-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
أقواس

أدباء‭ ‬الحداثة‮ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬قبائل‭ ‬كُليب‮ ‬وداحس‮ ‬والغبراء

أمين الزاوي
  • 6209
  • 17
أدباء‭ ‬الحداثة‮ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬قبائل‭ ‬كُليب‮ ‬وداحس‮ ‬والغبراء

في الوقت الذي أصبحت فيه الدولة الجزائرية المعاصرة سخية على الطريق السيًار (الأتوروت) شرق ـ غرب وعلى مصانع تحلية ماء البحر، ومحو ديون الفلاحين، أصبحت الدولة، ولأول مرة في تاريخ الجزائر المستقلة، سخية على الثقافة، على الشأن الثقافي، أو كما كان يقول القدامى: اليد بيضاء وممدودة، فها هي شآبيب الرحمة تصبّ من أنابيب آبار بترول حاسي مسعود على خشبات المسرح وبيليكولات السينما وبين دفتي الكتب وفي شوارع المهرجانات الثقافية بكل الصفات اللصيقة بها: المحلية والوطنية والدولية.

  • في هذا الزمن الماطر والممطر والبقرة السمينة الحلوب في مراعي الخصيبة من الرمال الذهبية، البقرة غير العجفاء، في هذا الوقت إذا كانت الثقافة ترضع من ضرع سخي ففي المقابل يبدو مشهد المثقفين الجزائريين كئيبا ومتشنجا ومتوترا ومضيعا البوصلة. وكأن المال يجنّن ويضيع الاتجاه الصحيح ويفسد عطر الحبر الصادق للحرف الصامد‭.‬
  • في الوقت الذي أصبحت فيه الدولة الجزائرية سخية، كريمة كرم الحاتمي على الثقافة، فتصب أسطورة حاسي مسعود ذهبها الأسود في دور الثقافة ودور النشر ودور السينما ودور المتاحف، وأنا سعيد لهذا “الصب”، وأطالب بأكثر منه، ومثلي كثير من المثقفين والكتاب والأدباء، و كأني بأنبوب البترول أو الغاز هذا، الذي من المفروض أن يصب في الجهة الأخرى للمتوسط، كأني به قد ضيع مجراه فتم تحويله إلى وجهة أخرى تسمى وجهة الثقافة أو جهة الثقافة، وأنا سعيد لهذا التحويل ولو كان من باب الخطإ أو القرصنة أو التهريب، ولكني، وفي الوقت نفسه، حزين لحال المبدعين والكتاب وقد تفرقوا شذر مذر، كما يقول القدامى، ونحن في هذه البحبوحة المباركة، حين أقرأ حكاية راقصين وراقصات الباليه “الوطني” الذين اغتنموا، بل تصيّدوا، أول خرجة لهم للاحتفال بأعياد “ثورة نوفمبر المباركة”، وما أدراك ما رمزية أول نوفمبر، في مونتريال بكندا، كي يمزّقوا بطاقة العودة ويطالبوا سلطات هذا البلد بمنحهم حق اللجوء السياسي أو الفني أو الثقافي أو سمّه ما شئت. لم يحدث مثل هذا الأمر حتى أيام حكم الرئيس هواري بومدين الذي كان متشدّدا والذي أغلق علينا أبواب الجزائر أرضا وسماء وماء، أغلقها على رؤوس العباد، لم يحدث هذا حتى أيام قيادة المرحوم محمد شريف مساعدية للحزب الواحد وإصداره المادة 120 الشهيرة، يحدث هذا الآن في زمن التعدد الحزبي و”تشراك الفم” والمال الكثير، يحدث هذا بعد أن سكت رصاص الإرهاب، والحمد لله، وسكتت الخطب النارية التي لطالما هطلت من المنابر المسجدية ومنابر البارات أيضا، والحمد لله، يحدث