-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
في تقرير لها عن منطقة شمال إفريقيا

منصة أمريكية: الجزائر عملاق الطاقات المتجددة يتحرك أخيرا

حسان حويشة
  • 16221
  • 0
منصة أمريكية: الجزائر عملاق الطاقات المتجددة يتحرك أخيرا
ح.م
تعبيرية

قالت منصة أمريكية كبرى للاستشارات والرؤى المستقبلية، إن الجزائر التي لطالما وصفت بعملاق الطاقات المتجددة قد بدأ التحرك أخيرا، ببداية تنفيذ فعلية لعدد من المحطات الشمسية الكهروضوئية التي ستدعم إنتاج البلاد من الكهرباء النظيفة بـ3000 ميغاواط في العام 2025.
في هذا السياق، أوضح تقرير لمنصة “Horizon Engage” الأمريكية، المتخصّصة في تقديم الاستشارات والمعلومات والاستعلامات للمستثمرين في البلدان الناشئة، يتعلق بواقع الطاقات المتجددة والانتقال الطاقوي في منطقة شمال إفريقيا، اطلعت عليه “الشروق”، أن الجزائر وبسبب إرثها الكبير في مجال المحروقات التقليدية من نفط وغاز ودورها كمورد أساسي بالغاز للاتحاد الأوربي، اعتمدت مقاربة حذرة إلى وقت قريب فيما يتعلق بالطاقات المتجددة والانتقال الطاقوي.
ولكن الوضع بدأ يتغير، يضيف التقرير، من منطلق أن البلاد تتوفر على إمكانات جد هائلة فيما يتعلق بالطاقات المتجددة وخصوصا الشمسية منها، مشيرا إلى أن وزارة الطاقة قد أطلقت فعليا تنفيذ مشاريع محطات للطاقة الشمسية، على غرار تلك التي أعطى وزير الطاقة والمناجم محمد عرقاب إشارة انطلاق الأشغال بها في مارس 2025 بولاية المغير، من طرف شركة صينية.
ولفت التقرير إلى أن محطة ولاية المغير الشمسية ستعرف تركيب نحو 350 ألف لوح شمسي على مدى 14 شهرا على مساحة 4 كيلومترات مربعة، لإنتاج 200 ميغاواط، موضحا أن هذه المنشأة هي الأولى في سلسلة من 20 مشروعا بأحجام مختلفة، ستصل عند بدء تشغيلها على مدار العامين المقبلين إلى إنتاج 3 جيغاواط (3000 ميغاواط) من الكهرباء النظيفة، ما سيرفع إنتاج الجزائر من الطاقات المتجددة بسبعة أضعاف.
وعلق التقرير على الخطوة بالقول إن وضع حجر الأساس لأول مرة لأولى المنشآت للطاقة المتجددة يصل إنتاجها إلى مستوى “جيغاواط” في البلاد يعد حدثا تاريخيا، بالنظر لارتباط الجزائر الطويل بالمحروقات، بشكل جعل من الاقتصاد أن يكون تابعا بشكل مفرط لإيرادات النفط والغاز لعدة عقود، ولذلك فإن هذه المشاريع لا تعد انتصارا بقدر ما هي خطوة أولى طال انتظارها، وستتبعها خطوات أخرى، في إطار مساعي الحكومة الجزائرية للوصول إلى هدفها المنشود وهو إنتاج 15 جيغاواط (15 ألف ميغاواط) من الكهرباء النظيفة من مصادر الطاقات المتجددة بحلول عام 2035.

