منح اللقب لن يحل مشكل 45 ألف طفل غير شرعي سنويا في الجزائر
يولد في الجزائر سنويا، حوالي 45 ألف طفل غير شرعي واغلب هذه الولادات تتم خارج المستشفيات والعيادات، حسب تقرير للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، حيث دقت ناقوس الخطر في ما يخص رمي الأطفال حديثي الولادة في المزابل، وصناديق القمامة، وقد اعتبرت الرابطة تفعيل مرسوم منح اللقب للطفل مجهول النسب من طرف العائلة التي تتكفل به، خطوة إيجابية من شأنها إدماج هذه الشريحة في المجتمع وتسهيل ولوجها إلى التعليم والعمل.
وقد أثار الإجراء الجديد للمرسوم المتعلق بمنح اللقب من طرف الكافل للطفل مجهول النسب، جدلا وسط الجزائريين، اعتقادا منهم أنه تبن غير معلن ، فيما يتخوف البعض من مشاركة الطفل المتكفل به في الميراث، وهذه النقطة لم يهضمها البعض.
وقال الناطق باسم الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، المحامي زكريا بن لحرش في تصريح لـ”الشروق اليومي” إن التعديل جاء لسد بعض الثغرات في إجراءات منح اللقب للطفل المتكفل به، كما يمكن للعائلات التي لديها أطفال متكفل بهم، أن يقدموا طلب أمام وكيل الجمهورية لدى محكمة الاختصاص بعد أن كان الطلب يقدم مباشرة أمام وزير العدل، وهذا تسهيلا للفضل في هذه الطلبات، والتي كانت تأخذ وقتا طويلا، وتنتهي بالرفض في الكثير من الأحيان.
الإجراء إداري لا يضمن الحل المعنوي للطفل
وأكد بن لحرش، أن بعض جوانب هذا الإجراء تبقى مجهولة، ومبهمة، حيث لم يوضح المرسوم ما إذا تم رفض الطلب من طرف وكيل الجمهورية، هل يمكن الطعن فيه واستئنافه أم لا، وقال إن هذا الإجراء يحتاج إلى الكثير من التفاصيل والشرح.
وفي السياق، أوضح المحامي، ابراهيم بهلولي، أستاذ القانون بكلية الحقوق ببن عكنون، أن المرسوم ليس جديدا ويعود لسنة 1971، وتم تعديله سنة 1992، ولكن الجديد فيه أن وكيل الجمهورية يتكفل باستقبال الطلبات الخاصة بمنح اللقب للطفل المتكفل به، حيث يكون لقب الكافل مطابق لهذا الطفل، شريطة أن توافق الأم البيولوجية لهذا الأخير، أو يكون الملف كاملا للطالب في حال يكون الأبوان البيولوجيان مجهولان، ويرسل بعدها الملف إلى وزير العدل.
وفي حال منح اللقب للطفل مجهول النسب من طرف العائلة الكافلة، تكتب ملاحظة على الهامش، في ملفه تبين أن هذا الطفل استفاد من لقب منح له، وليس الابن الشرعي للعائلة، حيث يعتبر بهلولي، أن هذا الإجراء حلا ادريا فقط، لا يضمن الجانب المعنوي النفسي.
الدعوى إلى تعديلات جذرية
وفي الموضوع، يرى المحامي ابراهيم بهلولي، أن مشكل الأطفال مجهولي النسب والأمهات العزباوات يتفاقم يوما بعد يوم، ويحتاج حسبه، إلى تعديلات جذرية، هذه التعديلات يجب حسبه، أن تتضمن الجانب النفسي والمعنوي لهذه الشريحة، مع تطبيق قوانين الردع في حق مرتكبي جرائم الاغتصاب والمتسببين في إنجاب الأطفال خارج الزواج الشرعي.
وحسب بهلولي، فإن مثل هذه الإجراءات لا يمكنها أن التحكم في ظاهرة تزايد الأطفال مجهولي النسب، حيث تبقى بعض الآليات والحلول، تتعلق بالجانب التربوي والأخلاقي.
شبكة ندى: الأطفال مجهولو النسب قنبلة موقوتة في المجتمع
من جهته، رحب رئيس شبكة الدفاع عن حقوق الطفل” ندى”، عبد الرحمان عرعار، بالتعديل في إجراء منح اللقب للطفل مجهول النسب، واعتبره قفزة نوعية وخطوة ستسهل الإجراءات الإدارية وتقضي على الكثير من العراقيل التي كانت تواجه العائلات المتكفلة بطفل مجهول النسب، وتريد أن تمنحه لقبها.
ولكنه اعتبر أن حماية مصلحة الطفل لا تزال تشوبها بعض النقائص، حيث أن أبناء الزواج بالفاتحة لا يملكون ألقابا، وهذا لانعدام الوثائق الإدارية، وهم الأكثر تضررا بعد تزايد أعدادهم، حيث تستغرق أمهاتهم وقتا طويلا في إقناع الزوج بالفاتحة تسجيلهم ولظروف قاهرة او مصالح تتعلق بهذا الزوج يبقون في حالة انتظار رغم أنهم يعرفون ألقابهم.
ودعا عرعار، إلى إيجاد حلول، عاجلة من شانها حماية هذه الشريحة، وقال إن الشبكة تستقبل الكثير من هذه الحالات، وآخرها أم ل10 أولاد غير مسجلين، رغم أنها متزوجة بالفاتحة.
