-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

يحملونهن وزر الطلاق.. أولياء ينصرون من طلقوا بناتهم

فاروق كداش
  • 2498
  • 0
يحملونهن وزر الطلاق.. أولياء ينصرون من طلقوا بناتهم

الألم قد يكون مضاعفا، حين تمر بمحنة ولا تجد الأقربين بجانبك، بل بجانب العدو.. وهذا ليس تطبيقا للمثل القائل: “اجعل عدوك قريبا منك”، كي تتقي شره. هذا الأمر قد ينطبق على المطلقة التي، بالإضافة إلى محنة الطلاق، تجد نفسها ضحية نيران صديقة من أوليائها بأنفسهم، الذين يقفون في الكثير من الأحيان إلى جانب الرجل، الذي “شرد ابنتهم وحرمها من حقوقها”. الشروق العربي، تقف أمام هذه الحالات في زمن لا تنصر فيه المرأة ظالمة أو مظلومة.

الطلاق من أبغض الحلال، لأنه حل لعلاقة غير صحية، علاقة نضبت فيها المشاعر واسودت الضمائر، وضحيتها في الغالب المرأة والأولاد. تجر المطلقة أذيال الخيبة إلى بيت أهلها، وبدل مؤازرتها تتأزم حياتها وتصير فوق حمل البشر، الأم من هنا والأب من هناك ونظرات العرائس والأخوات كسهام قاتلة، وإن لم يكتمل النصاب تتحمل المطلقة لوم عائلتها وبأنها السبب في ما حدث، وتتهم بمآسي الدنيا كلها. ما يحز في قلبها أن تجد والديها يتوددون إلى طليقها ويتحدثون معه في الهاتف، وحين يأتي لرؤية الأولاد يستقبلونه استقبالا حافلا، لأنه في نظريتهم العقيمة هو مجرد ضحية لابنتهم التي أذاقته الويلات في حياتهما الزوجية.

لفهم الموضوع أكثر، ليس هناك أفضل من سرد بعض القصص الواقعية، مثل قصة سارة، التي تطلقت بعد عشر 10 سنوات أمضتها مع زوج يمارس الخيانة بقدر ما يجيد الكذب، وبعد صبر طويل لاذت بـأبغض الحلال. هذا القرار قوبل باستماتة من طرف عائلتها، خاصة والدها الذي ورغم كل ما اعترفت به لم يصدقها أو استسهل أفعال زوجها، لأنه رجل مثله ولديه متطلبات قد لا توفرها لها ابنته، بحسب نظرته الماتشية للزواج. بعد إتمام إجراءات الطلاق، لم يعد

والدها وأمها يكلمانها، بل وتحدياها بعدم قطع علاقتهما بطليقها، الابن الذي لم يلداه، خاصة وأنه كان يدللهما بالهدايا لتغطية أفعاله الدونية، وكلما سألتهما أن يكفا عن ملاطفته يشتمانها بالمطلقة، وبأنها هي من سعى إلى خراب بيتها بشكوكها، وبأن الرجل مهما تاه عن بيته مصيره العودة لا محالة.

الحكاية تقريبا نفسها، عاشتها مهدية، بعد طلاق صعب للغاية تقول: أنا مطلقة وعندي بنت صغيرة، منذ طلاقي والداي لا يكلفان نفسهما عناء مواساتي، بل يفضلان مواساة طليقي، على أساس أنه ملاك لا يؤذي أحدا، لقد قاسيت معه الأمرين.. كان يسبني ويسب عائلتي التي تحبه أكثر مني، وكان بخيلا للغاية وأحيانا يضربني ويوبخني أمام أمه وأخواته لإذلالي ولإرضائهن، صبرت بما فيه الكفاية، إلا أنه لا شيء تغير، أضف إلى كل هذه المعاناة، أنه يحدث البنات على الفايسبوك ويعاقر الخمر بين الفينة والفينة. كل هذه التصرفات المشينة، لم تشفع لي.. فقد كنت أنا الجلاد وهو الضحية. وتستطرد قائلة: “أشعر بأني أظلم ابنتي بإبقائها في بيت أبي، لأنه لا يحبها ولا يعطف عليها ولو بشق حبة حلوى، أما أمي، فتظهر لها أنها تحب بنات أخواتي المتزوجات وتدللهن أيما دلال. في مرات عدة، تطلب ابنتي مني أن نخرج من هذا البيت البائس وأن نؤجر غرفة بعيدا عنهم، هل تتصورون أن تقول طفلة هذا الكلام وهي لم تتجاوز السابعة”.

سألنا بعض النساء عن رأيهن في هذه الحالات، لإدراك حجم التضامن النسوي، فقالت نسرين: “أظن أن هناك فئتين في هذه الدنيا لا حظ لهما، المطلقة والزوالي، المرأة بلا زوج تنكسر ويعبث بمشاعرها القريب قبل البعيد”. وسام، ترى الأمر بمنظور أقل سوداوية: “الطلاق ليس دائما جحيما، وليس دائما تجربة فاشلة، قد يحدث الطلاق لأنك تستحقين حياة أفضل بلا تعاسة وبلا ذل أو مع زوج آخر يقدرك حق قدرك”. صابرينة، تشعر بوخز الضمير حين سألتها: “لما تطلقت أختي الكبرى الجميع لامها، وأنا من بينهم، كنت أعتقد أن زوجها طيب وزوالي، وهي التي لم ترض بنصيبها، خاصة أنها كانت تعاني من مشاكل في الحمل، وكنت أعاملها بجفاء، لأنها جاءت تشاطرني غرفتي وملابسي، أما والدي، فقد كان يلتقي بطليقها ويشتمها في حضوره”. وتردف: “اكتشفت أن زوجها رجل سيئ وكان يطلب منها أن تستلف النقود من أهلي وكانت تفعل، لكنه لم يرد دينارا منها، وكان يهددها بالطلاق على أتفه الأسباب وينعتها بالعاقر، بالإضافة إلى تعامله بالحرام في عمله، الشيء الذي لم يكن يطاق بالنسبة إلى أختي.. ولأنها امرأة صالحة عوضها الله برجل صالح مثلها، وأنجبت ولدا وبنتا، وهي الآن تعيش في بيتها في ستر وسعادة، أما طليقها، فلم تتغير حاله، ورغم زواجه لم ينجب إلى حد الساعة، بينما دخل بكرها المتوسطة”.

دور الوالدين والعائلة قد يكون محوريا في لملمة جراح ابنتهم المطلقة غصبا عنها، بدل الوقوف مع طليقها ونصرته وإن كان على حق، ما قد يزيدها حزنا وألما، على العائلة برمتها مساعدتها في تخطي المحنة وبناء أمل جديد، ومتفلسفون قد يقولون لك إن الدنيا سجال يوم لك ويوم عليك والزواج عملية يانصيب، قد تخسرك وقد تجني من ورائها حوائج الدنيا وأمور الآخرة. فرفقا بالقوارير.. فما بالك إن كن قطعة منكم.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!