الرأي

أسئلة مسلم من “العوام” لشيخ السلفية فركوس

حبيب راشدين
  • 16193
  • 35
ح.م

قد علمتُ بعد حين أني كنت من “الضالين” أنا وأهلي وآبائي، وأننا وفق بيان الشيخ فركوس وشيخه المدخلي “لسنا من أهل السنة” التي لا ينتسب إليها “أهلُ الأهواء” وقد جمعهم الشيخ فركوس في فسطاط واحد: من الأشاعرة، إلى الصوفية، والإخوان، وألحقهم بالشيعة والخوارج ومن تصفهم السلفية بـ”الفرق الضالة”.
البيان المنسوب إلى الشيخ فركوس شملني كما شمل ملايين المسلمين في هذا البلد بتهمة اقصائية، هي المرحلة الأولى التي تسبق الإفتاء بالتكفير بادِّعاء أن الأشاعرة، والصوفية، والإخوان هم من “أهل الأهواء” لا ينتسبون إلى “أهل السنة” ولو أنه اكتفى بالقول إنهم لا ينتسبون إلى “السلفية” لكان صادقا، ولما حقَّ لأحدٍ أن يراجعه.
بيت القصيد في البيان الصادر عن الشيخ فركوس، أنه خلط بين ثلاثة كيانات مختلفة يعمل كل واحد منها في حقل خاص: مذهب فكري أصولي يطال اختصاصه علم التوحيد وهو مذهب الأشاعرة، والصوفية التي لم تدع للخوض في الفقه، يتعبَّد أتباعها بواحد من المذاهب الفقهية الإسلامية، والإخوان وهم كيانٌ سياسي فكري، لم يتعصَّب لمذهبٍ فقهي بعينه، والخوارج الذين خرجوا من رحم فتنة سياسية صرفة بين المسلمين.
أغلب من يصفون أنفسهم بـ”السلفية” يحتجون بما حصل من سجال بين شيخ الإسلام ابن تيمية وعلماء التوحيد الأشاعرة، وقد تنابز بعضهم بالألقاب في جدال عقيم حول أسماء الله الحسنى بعد أن أنزلوها منزلة الصفات القابلة للتأويل بعيدا عن أحكام الآية 7 من آل عمران، فسقط بعضهم في التأويل المضلِّل لمعنى الاستواء على العرش، ولمعاني أسماء الله الحسنى.
وفي الجملة، فإن السجال الذي دار بين ابن تيمية وبعض الأصوليين الأشاعرة كان على مستوى عال من العلم واحترام العقل، ولم يُنقل عن أحدٍ منهم أنه كفَّر مسلما بعينه، ولم يُبدِّعوا سوى من أراد ابتداع مضاف إلى الدين ما أنزل الله به من سلطان، فما هي مآخذ سلفية آخر الزمن على مخالفيهم ممن ذكرهم بيانُ الشيخ فركوس؟
أذكِّر إخواني المسلمين “السلفية” أن الأصوليين الأشاعرة لم يبتدعوا للمسلمين دينا جديدا، وقد اجتهدوا في بيان أصول التوحيد الصرف، فكان لهم ما يكون للمجتهد: أصابوا وأخطأوا مثلما أصاب المعتزلة وأخطأوا، وكلٌّ كان اجتهاده خالصا لوجه الله، إنما يريد التنزيه ليس إلا، ومثلهم فعل الإخوان في حقل السياسة، ولهم اجتهاداتهم التي لا تُخرجهم من الملة، سواء أصابوا أو أخطأوا، وكذلك فعل الصوفية، وقد علمنا منهم قادة عظاما قادوا المسلمين في معارك أعلت راية الإسلام: من العز بن عبد السلام في وجه التتار، إلى الأمير عبد القادر والشيخ بوعمامة والمقراني والشيخ الحداد، ولهم نظراء كثر في بلاد المشرق الإسلامي.
المسلم العامي مثلي، قد يسأل الشيخ فركوس وأحبابه من السلفية المدخلية عن الدور الذي لعبته السلفية في تحرير المسلمين من الاستعمار قديما وحديثا؟ ثم ما بالها لا تلتفت إلى الدولة حامية المذهب الوهابي السلفي وقد وضعت يدها في أيادي القوى النصرانية التي لا تخفي عداوتها للمسلمين؟

مقالات ذات صلة