وأكد عبد الرحمان عرعار، أن شريحة الأطفال سواء مجهولي النسب أو المولودين في إطار زواج الفاتحة، يعيشون ظروفا صعبة وهم قنبلة مؤقتة تهدد المجتمع الجزائري، وتحتاج إلى حلول جذرية.
وفي هذا الإطار، طالب المحامي زكريا بن لحرش، إلى ضرورة السماح بإجراء تحاليل الحمض النووي للأطفال المولودين خارج الزواج، وهذا حسبه ليس معناه تشجيع العلاقات غير شرعية ولكن بهدف حماية المجتمع من أطفال ليست لديهم حماية نفسية واجتماعية، حيث باتت هذه الفئة تستغل في عمليات الابتزاز والعنف والمتاجرة بالبشر، وعمالة الأطفال.
أئمة: الألقاب وضعها الاستعمار.. لا تحرموا الأطفال مجهولي النسب منها
ومن جهتهم، رحب أئمة ومشايخ بمرسوم منح اللقب العائلي للأطفال مجهولي النسب، وأكدوا أنها ستحقق مصلحة وتساعد هؤلاء في الوسط المدرسي، وقال بعض أئمة مساجد العاصمة، “إن ألقاب الجزائريين وضعها الاستعمار الفرنسي، فهل تحرمون أطفالا لا ذنب لهم من ألقاب الاستعمار!”.
ولقطع الجدل الذي أحدثه المرسوم الجديد المعدل لمرسوم 1992، بعد نشره في وسائل الإعلام، حيث الكثير من الجزائريين اختلط عليهم الأمر واعتقدوا أن منح اللقب للطفل مجهول الهوية هو تبني، أوضح هؤلاء الأئمة أن التبني هو اتخاذ الشخص طفلا غريبا عنه، ابنا له، وجعل الجميع يعتقدون أنه ابنه فعلا ويورثه ولا يفصل بينه وبين المحارم.
وأكد إمام مسجد القدس بحيدرة، الشيخ جلول قسوم، أن اللقب أصلا من وضع فرنسا الاستعمارية، وليس النسب الأصلي، وهي أمور إدارية لقضاء مصالح ما، وقال إن الإجراء فرصة للحفاظ على كرامة أطفال يتامى لا ذنب لهم، وعلى الأقل في السنوات الأولى لحياتهم، حيث أصبح الكثير منهم ناقمين على المجتمع، ومنفصلين عنه، ويمكن أن يستغلوا في الجرائم وتفكيك المجتمع.
وقال الشيخ جلول، إن قصة المرأة الغامدية التي اعترفت بالزنا وتابت عنها وأخذ الرسول طفلها ثم قال “من يكفل هذا وهو رفيقي في الجنة كهاتين”، خير دليل على أن كفالة مثل هذه الفئة هي حسنة وثواب عظيم، حيث أن منح اللقب هو في ذاته تستر وحماية من أمراض نفسية قد تصاب مجهول النسب الذي يتكفل به، ويجد نفسه محل سخرية وإشارة أصبع في المدرسة لأن لا لقب له.
التبني تدليس ومنح اللقب حماية للطفل
وأوضح، إمام مسجد القدس بحيدرة، الشيخ جلول قسوم، أن التبني هو التدليس الكلي للحقيقة، وطمسها، وإيهام الجميع أن الطفل المكفول ابن العائلة، حيث فيما بعد يرث على انه ابن العائلة، ولا تطبق معه حد اختلاط الأنساب، غير أن منح اللقب مع وجود ملاحظة هامشية في الدفتر العائلي تؤكد انه طفل مكفول، يبقى أمر سري في الوسط القريب لغاية أن يكبر ويتعلم الطفل ويمكن أن يعتمد على نفسه، مضيفا أن الشخصية الأساسية للشخص تتكون في المراحل الأولى لعمره، فاللقب الذي يتمتع به الطفل مجهول النسب أمام زملائه وأبناء الجيران، يشعره بأريحية وطمأنينة ويحميه من العقد والأمراض النفسية، التي قد يتعرض لها في مرحلة حساسة كالطفولة والمراهقة.
وفي السياق، أبدى الشيخ محمد الأمين ناصري إمام مسجد الفتح بالشراقة، تفاؤله بالمرسوم الجديد المتعلق بمنح اللقب العائلي للطفل مجهول النسب الذي يتكفل به، حيث قال إن هذه الشريحة عانت الكثير وحملت عبء وذنب ليس لها، وخاصة في المراحل العمرية الأولى سواء في الشارع أو المدرسة، وهي حالة ووضعية سيئة تضر بالمجتمع ككل.
وقال إن منح اللقب فيه مصلحة كثيرة، والمهم حسبه، أن لا يرث المكفول أو يتم تجاوز اختلاط المحارم.
ولتفادي إشكال تحريم بقاء الأم في البيت بمفردها مع الطفل المتكفل به عندما يكبر، نصح إمام مسجد الفتح بالشراقة، العائلات التي تريد أن تربي طفل مجهول النسب، أن تأتي به صغيرا ويفضل أن يكون اقل من ?KJ ? ?..LOBGHسنتين، وأن ترضعه الأم المتكفلة لمدة حتى يصبح شرعا كابنها عندما يكبر، وبهذا تحل مشكل تعرية الرأس والخلوة مع الأبناء المتكفل بهم.