائح يقدمها مرافقي المريض للأطباء وينتقدون بعض تصرفاتهم وتكفلهم بالمريض.. وهذا ما يتسبب في مناوشات كلامية ومشاكل تزيد من معانات المرضى..”
وأضاف مرابط أن الأغراض التي يجلبها مرافقو المريض تعرقل عمل عاملات النظافة وحتى الممرضين والأطباء. وهذا ما يتطلب بحسبه تطهيرا عاجلا للمستشفيات من هذه الظواهر السلبية الدخيلة على القطاع الصحي في الجزائر وتوفير عمال أكفاء من شبه طبيين للتكفل الكامل بالمريض منذ مدخل المستشفى وحتى قاعة العلاج والمصلحة الطبية وحتى خروجه سالما دون تدخل أي أحد من خارج المستشفى..