أبي منعني من الصلاة وارتداء الحجاب!
في الوقت الذي يزداد فيه الاقبال على الحجاب الشرعي و”غير” الشرعي، لايزال بعض الآباء الجزائريين يلوحون بعصا غليظة لبناتهم الراغبات في ارتداء الحجاب لأسباب ودوافع يقع معظمها في خانة “عذر أقبح من ذنب”، فيما لا يكلف آباء آخرون أنفسهم عناء ” تأليف” أعذار “ثقيلة” أو ” قابلة للهضم” طالما أن علاقتهم بالدين لا تعدو أن تكون مجرد “جينات” ورثوها عن أجدادهم، وهو ما يعرف ب “الاسلام بالوراثة “.
“أبي منعني من الحجاب و الصلاة معا”
” نادية م” هي فتاة في بداية العشرينات، على قدر كبير من الجمال، تنحدر من أصول قبائلية، حينما التقيناها كانت ترتدي الجلباب وتواظب على الصلاة في المسجد، في الوقت الذي كانت فيه أخواتها اللواتي يكبرنها سنا متبرجات، “و لم يركعن ركعة واحدة لله في حياتهن” هكذا تقول “نادية” التي أخبرتنا أنها كانت قبل سنوات شبه مسترجلة، فكل ثيابها عبارة عن سراويل وقمصان، ولكن حدث و أن تعرّف شقيقها الأكبر الذي تربطها به علاقة طيبة على مجموعة من شباب الصحوة الاسلامية، فأقنعوه بالكثيرمن الأمور الشرعية التي لم يكن يسمع عنها في محيطه، فانقلبت حياته على نحو لفت إليه الانتباه، وألّب عليه أباه الذي استغرب هذا التحول”الخطير” في حياة ابنه الذي أقنع أخته “نادية” بضرورة الالتزام بالحجاب الشرعي والمواظبة على الصلاة وربط علاقة صداقة مع فتيات يواظبن على الصلاة في المسجد لتتوطد علاقتها بالله، ونفّذّت محدثتنا ما طلبه منها أخوها، فصارت كثيرة التردد على أحد المساجد المعروفة في سطيف، شديدة الحفاظ على حدود الله وهو ما جعل والدها الذي كان يعتبرها طفلته الصغيرة المدلّلة ينقلب عليها ويقطع عنها المصروف ويضغط عليها لنزع الحجاب، ووصل به الامر إلى أنه وقف ذات مرة أمامها وهي تصلي، وقال لها “صلي لي أنا”، ومع ذلك ظلت متمسكة بحجابها وصلاتها.
ويصل الأمر ببعض الآباء والأمهات إلى تهديد بناتهن بحبسهن في البيت، ومنعهن من الخروج ومقابلة الناس إذا ارتدين الحجاب، ومن بين هؤلاء منال التي قرّرت أن ترتدي الحجاب، بعد أن أقنعها به شاب أبدى رغبته في أن يتقدم لخطبتها بعد أن تقدم على هذه الخطوة، و لكن والدتها هدّدتها إذا ارتدته أن تنزعه لها في الطريق وأمام الناس لأنها تكره الحجاب الذي تعتبره رمزا للتخلف.
عقدة الأحزاب الإسلامية
وتقول ” يسمين” التي تخلّصت من قيود والدها بعد الزواج، أنها قرّرت أن ترتدي الحجاب مثل كل فتيات الاقارب، ولكن والدها منعها من ذلك، لأنه كان يرى في الحجاب إعلاء لشأن الأحزاب الإسلامية التي اشتدّ عودها في الجزائر قبل سنوات، هذه الأحزاب التي يضمر لها الحقد، لأنها في نظره هي المسؤولة عن تدهور الوضع الأمني في الجزائر والزج بها في مستنقع الارهاب في بداية التسعينات، على الرغم من أنه منعها من استكمال دراستها في الثانوية، وضرب عليها حصارا في البيت لكونه ينتمي إلى أسرة محافظة، ولكنها بعد الزواج استطاعت أن تنفّذ رغبتها.
وحول هذا الموضوع أيضا، تقول سهام إن والدها ليست لديه مشكلة مع الحجاب، و لكنه “ضد أن ألبسه اليوم و أنزعه حين أملّ منه”، و لذلك حينما ذهبت لاستقباله في المطار عند عودته من الحج وقد كانت تضع خمارا على رأسها قال لها بلهجة المعاتب:” لماذا وضعت الخمار فوق رأسك، ألم أتتركك بدون حجاب؟ “، وأضاف: “لا أريديك أن تلبسيه اليوم بمناسة الحج و تخلعيه غدا”.
أعذار مختلفة
ليس كل الآباء الذين يمنعون بناتهم من ارتداء الحجاب يشتركون في دوافع واحدة، فبعضهم لايرى مانعا من ارتداء ابنته الحجاب، و لكن ليس قبل أن تقتنع به أشد الاقتناع، وقد يحتاج هذا الاقتناع إلى سنوات طويلة تكون فيه الفتاة قد استهلكت سنوات طويلة من عمرها في التبرج الذي يقع وزره عليها و على من آزرها عليه، وهناك من يمنع ابنته من ارتداء الحجاب بدعوى أنها مازالت صغيرة على أن “تخنق” أنفاسها بخمار، وتغطي جمالها بقطعة ” قماش”، ولكن أكثر الآباء ظلما للحجاب و للشرع معا، هم الذين يمنعون بناتهم من ارتدائه بحجة أنه امتداد “للأصولية”، و “التطرف”، وعنوان “للتخلف”و”الرجعية” المقيتة وما إلى ذلك من المصطلحات التي يروج لها أعداء الاسلام.