هذا بعد أن بدأنا نتلمس طريق المعافاة السياسية قليلا قليلا. حال الراقصين والراقصات الذين أعرف بعضهم جيّدا، ذكرني بحادثة كان قد كتب عنها الصحافي القدير سعد بوعقبة عقب انتهاء المهرجان الثقافي الإفريقي الثاني الذي انعقد بالجزائر بمناسبة أعياد الاستقلال 5 يوليوز من السنة الفارطة، بعد غياب دام أربعين سنة، ذكرني هذا الحال بمقال كتبه بوعقبة عن هروب عدد كبير من “الفنانين” الإفريقيين، أو من جاءوا للمشاركة تحت يافطة الفن والثقافة وهم أبعد ما يكون عن ذلك، إذ، والكلام هنا على عهدة سعد بوعقبة: فور انتهاء فعاليات و”فاعليات” و”فواعل” المهرجان المذكور اختفت مجموعة كبيرة تقدر بالآلاف من أمام عين الرقيب، اختفوا، ضاعوا في طبيعة الجزائر الواسعة، اختفوا بحثا عن سبيل مائي أو سمائي للوصول إلى الجهة الأخرى من المتوسط، كان الاستنكار كبيرا لهذا التصرف غير الحضاري والذي لا يشرف الثقافة والفن، ولكن ها هم راقصونا من “الباليه الوطني” يبلون “البلاء” أو الأصح “البلية” فيمارسون نفس “الهربة” بمجرد أن أتيحت لهم الفرصة أو الخرجة. أتصوّر هؤلاء الشباب في غرفهم بالفنادق، أتصورهم خائفين كالفئران، وأقول: أنا لست ضد أن يقيم فنان في أيّ أرض يرى فيها ما قد يقدم له لكي ينجح في إسعاد العالم بفنّه وبالتالي إسعاد ذاته وتحقيق احترافية عالية، لكن لماذا مثل هذا التصرف وقد انفرج الوضع السياسي في بلادنا، وتبدّد الخوف كلية أو كاد، وأصبحت الدولة سخية بمالها على الثقافة، الشيء الذي لم يحدث منذ سنة 1962 ولم يحدث في بلد مجاور أو غير مجاور من بلاد العرب والغرب، فحتى بلدان الخليج لا تصرف على الثقافة بهذا السخاء والأريحية، ومع ذلك يهرب الفنانون من بلاد جعلت الثقافة أولوية في سياستها؟؟؟
  • ومع أن جيراننا ليسوا بأسخياء على الثقافة بقدر سخائنا، جيراننا على حدود الجهة الشرقية أو على حدود الجهة الغربية، ومع ذلك أحزن كثيرا كثيرا حين يهرب من بلادي، نهارا جهارا، مهرجان “موسيقى الراي”، مع أنني لست من هواة هذه الموسيقى، فمدينة وهران هي العاصمة العالمية لهذه الموسيقى بدون منازع، شبابها بالولادة أو بالتبني، هم الذين أوصلوها إلى كل بقاع العالم من اليابان إلى جنوب إفريقيا، ومن الهند إلى أيرلندا، أحزن كثيرا كثيرا حين “تشحن” هذه الموسيقى بمهرجانها وفنانيها من العيار الثقيل على ظهر حمار ليهربوا كما يهرب البنزين على ظهور الحمير المدربة ويحطوا بهم في مدينة وجدة المغربية الحدودية، وتقام الحفلة بكل مقاييسها العالمية ليسجل المهرجان المهرب في طبعته الثانية أزيد من مليونين من الحضور، من مارتين أوبريه زعيمة الحزب الاشتراكي الفرنسي إلى المواطن البسيط. يهرّب هذا الإرث كله إلى مدينة كانت قبل فترة نسيا منسيا، فتتحول هذه المدينة بقدرة قادر إلى عاصمة “الراي”، وهكذا يتحول صيف مدينة وجدة إلى فضاء عالمي لهذه الموسيقى وكالعادة تهرب أغانينا ويهرب منّا فنانونا، الذين وحدهم وبنجوميتهم التي صنعوها رغم المتاعب ورغم التضحيات من دم رفاق لهم (حسني، عزيز، رشيد…)، بفضلهم يرتفع هذا المهرجان سنة بعد أخرى وبطقوس احترافية عالية تكبر مدينة كانت قرية عبور قبل فترة ليست بالبعيدة، ونحن في بلاد السخاء واليد البيضاء على الثقافة نتخاصم عن ما هي المدينة الأهل لتنظيم “مهرجان الراي” وهران أم سيدي بلعباس؟؟ وكأننا مازلنا في زمن قبائل داحس والغبراء وكُليب وكِنده وغيرها، يهرب المهرجان بموسيقاه وفنانيه على ظهر حمار ليعود هذا الحمار في منتصف الليل محملا بكارطونات الويسكي والفياقرا والحشيش، حزين مثلكم على سخاء دولة على الثقافة وهروب المثقفين من هذا السخاء؟؟؟‮ ‬
  • حين تمر قبالة باب اتحاد الكتاب الجزائريين، تجد “المحل” قد تحول إلى مكتبة للبيع، أنا شخصيا لست ضد بيع الكتب حتى ولو كان بطريقة غير شرعية، وكلما افتتح فضاء لبيع الكتب أو للمطالعة إلا وازددت سعادة، وأنا من دعاة رفع يافطة اتحاد الكتاب الجزائريين من على البناية الكائنة بـ88 شارع ديدوش مراد ومنحها بشكل قانوني لصاحب المكتبة حتى يخرج من هذه الوضعية غير القانونية، لكن شريطة ألا يحول المحل لاحقا إلى محل لبيع السلع الصينية، كما حدث مع مكتبات استولى عليها البعض بعد أن أفلست الشركة الوطنية للكتاب أو أفلسوها، وباعوها لاحقا لتحول إلى محلات لبيع الأحذية، حزين أنا إذ أمر قبالة مقر هذا الاتحاد “اتحاد الكتاب الجزائريين” وهو الهيئة التي كانت لها أيام ومحطات، فتجده محتفيا بموته السري، قد لا يعلم البعض على أن أول جائزة أدبية كبرى أعطيت في جزائر الاستقلال كانت من إشراف اتحاد الكتاب الجزائريين، وقد منحت في طبعتها الأولى، كان ذلك سنة 1964، لكل من الشاعرين محمد العيد آل خليفة والشاعر محمد ديب، أحدهما شاعر إصلاحي يكتب بالعربية والثاني شاعر وروائي ماركسي يكتب بالفرنسية، كم هو جميل هذا الزمن الثقافي المتسامح، وقد كان الرئيس أحمد بن بلة أطال الله في عمره هو الذي أمر بصرف الجائزة التي كانت قيمتها آنذاك خمسة آلاف دينار. كان الحلم الثقافي والأدبي كبيرا، وكان الكتّاب كتّابا يؤمنون بالجمال والثورة والتغيير، أما كتّاب اليوم، فقد أصبح لعاب بعض الكتاب يسيل على المناصب عن طريق النصب الثقافي المحترف لرفاق لهم في الحرف والكتابة والكتاب، أما كان حريا أن يتبوأ اتحاد الكتاب موقعه الذي هو من حقه التاريخي والثقافي ونحن في بحبوحة مالية تعيشها الثقافة؟؟؟ سبحان الله الذي عينه تنام على هذه الأرض؟؟
