-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
بسبب اتباعهم لمعالجين مجهولين.. مختصون يحذرون:

آلاف المرضى ضحايا التوقف العشوائي عن العلاج

نادية سليماني
  • 1522
  • 0
آلاف المرضى ضحايا التوقف العشوائي عن العلاج
أرشيف

يعرف مُجتمعنا، انتشارا لافتا لأطبّاء ومعالجين مجهولين، والخطير أنّهم يُوجّهون بعض المُصابين بالأمراض المزمنة للتوقف عن أخذ دوائهم، بحجّة خضوعهم للعلاجات الطبيعية والتداوي الذّاتي، وهي ظاهرة خطيرة يُحذّر منها الأطباء، بعد ما تدهورت الحالة الصحية لبعض المرضى، ومنهم مصابون بالسّرطان.
كثيرة هي قنوات “اليوتيوب” وصفحات الفايسبوك والعيادات المجهولة، المُختصة في نشر نصائح ومعلومات طبية، وأخرى مُختصة في العلاج الطبيعي، والإشكال في الموضوع، أنّ أصحاب هذه الصفحات والعيادات غير المصرح بها أو تنشط تحت تسميات مختلفة، مجهولون، فلا هم بأطبّاء ولا خضعوا لتكوينات، بل مجرد أفراد عاديّين، يحاولون كسب مشاهدات ومُتابعين وأموالا على حساب صحّة المواطنين.
ومن أكثر الصفحات التي تشهد اقبالا من الجزائريين، الصفحات المختصة في بيع المكملات الغذائية، والتي تعالج حسبهم كلّ الأمراض حتى السّرطان والسكري، والخطير أن هذه الصفحات تضع صور أطباء معروفين بطريقة احتيالية، لكسب ثقة رواد الإنترنت. وفي صفحات الرقية، يخلط أصحابها بين الرقية الشرعية والشعوذة، والأخطر أنهم يعالجون أصحاب أمراض مزمنة، وينصحونهم بتوقيف الدواء.
وفي هذا الشأن، أكدت عائلة أن أحد الرقاة نصحهم بتوقيف علاج ابنهم المصاب بالتوحد وفرط الحركة عند مختص نفساني، مقابل أن يعالجه بطريقة شعبية، والمتمثلة في طلي كامل رأسه بالطين، والنتيجة أن حالة الطفل تدهورت أكثر، ومعالجون طبيعيون ينصحون المصابين بأمراض الخلعة واضطراب الهلع، بعدم التوجه نحو المختصين والابتعاد عن الدواء، مقابل علاجهم بالكي بالنار، وآخرون يوهمون بأنهم مسحورون، رغم أن “الخلعة” مرض نفسي عصبي، سببه تعرض الشخص لصدمة قوية، تسبب له اضطرابا في النواقل العصبية مع نقص في هرمونات مُعيّنة، ولابد له من دواء طبي لإعادة توازن الهرمونات في جسده.

انتشر السرطان بعد ما أوقفت المريضة دواءها
ومن أخطر من سمعناه، هو توقّف مريضة بسرطان الثدي، عن تناول دوائها، بعد ما وصف لها بائع أعشاب خلطات غريبة ونصحها بتوقيف دواء السرطان، والنتيجة تغلغل السرطان في كامل جسدها.
ومعظم الحالات النفسية المتدهورة، والتي استقبلها الأطباء النفسانيون في عياداتهم، تعود لأشخاص مصابين باضطرابات نفسية وكانوا يعالجون لدى أشباه رقاة ومشعوذين، ما تسبب في تدهور حالتهم العقلية والنفسية بشكل كبير.
وذكر المختص في الأمراض النفسية، حسام زرمان لـ”الشروق”، بأن الإنسان المريض، وخاصة من لا يملك ثقافة ولا نظرة منطقية وعلمية، يبحث دائما على خيط أمل لعلاجه بطريقة طبيعية بعيدا عن الدواء، فيلجأ إلى أشخاص يعالجون طبيعيا وبالخصوص من يدخلون القرآن في العلاج لكسب ثقة المرضى أكثر.

