-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

نصفُ البشرية يمتنع عن إدانة روسيا

نصفُ البشرية يمتنع عن إدانة روسيا

امتنعت 35 دولة من بينها الجزائر عن إدانة روسيا في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وبَدت هذه المجموعة أقلية مقارنة بعدد 141 دولة التي أيدت القرار الذي يشجب “العدوان على أوكرانيا”.

وتناقلت وسائل الإعلام الخبر وكأن الغالبية الساحة من سكان العالم إنما هي مع الطرح الأمريكي ـ الغربي أو ما يُعرف بـ”العالم الحرّ”، ضد روسيا ومَن معها، في حين أنّ نظرة سريعة عما يُمثِّله مجموع سكان الـ141 دولة مقارنة بالدول الـ35 تُبيِّن أن مجموع عدد سكان الدول التي امتنعت عن التصويت يساوي أكثر من 4.1 مليار نسمة (4,154,413,000) أي أكثر من نصف عدد سكان العالم، في حين لا يزيد عدد سكان الدول التي صوّتت مع القرار على 3,7 مليار نسمة (3,799,540,000)، أما إذا أضفنا إلى مجموع عدد سكان الدول الممتنعة سكان الدول المؤيدة لروسيا (بيلاروسيا، كوريا الشمالية، سورية، إرتيريا)، فإن إجمالي عدد السكان الذين لم يُدينوا روسيا في العالم سيزيد بـ200 مليون نسمة عن الرقم السالف الذكر، وهو ما يمثل بالحساب النسبي: 52,23 بالمائة من سكان العالم امتنعوا عن التصويت، و54,81 بالمائة إذا أضفنا لهم المؤيدين لروسيا.

وبنظرة سريعة على الخارطة يتبين لنا أن غالبية الدول الآسيوية امتنعت عن التصويت وهي الأكبر من حيث الكثافة السكانية (الصين، الهند، باكستان، بانغلاديش) (أكثر من 3 ملايير نسمة وحدها)، في حين امتنعت 17 دولة إفريقية عن التصويت وهي من أكبر الدول في القارة سكانا ومساحة من بينها: الجزائر، جنوب إفريقيا، السودان، جنوب السودان، تانزانيا، أوغندا، أنغولا، الكونغو، مدغشقر، مالي، الموزمبيق، السينغال… الخ، وبلغ إجمالي عدد سكانها أكثر من 544 مليون نسمة. وبقيت دول أمريكا اللاتينية هي الأقل تجاوبا مع قرار الامتناع بـ4 دول فقط (السلفادور، بوليفيا، كوبا، نيكاراغوا) من مجموع 19 دولة. ويكاد يُبيِّن هذا بوضوح أربع مسائل:

ـ الأولى أن هناك نوعا من التضامن الضمني بين دول القارة الواحدة، خاصة بالنسبة لآسيا، وهو ما سيزيد من مخاوف الولايات المتحدة وأوروبا بالنظر إلى تحوُّل الثقل الاقتصادي العالمي نحو هذه القارة، وكذلك الارتباط القويّ للصناعة الغربية بآسيا.

ـ الثانية: أن القارة الإفريقية ليست مُكتَسبة تماما للمجموعة الغربية، كما بدا من خلال إدانة الإتحاد الإفريقي للغزو عند بدايته، وأن هذه القارة بالفعل مازالت تَعرف حَركية تجاه التفاعلات الدولية، وأن موقفها الاستراتيجي لم يُحسَم بعد. يتجلى ذلك في موقف مالي المُمتنع عن التصويت برغم أن هذا البلد كان يبدو حليفا للأوروبيين وخاصة فرنسا قبل سنتين من الآن.

ـ الثالثة: أن التباين بين الشرق والغرب اليوم بات واضحا، ويُنذِر بِتصدُّع أكبر في المستقبل على أساس انتماء جيواستراتيجي وحضاري، وهنا ستبدو أهمية الموقف الإفريقي والعربي من التوازنات الدولية إذا ما تمت بلورته في شكل مشروع متكامل على المدى المتوسط والبعيد، لكي تستعيد المنطقتان دورهما في عالم الغد.

الرابعة: أن التلاعب بالأرقام هو جزءٌ من الحرب الإعلامية الدائرة اليوم، وأن امتلاك القدرة على المواجهة الإعلامية والتصدِّي للإعلام المضاد أصبح يَحتلّ المقدمة في المواجهة الدفاعية بشكل عامّ، إن لم يُصبح جبهة قائمة بحدِّ ذاتها ينبغي تحصينُها من كافة المخاطر.

ولعلّ هذه النقطة الأخيرة هي أهمُّ درسٍ يمكن استخلاصُه من جزئية إدانة العالم لروسيا أو تأييدها أو الامتناع عن التصويت.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • لهمومي

    لا للتلاعب بعقول بنو آدم .