  • حين تموت، أو تغتال، فجأة، ودون سابق إنذار، جائزة المكتبيين الجزائريين وقد كانت حالة ثقافية جميلة وإشارة إيجابية، تغتال الجائزة دون أن يطرح أحد منّا السؤال التالي: لماذا اختفت جائزة المكتبيين الجزائريين؟ لماذا ومن قاد المؤامرة ضد هذه الجائزة التي من المفروض أن تتعزز أكثر فأكثر، تغتال جائزة المكتبيين الجزائريين في الوقت الذي نتحدث فيه عن عودة القراءة وتصالح الجزائري مع الكتاب ومساعدة الدولة للناشرين وبشكل لم يحدث عند جيراننا في الشمال ولا في الجنوب ولا في الشرق ولا في الغرب، مساعدة من سخاء الذهب الأسود لـ”أنبوب‭ ‬حاسي‭ ‬مسعود‮”‬‭ ‬المحول‭ ‬إلى‭ ‬الثقافة،‭ ‬تغتال‭ ‬الجائزة‮ ‬وهي‭ ‬شرف‭ ‬للمكتبي‮ ‬وللكُتاب‭ ‬المبدعين‮ ‬وللكِتاب،‭ ‬أمام‭ ‬هذا،‭ ‬مثلكم،‭ ‬أشعر‭ ‬بالحزن‮ ‬والكآبة‮ ‬ولكني،‭ ‬مثلكم‭ ‬لا‭ ‬أتخلى‭ ‬عن‭ ‬موقع‭ ‬الممانعة‭ ‬لأنها‭ ‬الجزائر‭ ‬العظيمة‭.‬
  • حين يسير مجموعة من الكتاب والأدباء والصحافيين في جنازة “جزائرية الطبعة” made in Algeria، جنازة لم تكن لها في التاريخ القديم أو الحديث طبعة مماثلة في بلد من بلدان الشمال أو الجنوب، عند المسلمين أو النصارى أو اليهود، تسير مجموعة من الكتاب لدفن ميت غريب وعزيز هي “دواوين وأوراق ومخطوطات” الشاعر عادل صياد، ويمشي في الجنازة الشاعر نفسه، ويقام العزاء بحضور أفراد العائلة وتصرّح الأم، أم الشاعر من على واحدة من أكبر القنوات العربية، تصرّح بألمها وحزنها على المصاب الجلل الذي هو “دفن شعر” ابنها عادل، ما أقسى هذه الأيام،‭ ‬فلماذا‮ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬السخاء‭ ‬على‭ ‬الثقافة‭ ‬ينسحب‭ ‬الشعراء‭ ‬من‭ ‬الثقافة‮ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬سيدها‭ ‬الشعر‮ ‬وأمراؤها‭ ‬الشعراء؟؟
  • قبل أيام وصلتني رسالة إلكترونية في شكل نص حاد وقاتل وحزين، أرسلها الروائي المبدع الصديق سمير قسيمي، صاحب رواية “هلابيل” وقبلها “يوم رائع للموت”، مرشح لجائزة البوكر العربية، في هذه الرسالة الفجائعية يقرر الروائي الانتحار الأدبي، يقرر مغادرة الكتابة والقطيعة النهائية مع كل ما له صلة بالأدب والثقافة والمثقفين والأدباء. وأنا أقرأ هذه الرسالة المزلزلة، تذكرت كيف كنا نحن الكتاب الأدباء في نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات، كيف كنا نواجه بحرارة كل الصعاب في النشر والرقابة والمنع والعوز، كنا نضع الكتابة فوق كل شيء فهي لوحة نجاتنا من بحر الرداءة وهي طريقنا إلى الحلم حين كانت تسودّ الأيام، ولم يكن أحد منّا ليتنازل عن حقه في الكتابة؟ أفهم وأتفهّم جيدا حال الروائي المتميز سمير قسيمي على هذا الشعور الفجائعي الدرامي ولكني في الوقت ذاته أقول له أيها المبدع لا تترك الجبهة فارغة إنك من أشجع جنود الكتابة الروائية في هذا البلد الذي باع فيه كثير من الكتاب ألسنتهم إلى القط!! أن ينسحب سمير قسيمي من الكتابة وهو رهان حقيقي في الرواية المكتوبة بالعربية فتلك علامة من علامات تسونامي الجزائر، والله يستر.
  • حين تسير في جنازة الدكتور عبد الله شريط فتجد عدد الماشين فيها لا يتجاوز أصابع اليدين، مع الشكر لوزارة الشئون الدينية والأوقاف التي أنقذت الموقف فأحيت لاحقا أربعينيته، تتساءل: يا ربّي ما سر كل هذه الاستقالات في زمن السخاء والبركات؟. 

