الرأي

آه لو تعلم ألمانيا؟

ح.م
جمال ولد عباس

السيد جمال ولد عباس، زعيم الحزب الحاكم في البلاد، الذي سيحتفل في فيفري القادم بعيد ميلاده الخامس والثمانين، قال بأن الرئيسة الألمانية “أنجيلا ميركل” المولودة سنة 1954، درست معه، لأجل ذلك يظهر كلامه “منطقيا” و”سليما”، ولا نعلم إن كان قد درس معها، وهو الذي يكبرها بربع قرن، في دار الحضانة أم في الجامعة، والسيد محمد بن حمو الذي أعطى لحزبه اسما على غير مسمى، أي “الكرامة”، قال بأن ترشحه للرئاسيات في انتخابات 2014، كان من أجل تدعيم الرئيس المترشح عبد العزيز بوتفليقة، وهو ما أذهل صحافيا ألمانيا- حسب قول بن حمو- فسأله عن تفسير ظاهرة الترشح، لدعم مترشح آخر، على شاكلة “أرنب” سباقات العدو متوسطة المسافة، فكان ردّ السيد بن حمو صادما للصحافي ولنا: “بعد عشرين سنة سيفهم الألمان هذه المعادلة السياسية المتطوّرة”. والسيد عبد المالك بوضياف وزير الصحة السابق، قال بأن النموذج الصحي في الجزائر لا يختلف عن النموذج الصحي الألماني، الذي منح ألمانيا عشرين مرة جائزة نوبل في الطب أولها من نصيب الدكتور إيميل أدولف في سنة 2001 وآخرها على يد الباحث شيكمان توماس في سنة 2013، وهي جائزة لا “يعترف” بها وزير التعليم العالي الحالي السيد الطاهر حجار. ووزيرة التربية والتعليم السيدة نورية بن غبريط قارنت مرة الإصلاحات التربوية التي تشهدها الجزائر في عهدها، بالإصلاحات التربوية في ألمانيا التي جعلتها نموذجا يقتدى به في الولايات المتحدة الأمريكية واليابان.
لا أفهم لماذا يقحم بعض الساسة عندنا، ألمانيا، في حديثهم أو “ثرثرتهم” من دون مناسبة، بين من أقعد رئيستها في حجرة الدراسة مع التلميذ ولد عباس، وبين من ضرب موعدا بعد عشرين سنة لصحافي ألماني ليفهم الخطط السياسية التي حوّلت المعارضة في الجزائر إلى موالاة، ولا أفهم لماذا رفع هؤلاء رؤوسهم إلى حيث وصلت ألمانيا التي صاحت وتصيح دائما: “أيها الناس ارتقوا.. فإن القاع قد ازدحم”، لا أفهم لماذا يريد هؤلاء توريطنا مع بلاد لا تغرب عنها شمس العلم والتحضر في الحياة العامة، والسياسية على وجه الخصوص؟
كنت مع مجموعة من الصحافيين في باريس في خريف 2012 وتابعت السيد بن حمو وهو يقول بعظمة لسانه: “أنا فخور بحملي الجنسية الفرنسية”، ووعد السيد عبد المالك بوضياف عندما كان وزيرا للصحة ببعث مشروع المستشفيات العملاقة وراهن على الشركات الفرنسية لإنجازها، إيمانا منه بأنهم الأحسن عالميا، وتستعين السيدة بن غبريط بعدد من المختصين المتخرجين من الكليات الفرنسية لأجل مساعدتها في “ثورتها” التربوية، وعندما يريدون تحدّي العالم، لا يذكرون فرنسا، ويقحمون ألمانيا كنموذج للبلد الذي تذهله الجزائر، التي فازت على ألمانيا سنة 1982 في مباراة وحيدة يحفظ أدق تفاصيلها الجزائريون عن ظهر قلب، وينساها الألمان، الذين وصلوا في تلك الدورة في إسبانيا إلى الدور النهائي، برغم خسارتهم أمام الجزائر، وغادرت الجزائر المونديال من الدور الأول، برغم فوزها على ألمانيا، ثم وصلت ألمانيا إلى النهائي بعد ذلك في مناسبتين في 1986 و2002 وفازت بكأس العالم في 1990 و2014.
هناك مثل ألماني يقول: “الأفعال تتكلم أكثر من الكلمات”، والفيلسوف الألماني أرنست فيرستل يقول: “العقول المتحجرة تتمتع مقابل العقول المفكرة بالوفرة من الناحية العددية فقط”!!

مقالات ذات صلة