-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

واشنطن بوست: الجزائر عملاق السياحة النائم

الشروق أونلاين
  • 12644
  • 0
واشنطن بوست: الجزائر عملاق السياحة النائم
ح.م
ساحة الأمير عبد القادر بالعاصمة

نشرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية مقالا عن السياحة الجزائرية، يسرد فيه كاتب صحفي تفاصيل رحلته إلى الجزائر “عملاق السياحة النائم” كما وصفها.

وقام هنري ويسماير وهو كاتب مستقل مقيم في لندن بزيارة إلى عدد من الولايات الجزائرية ليرويَ حيثيات سفريته في مقال مطول عنونه بـ “رحلة برية مثيرة على طول الساحل الجزائري”.

ومن بين ما قاله هنري عن الجزائر أنها “بلد ضخم، يحتل المرتبة العاشرة في العالم من حيث المساحة، لكنها أيضًا غامضة ومخبأة وراء حواجز جغرافية ومصطنعة”.

وتحدث الكاتب في موضوعه عن كل منطقة زارها بالتفصيل ليشيد بتاريخ وأصالة منطقة القصبة وما شهدته أثناء ثورة التحرير وكذا عراقة مدينة قسنطينة وجسورها المعلقة ليعرج بعدها على المناطق الأثرية كتيمقاد وجميلة.

الأكل والسكان كان لهما أيضا نصيب من مقال ويسماير حيث كتب قائلا ” ليس هناك أي متاعب مع السكان بشكل عام فلا تزال قوى التجانس للثقافة الغربية معلقة”.

ليضيف قائلا “كان الطعام مثل الكباب، الكسكس، وأطباق الشخشوخة، حساء الخضار الممزوج بقطع من الخبز المسطح رائعًا في المطاعم، كما في أي مكان آخر”.

من جهة أخرى اعتبر الكاتب أن وباء كورونا كان بمثابة نكسة في حملة طويلة لإيقاظ عملاق نائم ويقصد به السياحة في الجزائر، ليخلص إلى القول بأن الجزائر تعتبر أحد أكثر الأماكن تميزًا ثقافيًا.

ويروي هنري ويسماير في مقال مشبع بمشاعر وأحاسيس نابعة مما رآه و لمسه من تلاقي ماضي وحاضر هذا البلد الضخم الذي يحتل المرتبة العاشرة من حيث المساحة و “الأبعاد الغامضة” التي تنطوي عليها مختلف المدن الساحلية التي طاف بها في سفرية استهلها بعاصمة البلاد.

فمن خلال شروحات دليله السياحي “عمر زحافي” الذي وصفه بـ” صاحب الدراية بما تزخر به الجزائر من مميزات سياحية فريدة”, لفت كاتب المقال الى أن السمعة السياحية التي تحظى بها الجزائر في الخارج تبقى بعيدة عن ثراء ما تزخر به من معالم طبيعية وتاريخية.

ولم يفوت ويسماير وجوده بالعاصمة دون زيارة القصبة التي “تشبه شوارعها المتاهة”, مذكرا بأنها صنفت من قبل اليونسكو ضمن التراث العالمي.

وبعيون السائح الذي يراها لأول مرة, نقل كاتب المقال شعوره وهو يتنقل بين واجهتها البحرية ذات اللون الأبيض التي تعلو الدكاكين ذات الجدران المنقوشة من مادة الجص والتي ”تتمازج في تناغم مع الألوان البهيجة للملابس التي نشرت على الحبال”.

وفي إحدى فقرات مقاله, توقف هنري ويسماير عند شعور اعتراه وهو يطوف بالجنبات العتيقة للجزائر العاصمة, لخصه بالقول “الجزائر ستحيي, يوليو المقبل, الذكرى الستين لاستقلالها من حكم استعماري شكل فترة بشعة في تاريخها, لا تزال جراحها حاضرة, وبالإمكان استشعارها عبر مختلف ربوع المدينة”.

واسترسل, في ذات المنحى “إذا كان في العاصمة نواة فهي تمثال قائد المقاومة ضد الغزو الفرنسي, الأمير عبد القادر, و الذي لا يزال منتصبا في قلب الجزائر العاصمة”.