 

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
17
  • H.BOUBAKAR

    Je lisais tes articles avec passion tellement qu'ils contenaient la nouveauté dans la vision et la provocation intellectuelle dans le traitement des thèmes. Cette fois ci je suis surpris par la misère du texte malgré le titre farfelu. Bref, l’écrit d'aujourd'hui contient une touche d'allégeance, comme pour dire que tu es un élève prodige et reconnaissable, pas comme les autres. Sorte de montrer une patte blanche, pour passer un message aux hautes a...s leur informant d'être prêt à redresser un secteur en souffrance.....Nous avons besoin d'un Zaoui qui suscite comme d'habitude les critiques, voire même le courroux des sclérosés et des carcans des arts. COMPREHENSIBLEMENT VOTRE.HB

  • al kahina

    je trouve une abscence brutale concernant la notion de culture

  • al kahina

    je trouve une abscence brutale concernant la notion de culture

  • جزائري

    أظن أنك أنت صميدع ، تنشر لنفسك و "بالدوبل" و لاا يعدو الأمر أحد وجهين :
    - إما أن يكون كما ذكرت .
    - الآمر يدخل في نطاق في نطاق الرداءة وهي الصفة التي يتميز بها العربي .

    شكرا يا سي صميدع

  • الشاوي من

    اريد أسماء بعض الكتاب الحقيقيين مثل أمين الزاوي ،
    ولكن لماذا لم تكن بهذا الفكر و الثقافة عندما كنت مديرا للمكتبة الوطنية.

  • بوفاتح سبقاق ....قاص و روائي

    المشهد الثقافي الجزائري يمكن تلخيصه بالنقاط التالية:
    - تهميش تام ومبرمج للأدباء ولكل من يحمل فكرا قد يدفع إلى التغيير.

    - طغيان ثقافة الريع والمواسم والنهب تحت إطار الرعاية السامية.

    - تطور كبير في ثقافة التهريج والتخدير وإعطاء أولوية لكل ما هو شفوي.

    - أصبحت الثقافة في بلادنا مرادفة للفلكور والرقص والغناء الشعبي.

    - تشجيع الفن الهابط والرياضة على حساب الفكر والإبداع.

    - تدني رهيب في المقرؤية وغياب تام لسياسة نشر واضحة.

    - التعيين في المناصب المتعلقة بالهياكل الثقافية مرتبط بالولاءات الحزبية والشخصية وليس هناك أي اعتبار لمعيار الكفاءة أو المسار الإبداعي أو الفكري.

    - تخلي الجهات الثقافية عن دعم رجالات الفكر و إعطاء الأولوية إلى الفن الهابط ودعم وحماية كل من يغني الراي ويجري وراء كرة القدم..

    - التسيب الثقافي والتدمير المبرمج أدى إلى تضييع هوية الشباب الجزائري الذي لم يعد يقرأ و يرى أن لاعب كرة القدم أو مغني الراي قدوته الوحيدة.

    - غياب تام للجوائز الثقافية وليس هناك أي تكريم للإبداع الأدبي.

    - التراجع الرهيب في اللغة العربية التي يتعمدون أن يطلقوا عليها اللغة الوطنية حتى يتسنى لهم القضاء على أي رابط مع العرب، و إعطاء دعم كبير إلى اللغة الفرنسية و التي بحق تعيش أزهى أيامها، دور النشر المفرنسة أصبحت كثيرة جدا وتطبع بالشراكة مع دور النشر الفرنسية ومرحبا بناشري باريس، أما دور النشر العربية فتجد كل العراقيل فهي تنشر الكتب الظلامية حسب رأي الأقلية الساحقة وغير مرحب بها.

    - ما يحدث في المشهد الثقافي الجزائري ما هو إلا الوجه الظاهر من جبل الجليد، هناك أزمة هوية كبيرة تعصف بالبلاد، ثقافة هجينة ولغة غريبة لا هي عربية ولا فرنسية ولا دراجة، حتى على مستوى القنوات الفضائية حيث كان من المفترض إبراز الوجه الناصع للجزائر، هناك صورة ضبابية تلفزيون واحد، قنوات متعددة، قناة فضائية جزائرية تبث باللغة الفرنسية، لفرنسا ومهاجري فرنسا. رسالة واضحة ابقوا كما أنتم، نحن نساعدكم على الحفاظ على لغة فولتير.

    وهناك غلق متعمد أمام كل المثقفين و دكاترة الجامعة، إذ لا يمكن لأحد أن يفكر في تقديم حصة ثقافية جادة، في حين أن هناك حصص عبثية نسخ طبق الأصل مصادق عليها بالتواطؤ من القنوات الفرنسية.

    في ظل الرداءة الشاملة التي تسود الوسط الثقافي وتهميش الهيئات الرسمية للأدباء والمفكرين، ظهرت فئة نخبوية مزيفة ترفع شعار الثقافة والفكر، في حين أنها مجموعة من المرتزقة يجهزون على كل فكر رشيد ويفسحون الطريق أمام أشباه المثقفون، فلا غرابة أن تجد وبشا ثقافيا ينشط حصة ثقافية في قلعة التلفزيون ويستقبل أشباه الشعراء وأشباه الكتاب، حتى يخيل للمتفرج العادي أنه بصدد متابعة المشهد الثقافي، في حين أن المشهد يتعلق بمسرحية مفبركة ومزيفة.

