مطبخ قسنطينة.. وصفات البايات وطعام الأميرات

قسنطينة، مملكة البايات وأرض العراقة.. كل شيء فيها يدعو إلى الفخر: العلم والعلماء، التراث واللباس الأصيل، ملايتها المختشمة، وأكلها الملكي الفاخر، ليس من مطابخ العالم وتجمات دليل ميشلان، بل طبخ عريق جدا، عمره مئات السنين، خرج بعضه من مطابخ قصور الدايات والأميرات. العازب والرفيس وطاجين الباي، وغيرها من الأكلات الفاخرة، التي تمزج بين الحلو والمالح، بتوازن يتحدى الرياضيات.

طاجين الدموع

طاجين العازب القسنطيني، أشهر الأطباق في قسنطينة وأقدمها. وهو طبق حلوى قديم وعريق جدا، من عهد أحمد باي، حاكم قسنطينة.

بدأت قصّته في عهد البايات، وتعد حكاية هذا الطاجين محزنة، لأن السيدة التي ابتكرته وكانت تقوم بإعداده لم تكن متزوجة، وكان الناس يلقبونها بالعازب.

هذه السيدة الملقبة بالعازب، كانت طباخة الباي.. وفي اليوم الذي أعدّت فيه هذا الطبق للدّاي، وقدّم إليه، أعجب بشكله الذي كان عبارة عن دموع، وأحبّ ذوقه. فسأل عن صاحب هذا الطاجين، فقيل له إنّه طاجين العازب، لأنهم كانوا ينادون الطبّاخة بالعازب، وإنّها هي من أعدّت هذا الطبق. ومنذ ذلك الحين، وهو يحمل هذا الاسم.

من المحليات اللذيذة في عاصمة بايلك الشرق، معجون الملوك. وهو طبق تحلية قديم من عهد البايات، ولا تزال النسوة يحضرنه بالبيستاش واللوز.

ومن الأطباق التي توشك على الاندثار في قسنطينة، طبق البوخبوز. وهو ليس طبقا ملكيا، بل كانت النسوة في دوار جنان الباز يحضرنه عند التضحية بالشاة، مهما كانت المناسبة، بمقادير بسيطة، تتكون من الدقيق والحمص والحليب.

مخ الشيخ، هو طبق قسنطيني، يدخل ضمن قائمة الأطباق التقليدية التي لها تاريخ عريق، وقيمة تراثية لدى السكان الأصليين لمدينة الجسور المعلقة.

ويتكون هذا الطبق، الذي لم يعد معروفا بين الناس، من العسل الحر والزبدة الطبيعية. يؤكل طبق مخ الشيخ بالأعواد. وسمي بمخ الشيخ لأنه يشيخ، بمعنى يعطي متذوقه طاقة إيجابية، ويرفع له معنوياته، نظرا إلى لذته.

الرفيس.. أكثر من طبق، هوية..

الرفيس القسنطيني، هو طبق حلو تقليدي رائع، يعرفه كل الجزائريين، يمكن العثور عليه أيضًا في جميع أنحاء شرق الجزائر، مثل سطيف ومنطقتها بأكملها. لا ينبغي الخلط بينه وبين الرفيس التونسي، المحضر بالتمر والرفيسة المغربية.

طبق قديم جدا، يتم تقديمه بشكل عام للولادة أو الختان أو حفلات الزفاف أو أي مناسبة أخرى.. يتكون هذا الطبق من الفطائر المخبوزة، التي يتم سحقها ثم تمريرها من خلال منخل، للحصول على سميد مطحون خشن ثم نضيف الزبدة المذابة والعسل والفواكه المجففة المسحوقة. وهو طبق غني، يحظى بتقدير كبير من قبل الضيوف.

قائمة في مطبخ ألف نجمة

قائمة الأطباق القسنطينية لا تنتهي. من أشهرها، المعجنات، مثل لمحور، الڨريتلية، تريدة الكسكاس، الشواط الشخشوخة، المفرمسة، العيش، المقرطفة، الرشتة، لسان الطير، المشلوش، تليتلي الدار، المزيت، بمغلوت.

قائمة الطواجين الحلوة ذات الأصل الأندلسي أو العثماني طويلة أيضا، تعكس مدى ترف الطبخ القسنطيني، الذي يعتبر من أكثر المطابخ الجزائرية تكلفة. فعليك أن تنفق الكثير من أجل إعداد شباح السفرة، طاجين السفرجل، طاجين العين، طاجين التفاح، طاجين القسطل، دون أن ننسى معشوق الجماهير، الطبق التقليدي القسنطيني القديم: الطبيخ، الذي كان يقدم زمانا في الأعراس. وعند عد الطواجن، عليكم التركيز أكثر.. فهناك الكثير منها، مثل طاجين المشماش، وطاجين الخوخ، وطاجين اللوز..

عند الحديث عن المالح في قسنطينة، يتبادر إلى الأذهان طاجين الجبن، طاجين بونارين، طاجين حاجب بوعوينة، طاجين الزين، طاجين الشواء، طاجين الزيتون المعروف، طاجين السيوانة، طاجين القارص، طاجين الكابوية..

هل أنت على وشك السقوط؟ فقسنطينة لديها أكلات شهية أخرى، مثل الياهني، الڨناوية، الملوخية، البرانية، لقلاية، جاري فريك يا مصلي على النبي، جاري أبيض أو جاري بالزعفران، هناك الحسو، لعصيدة، بوغلية، العيش بالڨديد، شطيطحة لسان، شطيحة بالجاج، باتشا، العصبانة الخاصة بقسنطينة..

شباح السفرة.. طبق الأميرات

هو طبق تقليدي وراقٍ، قديم، يعتمد على اللحم واللوز، له مذاق حلو إذن.. يحضر في المناسبات الرمضانية والأفراح. ويقال إن هذا الطبق له أصول تركية، منذ تواجد الدولة العثمانية في الجزائر، ومنذ ذالك الوقت، وهو يحضر في قسنطينة.. بعض المصادر تؤكد أن هذا الطاجين أقدم من التواجد العثماني، وأخرى تزعم أن الأميرة عيشة باية، هي من حضرته خطأ، بعجينة اللوز الحلوة، فقدمته على أساس تحلية، فنال إعجاب الجميع.. اختلفت المصادر حول هوية عيشة باية. فهناك من يقول إنها ابنة الباي صالح. وهناك من ينفي ذلك، ويزعم أنها ابنة أحد النبلاء المقربين إلى الباي واسمه الحاج العربي.

المزيت القسنطيني

هو طبق قسنطيني قديم، في طريق الانقراض، بسبب قوة رائحته. فنسبة كبيرة من القسنطينيين لا يحبونه رغم ذوقه المميز.

طاجين الباي

كان الطبق المفضل لدى أحمد باي، حاكم البايلك في فترة الدولة العثمانية، ومازال هذا الطبق يحضر إلى حد الساعة، نظرا إلى أصالته. مكوناته تعتمد على اللوز واللحم المفروم والسكر. لذا، فهو حلو المذاق.

أطباق قديمة “انبورتي”

هنالك مجموعة خاصة من الأطباق، التي تسمى بالعامية القسنطينية “المزربحة”، أي سريعة وسهلة التحضير، اندثرت ونسيتها الذاكرة المحلية، رغم بساطتها، نذكر منها: الزريقية، المروزية والتشخيطنة والخمورية وموسخ كمامو.