ودائما في القصبة, و قرب محل لبيع العسل, لم يغفل ويسماير الثقب الكبير الذي يعلو أحد مبانيها المتراصة, و الذي يبقى “شاهدا على سقوط أحد قنابل المحتل”.

وفي تنقله بين الماضي والحاضر المتداخلين, توقف الكاتب عند ولع الجزائريين بأيقوناتهم في مختلف المجالات, حيث تقف جداريات تحمل صورة رياض محرز (أحد اللاعبين البارزين للمنتخب الوطني لكرة القدم) إلى جانب أبطال الثورة التحريرية كعلي لابوانت, بطل “معركة الجزائر”, ليختصر فكرته بالقول “أشباح الماضي لا تزال حاضرة”.

وعرج, في سياق آخر, على “النكسة” التي شهدها قطاع السياحة في الجزائر الذي وصفه “بالعملاق النائم” و هذا نتيجة تفشي جائحة كورونا, ما سبب ضربة للوكالات السياحية التي تعود إحداها لدليله السياحي زحافي الذي أكد له أن “الجزائر يمكن القول بأنها أحد الأماكن الاكثر تميزا و التي يمكن الوصول إليها قدوما من أوروبا, عبر رحلة قصيرة”, غير أنه أبدى أسفه لغياب سوق لهذه الوجهة.

وبحلوله بقسنطينة, التي شكلت بالنسبة له محطة “لم يكن بالإمكان تجاوزها خلال هذه الرحلة”, روى ويسماير أهم ما احتفظت به ذاكرته في هذه المدينة, على غرار مروره على هوة +وادي الرمال+التي “لم نقدر عمقها الا مع بزوغ ضوء اليوم الموالي”, لينقل صورة حية عن “سيرتا” مترامية الأطراف التي تمتد نشأتها إلى العهد النوميدي والتي تتربع على صخر عتيق يرتفع على مسافة نحو 1000 قدم فوق وادي الرمال.

ويذكر الكاتب بالماضي السياحي لهذه المدينة التي كانت تحصي 20 فندقا في قصبتها لوحدها, قبل العشرية السوداء.

كما نقل طموح بعض سكانها لاسترجاع هذا الماضي باستغلال الطاقات السياحية لهذه المدينة, و من بين هؤلاء بلال الذي يحلم بتحويل المكان لممارسة رياضة القفز بالحبال, في إشارة منه إلى جسر سيدي مسيد, أحد الجسور المعلقة الثمانية التي لا تزال تستخدم لغاية اليوم.

ويقول ويسماير بعد تجواله بأزقة المدينة واستنشاقه روائح التوابل المنبعثة من المطاحن: “لتقدير روعة المدن الجزائرية, ليس عليك الذهاب بعيدا عبر التاريخ”, فبالنسبة إليه, فإن المظاهر اليومية لهذه المدن كفيلة بجعلك تعيش هذا الشعور عن قرب.

وبتيمقاد “المكان الأكثر سحرا”, أين سار على طريق حجري شيد قبل 2000 عام, وقف ضيف الجزائر على أطلال تعود إلى نحو القرن الأول, تشكل ما تبقى من حضارة مزدهرة كانت تابعة للامبراطورية الرومانية, تنوعت بين فسيفساء تحكي يوميات و أساطير هذه المدينة.

وبعد اسبوع من الترحال على الشريط الساحلي, تحول تفكير ويسماير إلى قناعة مفادها أن ما رآه “أصغر من خدش على مساحة هذا الفضاء الكبير المتوقع بين تونس و المغرب و امتداد لا متناهي يجمع بين السهول و الهضاب و الكثبان الرملية بالجنوب, كفيلة باسقاط دموع الفرح لمستكشف من حرب النجوم”.

واختتم مقاله بحديث جمعه بدليله السياحي عمر: “لم تكن لدي أدنى فكرة عما سأجده هنا “و هو ما ولد لديه شعورا بأن “صناعة السياحة عليها أن تأخذ بعين الاعتبار” الثراء الذي تزخر به الجزائر في هذا المجال.

يذكر أن هنري ويسماير كاتب صحفي مستقل مقيم بلندن.

أجرى روبورتاجات في العديد من البلدان, نشرت في عدة صحف ومجلات عالمية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!