    ونفس الشيء ينطبق على الكثير من الصفحات الأدبية والثقافية أضحت أقلام عابثة تنشر هنا وهناك وتحظى بتغطية إعلامية ومساحات نشر، لأن الأمر يخضع لمنطق الأصحاب أو الشللية كما يطلق عليه في المشرق.

    والملاحظ أن رموز الرداءة الثقافية عبر كل المنابر الإعلامية يتبادلون الأدوار والمهام فيما بينهم، فهذا يكتب خبر عن صدور رواية فلان وبعد غد يكتب عنها صديقه مقال نقدي وفي اليوم الثالث ينشر إعلان تحت مسمى مواعيد ثقافية يتكلم عن بيع بالتوقيع لنفس الرواية، إنهم يعملون بمنطق اخدمني نخدمك.

    أصبحت منذ سنوات أشاهد وأراقب وأتابع فقاعات أدبية ترتقي سلم المجد الوهمي وتحصل على جوائز تطبخ في الكواليس. المؤسف أن هذه النخبة المزيفة تتصور بأنها غير معروفة ولكن كل الأدباء الشرفاء يعرفونهم ويحتقرونهم. عزاء الأدباء الشرفاء الوحيد هو فضاء الانترنت الذي أضحى ملتقى كل المبدعين والمبدعات، المنتديات الأدبية والمواقع الثقافية أصبحت ملاذا آمنا لهم ولسان حالهم يقول للنخبة المزيفة: اشبعوا بصفحاتكم الأدبية والثقافية واستمروا في خدمة أصدقاءكم. منابركم الإعلامية المختلفة المحتكرة لأحبابكم وأصحابكم لن تحجب ضوء الشمس.

  • صميدع

    الذي يقرأ مقالك يظن أنه في ميونيخ أو جنيف..(تقعّد) هنا الجزائر،هل تعتقد أنّ الثقافة في بلد ما تقاس بالنفط؟أو بمستوى إغداق المال عليها؟ صدقت حينما قلت أن الجزائر من أكثر الدول في العالم إنفاقا على التعليم والثقافة؟ لكن هل تعلم تصنيف الجامعة الجزائرية أين؟ هل تعلم مكانة المثقف الجزائري؟ ماذا فعل نفطك لشخصية عالمية مثل شخصية محمد أركون؟ ماذا صنعنا بفكر مالك بن نبي؟ ماذا فعلنا بفلسفة جمعية العلماء في التربية والاصطلاح؟ ما الذي فعلناه لرموزها؟ أنت لا تفرق بين الكم والكيف. ليست المعادلة كم أنفقت ولكن المعادلة ماذا جنيت؟ ليست المعادلة كم مثقفا خرّجت وكم شهادة أعطيت . ولكن المعادلة ما الذي سيفعله مثقف واحد؟ لو كان مثقفا حقا. أدبك يا سيدي ينتمي إلى أدب الكتابة النفطية؟(عد إلى قصيدة نزار قباني).

  • صميدع

    الذي يقرأ مقالك يظن أنه في ميونيخ أو جنيف..(تقعّد) هنا الجزائر،هل تعتقد أنّ الثقافة في بلد ما تقاس بالنفط؟أو بمستوى إغداق المال عليها؟ صدقت حينما قلت أن الجزائر من أكثر الدول في العالم إنفاقا على التعليم والثقافة؟ لكن هل تعلم تصنيف الجامعة الجزائرية أين؟ هل تعلم مكانة المثقف الجزائري؟ ماذا فعل نفطك لشخصية عالمية مثل شخصية محمد أركون؟ ماذا صنعنا بفكر مالك بن نبي؟ ماذا فعلنا بفلسفة جمعية العلماء في التربية والاصطلاح؟ ما الذي فعلناه لرموزها؟ أنت لا تفرق بين الكم والكيف. ليست المعادلة كم أنفقت ولكن المعادلة ماذا جنيت؟ ليست المعادلة كم مثقفا خرّجت وكم شهادة أعطيت . ولكن المعادلة ما الذي سيفعله مثقف واحد؟ لو كان مثقفا حقا. أدبك يا سيدي ينتمي إلى أدب الكتابة النفطية؟(عد إلى قصيدة نزار قباني).