تحول سريع لمواجهة تحديات هيكلية
ووصف تقرير المنصة الأمريكية تحول الجزائر الأخير نحو الطاقات المتجددة ورغم أنه جاء متأخرا إلى أنه صار متسارعا، بفضل مدرسة فكرية جديدة بين القادة الجزائريين، الذين يبدو أنهم قد أجمعوا مؤخرا على أن الطاقات المتجددة لا تشكل تهديدا لصناعة المحروقات التي تحظى بمكانة عالية لدى الجزائر، بل هي أداة للحفاظ على إيرادات العملة الصعبة في مواجهة تحديات هيكلية.
واعتبرت المنصة أن جغرافية الجزائر توفر إمكانات هائلة لإنتاج الطاقة المتجددة، وباعتبارها عاشر أكبر دولة في العالم من حيث المساحة، فإن الجزائر لديها وفرة من الأراضي لمنشآت الطاقة المتجددة، إذ توفر المناطق الصحراوية التي تشكل غالبية مساحة البلاد 3500 ساعة من الإشعاع الشمسي سنويا، بمتوسط إشعاع شمسي سنوي يبلغ 2650 كيلو واط/ساعة لكل متر مربع.
وتشير الوثيقة إلى أن الخبراء قدروا إمكانات الطاقة الشمسية الناتجة على الصعيد الوطني بـ40 مليار برميل من المكافئ النفطي، أي أكثر من 200 ضعف إجمالي إنتاج سوناطراك من الطاقة في عام 2023، مشيرة إلى ان طاقة الرياح في الجزائر لم يتم دراستها بالشكل الكافي، لكن الأبحاث الأخيرة حددت العديد من المناطق الواعدة وقدرت إجمالي قدرة التوليد في البلاد بـ4000 جيغاواط.
وتؤكد منصة “Horizon Engage” على إن استغلال جزء صغير فقط من هذه الإمكانات النظرية للطاقة الشمسية وطاقة الرياح، سيمكن الجزائر من تغطية احتياجاتها المحلية من الطاقة مع إنتاج طاقة كهربائية إضافية للتصدير، كما أن قرب البلاد من أوروبا يجعل من القارة العجوز زبونا مفضلا للحصول على الكهرباء الخضراء.
ومع ذلك، يضيف التقرير لم تتخذ الجزائر سوى خطوات خجولة لاستغلال هذه الإمكانات الكبيرة، على الرغم من أنها في الطليعة.
ويرى التقرير ان الجزائر لا يجب ان تضيع سنوات أخرى في مجال تطوير هذا المجال كما حدث سابقا، مشيرة إلى أن الرئيس الحالي عبد المجيد تبون وعند توليه الحكم نهاية 2019، أيقن أن البلاد لم تكن على الطريق الصحيح فيما يتعلق بالطاقات المتجددة، إذ كان إنتاج البلاد حينها 440 ميغاواط فقط، وهو أقل من عشر الهدف المسطر.
وعلى اثر ذلك، يضيف تقرير المنصة الأمريكية العالمية، منح الرئيس تبون بداية جيدة لنفسه، وقام بمراجعة الأهداف، حيث جرى إطلاق خطة تم اعتمادها في فيفري 2020، تهدف إلى الوصول إلى إنتاج 15 جيغاواط من الطاقة المتجددة بحلول عام 2035، مشيرا إلى أن الخطة الجديدة وحتى إن كانت أقل طموحا من سابقتها التي كانت تستهدف 22 جيغاواط، إلا أن تبون التزم بها، كما أنه وفي بيان حملته الانتخابية، وعد الناخبين ببرنامج وطني لتطوير الطاقة المتجددة، يستخدم الطاقة الشمسية وطاقة الرياح لتلبية الاحتياجات الوطنية ومن ثم تنويع الصادرات بعيدا عن المحروقات.
وختم التقرير الفصل المخصص للجزائر بالإشارة إلى أن هناك العديد من الأسئلة المفتوحة تتعلق بقطاع الطاقات المتجددة، لعل أهمها: هل سيخفف القادة الجزائريون القيود المفروضة على شراء الطاقة المتجددة بشكل أفضل؟ وهل سيتم جذب الخبرات والتمويل الدولي؟ وهل سيستثمر القطاع الخاص في الطاقات المتجددة؟ وهل ستتم مراجعة أسعار الطاقة المحلية وقياسها لتشجيع المستهلكين على إنتاج الطاقة الخضراء الخاصة بهم؟ ومتى وكيف يمكن البدء في بناء منشآت طاقة الرياح التكميلية؟ وهل ستقوم البلاد باستثمارات كبيرة وإقامة شراكات دولية لتطوير صادرات الهيدروجين الأخضر؟
واعتبرت المنصة أن الشركاء الأجانب حريصون على تحصيل إجابات لهذه التساؤلات ورؤية البلاد منخرطة بشكل كامل في تحول الطاقة، وشددت على أن التوجه نحو تطوير فعلي للقطاعات المتجددة جنبا إلى جنب مع صناعة الطاقة الحالية أي النفط والغاز، هي النهج الذي من المرجح أن يؤدي إلى تحول طاقوي ناجح في الجزائر.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!