رُقاة يستعملون جلسات العلاج النفسي والعقلي
والخطير، حسبه، أن كثيرا من الرقاة والمشعوذين وأصحاب الطب البديل، اصبحوا يستخدمون كل التخصصات الطبية في جلساتهم العلاجية في غياب الرقابة، فمثلا نجد راق يعالج مريضا بإخضاعه لجلسات علاج عقلية مأخوذة من اختصاص الطب العقلي، ربما شاهدها على يوتيوب. ويمنحون خلطات مجهولة وأعشاب خطيرة على جسم الإنسان.
زيادة على غرسهم “مشوهات فكرية” في عقول الأشخاص، من قبيل أنه مسحور، أو مسه جني وهنا يدخل المريض في دوامة وسواس وشك كبيرين، وتتدهور حالته النفسية والعقلية أكثر.
وحذر زرمان الجزائريين، من الدخول لبعض قنوات اليوتيوب والتي تزرع الوهم والرعب في النفوس، وهذه القنوات تحمل عناوين جاذبة على غرار “أربع علامات تدل أنك مسحور من أسرتك وأقاربك، هذه العلامات اذا شعرت بها فإن الجن متلبسك..!”.

راق يثقب طبلة أذن مريض..!
وسرد علينا المتحدث بعض الحالات لأشخاص عالجهم في عيادته بعد تدهور وضعيتهم لدى المشعوذين وأشباه الرقاة.. أولها شخص كان يعاني من مشكلة نفسية تتمثل في وسواس الخوف والشعور بطنين في الأذن، عندما قصد الرّاقي، اخبره الأخير بأنه مُتلبّس من جني يسكن في أذنه.. المريض ولطرد الجني، قام بتشغيل مكبر صوت بسور البقرة ووضعه مباشرة في أذنه، والنتيجة تعرض طبلة أذنه للثقب، بعد ما عاينه مختص في جراحة الأذن. رغم أن طنين الأذن، لديه العديد من الأسباب العضوية.

مريضة نفسية تعرضت للصّعق بالكهرباء
وسرد لنا ذات المتحدث حالة أخرى، لسيدة كانت تعاني من نوبات الهلع، تعرّضت لضرب شديد ومبرح بعصا من راق “أعمى”، لدرجة أنه صعقها بالكهرباء، وأخبرتني المريضة بأنها شاهدت شرارة الكهرباء تمرّ أمام عينيها.. وعندما توسّلت الراقي ليتوقف لأنها ستموت من الضرب، رد عليها “الروح من أمر ربي، واذا مُتّي فهذا نصيبك وقدرك..!”.
ومريض نفسي، طالبه الراقي بمبلغ 16 ألف دج، ليخرج الجني الإنجليزي من جسده. رغم أن هذا المريض كان يتكلم كلمات انجليزية عشوائية وبسيطة، ربما حفظها من مسلسلات أجنبية، ومع ذلك أقنعه الراقي بتلبسه من جني انجليزي.

مريض نفسي يعالج الأشخاص باليوتيوب..!
ومن الأمور الخطيرة، هو تحوّل أشخاص كانوا مرضى سابقا الى مُعالجين، بعد ما أخذوا طريقة العلاج من أطبائهم المعالجين، وذكر لنا زرمان حالة شاب كان يعاني من اكتئاب شديد، وبعد عدّة جلسات علاجيّة بالعيادة النفسية تحسنت حالته كثيرا، وأضاف “مرة كنت أتصفح اليوتيوب لأتفاجأ بهذا الشاب والذي لا يملك حتى شهادة البكالوريا، يقدم نصائح نفسية وعلاجات لمتتبعيه والذين كانوا بالآلاف، والأكثر غرابة أن بعض النساء كانت تطرحه عليه أسئلة دقيقة حول حياتهن الزوجية، وهو يجيبهن بكل ثقة..!”.
واستغرب محدثنا لثقة كثير من الجزائريين، في أشخاص مجهولين، بل ويسردون عليهم أسرار حياتهم الشخصية.

حذار من التوقف العشوائي عن أخذ الدواء
ومن جهته، اعتبر المختص في الأمراض النفسية والبسيكو جسمانية، كمال بن روان، بأن كثيرا من من المنتحلين لصفة طبيب، يوقفون الدواء لمريض يعاني من مرض مزمن، بعد ما يعدونه بتحسن حالته بعد أشهر، لكن حالة المريض تسوء يوما بعد آخر، والنتيجة أن المريض يصبح في حالة يرثى لها وربما يحتاج لدخول المستشفى.
وناشد هذه الفئة قائلا “مراكز العناية بالبشرة ومعاهد الاستشارات والتجميل، والوخز بالإبر والعلاج بسّم ّوالنحل والتدليك والرقاة وبائعي الأعشاب.. خافوا الله في المرضى وخافوا على أنفسكم يوم لا يشفع لكم غياب الرقابة. لا توهموا المرضى وتأكلوا أموالهم بالباطل.. فقهر الألم والمرض يكفيهم”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!