  • خالد

    اسمحلي أن أقول لك إن أسلوبك ممجوج و لا يرقى البتة إلأى أساليب الكبار
    تحية لك واسيني جميل انت بصدقك و بأسلوبك

  • sofia

    و الله العظيم إني أشعر بسعادة كبيرة بحجم السماء حين أقرأ للدكتور أمين الزاوي سواء مقالاته الأسبوعية بالعربية في الشروق أو بالفرنسية في جريدة ليبيرتي، و أعشق صوته في الإذاعة في برنامج "جواهر"
    أتمنى أن أسمعك في برنامج أدبي بالفرنسية
    je suis comme vous une vraie bilingue, bon courage vous êtes notre symbole
    Mr amin zaoui
    Sofia de Mosta

  • Riad benkortbi

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    أستاذي الكريم لقد أعجبني المقال كثيرا, سواء من حيث الموضوع الفكرة وحتى اللغة, ولكن استوقفتني عبارة لا أدري أسقطت منك سهوا أم تعمدتها, وإن كنت تعمدتها فأريد أن أفهم قصدك من ورائها.
    فلقت قلت في نهاية الفقرة الرابعة من المقال "سبحان الله الذي عينه تنام على هذه الأرض؟؟" فما قصدك بهذه المقولة فقط أنبهك حتى وإن لم اكن من مستواك الثقافي والمعرفي أنه استهزاء بالدين والخالق عز وجل, وهو الذي "لا تأخذه سنة ولا نوم".
    أرجوا أن أجد من طرفك سيدي ردا وافيا وشكرا.

  • بدون اسم

    رائع يا فارس الفكر والكلمة رائع مقالك والله
    شكرا شكراشكرا على شجاعتك

  • بدون اسم

    تحية اكبار لك في كل ما خطه يدك لانه معرفة و ثقافة .
    اما الخصومات فاريحونا منها فهي نتنة ونحن نريدكم هواءا نقيا .كفانا تلوثا بيئة ومحيطا.
    يا صاحب الرعشة ان ادبك حقيقة يرعش الوجدان
    وصاحب الامير يجعلك اميراحتى ان كنت حقيرا
    فتساموا يااهل الادب يسمو ادبكم فينا

  • Baki w24

    أسمحلي يا سي امين ان اقول لك ما يلي
    _اي اديب محترم يفضل ألانتحار علي ما تفعله انت
    _ما هذا التناقض تذم الماضي ثم تمجه
    _لا اضن اتتا خسرنا شئ بفقداننا للابن الغير البار الذي ابكاك ذهابه الي وجده
    _ثم الا ترى انك اشبعت القططه وحتي الجردة الهرمة و لم يزعجك ان تنبش في القبور وتتطاول علي الدين
    اين نحن من الأدب و ين هم الأدباء

  • brek

    عندما يفقد المثقف منصبه تتهاوى به الكلمات الى القاع

  • adel

    سيدي أنت متأثر بمحيطك ,الجامعة ,الأساتذة , الكتاب ومختلف
    الفنانبن...فبدا لك أن في هذه البلاد حركة ثقافية , ولكن ما نسبة (بطانتك) من هذا المجتمع العريض ؟
    لمن تريد أن تبيع ثقافتك ؟
    تقافتك كاسدة بسبب مجتمع لا يريدها ولا يعرف لها محلا من الإعراب . وهي غير قابلة للتصدير بسبب وصمة (التايوان ).
    الثقافة هي الإنسان والإنسان هو الثقافة , فهل ترون أن ثمة تركيزا على صناعة الإنسان في هذه البلاد ؟
    لقد كانت لفتة الراي في مقالك رياضية , موحية بما تريد أن نعرفه عنك , و لكن الثابت الذي لا أجادل فيه هو أن الثقافة
    في بلادي ذبحها الراي, وما من شك أنك بطريقة أو بأخرى
    ضحية من ضحايا الراي.

  • ماسينيسا

    ما يميز شعبنا يا دكتور بالرغم من محدودية "أصحاب الشهادات العليا" هي تلك المقولة الصائبة للقدامى (أعطهولي فاهم الله لا قرا)